ولدت أمّ كلثوم في 31 ديسمبر/كانون الأوّل في قرية صغيرة بمحافظة الدقهلية. وقد اختلف المؤرّخون حول السنة الدقيقة لميلادها، فمنهم من يقول إنّها ولدت في عام 1898، ومنهم من يرى أنّها ولدت بين عامي 1904 و1908، غير أنّ المتفق عليه هو أنّ اسمها الحقيقي فاطمة إبراهيم البلتاجي، وكان والدها إمام جامع القرية، وقد امتازت منذ طفولتها بالذكاء والتحدّي، حتى إنّها أضربت عن الطعام كي يسمح لها والدها بالذهاب إلى الكتّاب وتعلم القراءة.
ثم استطاعت أن تفرض نفسها في سنّ مبكرة كمغنية محترمة في بيئة ريفية صعبة ومحافظة ومنغلقة على تقاليدها. إلى أن جاءتها فرصتها في عام 1920، حين انتقلت إلى القاهرة، وتبنّاها هناك الموسيقار محمد القصبجي، ثم تعرّفت إلى أحمد رامي في عام 1924.
كان أحمد رامي شاعراً شاباً، في مطلع الثلاثين من عمره، وكان لقاؤه مع أم كلثوم آنذاك، إعلان ميلاد ثنائي جمعهما واستمرّ بقية حياتيهما. لكنّه أيضاً كان بداية قصة حبّ خلقت أجمل القصائد التي تغنّت بها كوكب الشرق. وكانت أم كلثوم تعرف بأمر هذا الحبّ، ولم تتردّد في استغلاله فنيّا أبشع استغلال، فصرّحت للمقرّبين منها بأنّها لا تريد الزواج برامي، لكي لا تطفئ نيران شوقه التي كانت تضيء قدراته الشعرية... هكذا فضّلت أن يتعذّب عاشقها من أجل أن يكتب عنها أجمل القصائد التي تغنّت بها، لتزيد تألّقها، وتسعد قلوب معجبيها.
مصادر تاريخية أخرى لم تبرّئ أحمد رامي تماماً، إذ ذكرت أنّه لم يكن يرغب في الزواج منها أيضا، لكي لا يحرمها من الفنّ، وأن التقاليد الشرقية التي كانت تقيّد تفكيره، والتي لم يتمكّن من التحرّر منها، جعلته لا يتقبّل فكرة الزواج من مطربة من دون أن يعزلها في البيت.
وقد تزوّج في النهاية من فتاة من قريته، كانت تعلم بعشقه وهيامه بأم كلثوم، إلى درجة أنّه كان يضع صورتها في غرفة نومهما. ويقال إنّ أم كلثوم بكت وهي عائدة من حفلة زفافه، وهو من عرّفها على الطبيب الذي تزوّجها فيما بعد.
لم تكن أم كلثوم امرأة فائقة الجمال، لكنّها امتلكت شكلا مقبولاً إضافة إلى موهبة فذّة وخفّة ظلّ محبّبة، وهذا ما جعل رجالاً كثيرين يقعون في غرامها. فدارت حولها شائعات عاطفية كثيرة، بقي أغلبها عالقاً بلا إجابات إلى اليوم. غير أنّ الوارد في معظم المصادر التاريخية أنّ أم كلثوم عشقت الفنّ فغنّت للحبّ العظيم أجمل أغنياتها، وأهملت هذا الحبّ العظيم على أرض الواقع في حياتها.