أمّ النصر مهمّشة

02 يونيو 2015
يعاني من الحصار لكنه لم ييأس (محمد الحجار)
+ الخط -

في هذه القرية الصغيرة يجتمع الفقر وأزمة السكن، في حين يحاصر الخوف أهلها وتفصلهم مدفعية وآليات قوات الاحتلال الإسرائيلي عن السياج الفاصل بينهم وبين الأراضي المحتلة. هذه أم النصر التي تُعرف بين الفلسطينيين باسم "القرية البدوية"، نسبة إلى القبيلة البدوية التي تشكل النسبة الأكبر من سكانها الذين ما زالوا يمتهنون أعمالاً بدائية لغاية اليوم.

وتُعدّ القرية أكثر المناطق المهمّشة والنائية في قطاع غزة، ويعاني سكانها بشكل يومي من ظروف معيشية قاسية، ويتطلعون إلى مشاريع تطويرية وخلق فرص عمل. لكن ينقصها الكثير حتى تصلح للحياة. وبالرغم من أن مشاريع عديدة استهدفت المنطقة من قبل مؤسسات إغاثة دولية أو محلية، إلا أن المعاناة ما زالت قائمة في المنطقة.

مصطفى أبو جابر (40 عاماً)، قضى طفولته في القرية وتزوّج فيها. هو كان ينوي السكن في خارجها، إلا أنه لم يستطع نظراً لرفض والديه العيش بعيداً عنهما. وهو اليوم أب لسبعة أولاد، ويعمل في بيع الحطب منذ 15 عاماً. يقول: "في القرية تستطيع مشاهدة أفلام رعب حقيقية.. غرق مفاجئ ودمار وتوغّل إسرائيلي. في أي لحظة، قد تغرق القرية في المياه العادمة نتيجة برك الصرف الصحي المحيطة بالقرية. كذلك، لا يجد سكان القرية الراحة عند النوم. فأصوات مخيفة ومرعبة تلاحقهم مع كل مساء، تلك التي تصدرها جنازير الدبابات الإسرائيلية التي تدخل القرية في ليالٍ كثيرة".

ويشير أبو جابر إلى أن برك مياه الصرف الصحي والأمطار الغزيرة تؤدي إلى تشكيل حفر كبيرة في الأرض، ما يؤدي إلى غرق بعض الناس، فيموت منهم من يموت وينجو من ينجو. وفي كل عام، تسجّل وفاة أو اثنتان.
أما نايف العبيد (48 عاماً)، الذي يعيل أسرة مكوّنة من عشرة أفراد بالإضافة إلى والديه، فهو لا يملك أي فرصة للعمل أو مصدراً لكسب العيش. وهو لا يتوقّف عن البحث عن أعمال تؤمّن القوت لأبنائه وأسرته، وإن كانت منخفضة الأجر ومتقطعة. يقول إن "الظروف في القرية متردية. فإلى جانب البطالة والفقر، نعاني من خطر هدم الاحتلال لمنازلنا". هو يسكن في الجزء الأقرب إلى السياج الفاصل مع الاحتلال، والذي غالباً ما يتعرّض لاعتداءات إسرائيلية.

لا تتوقف معاناة العبيد عند هذا الحد، فبعض أبنائه اضطروا إلى التوقف عن الدراسة. ويخبر أن "اشتداد ظروف الفقر أدت إلى حرمان ابنتي من المدرسة. هي في المرحلة الإعدادية. كذلك حرمت ابنتي الأخرى من تعليمها الجامعي بسبب تكاليف الرسوم والنقل والدراسة".
تعتمد أسرته على تربية بعض الدواجن والبط والإوز التي يبيع بعضاً منها في كل أسبوع في السوق، بالإضافة إلى الأعمال المتقطعة والمساعدات التي تتلقاها عائلته من جهات رسمية وأهلية.

حتى اليوم، ما زالت بعض بيوت القرية عبارة عن خيم مغطاة بشوادر قماش، في حين أن بعضها هو عبارة عن منازل مستطيلة تغطيها ألواح رقيقة من الحديد. وهي البيوت الأنسب للعائلات في فصل الشتاء، في حين أنها تفضّل الخيم في الصيف. لكن الحر يحاصرها ويزيد معاناتها.
من جهته، يروي رضوان الجدبي (70 عاماً)، أن "المنطقة كانت قبل النكبة غابة أشجار. وبعد التهجير وتوافد النازحين، اضطرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إلى اقتلاع الأشجار من أجل البناء". يضيف: "بقيت هذه المنطقة من دون اهتمام وتحوّلت إلى صحراء. بعدها اضطررت وبعض الأجداد إلى البقاء هنا، نعتمد على مصدر رزقنا في رعاية الأغنام والماعز".

ويشير الجدبي إلى أن ما من مقومات للبنى التحتية في المنطقة. وفي خلال حكم السلطة الفلسطينية، كانت ثمة نوايا لاستغلال الأرض في مشاريع تفيد نحو خمسة آلاف نسمة. لكن مع الحصار، ازداد الخناق عليها، ولم تعد تلقى أي اهتمام.

اقرأ أيضاً: غزة تبتهج بزفاف أربعة آلاف عريس وعروس
المساهمون