دعا أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى الحيطة والحذر، وليس الخوف "من الانخفاض الكبير والمستمر في أسعار الطاقة"، مؤكداً ضرورة العمل "لإبقاء عملية التنمية في مسارها الصحيح".
وفي كلمة له، اليوم الثلاثاء، في افتتاح الدورة العادية لمجلس الشورى القطري، "هيئة معينة تتألف من 45 عضواً"، قال أمير قطر إن "الحذر واقعي ومفيد في السياسات العامة، أما الخوف فغير واقعي ومضرّ، ولا يساعد على وضع السياسات الصحيحة، إذ يشيع مناخات تؤثر سلباً على الاقتصاد والاستثمار، فيصبح مثل نبوءة كاذبة تحقق ذاتها".
ودعا أمير قطر إلى المصارحة والتكاثف في مواجهة التحديات، وإلى اليقظة ورفض المسلكيْن المتطرفين: الفزع غير المبرَّر من جهة، وخداع الذات، والذي يتمثل في تجميل الواقع لإرضاء النفوس، من جهة أخرى.
وأضاف "لقد سبق أن مررنا بما هو أصعب من هذه المرحلة، حين لم يكن الاقتصاد القطري على هذه الدرجة من التركيب، ولم تكن صناعة الطاقة في بلادنا على هذه الدرجة من التطور"، لافتاً إلى أن المفتاح لعبور هذه المرحلة بسلام "أن يدرك كل منا أنه كما استفاد في مراحل النمو السريع وارتفاع أسعار النفط، فإن عليه أن يحمل أيضاً معنا مهام المرحلة ومسؤولياتها وأعباءها".
إلى ذلك، أكّد ضرورة العمل "لإبقاء عملية التنمية في مسارها الصحيح، على الرغم من انخفاض أسعار النفط الحادة"، مضيفاً أن "التنمية الصحيحة هي التي ستحمينا من الآثار السلبية لتقلبات أسعار النفط والغاز في المستقبل، ومن مخاطر التطورات في الاقتصاد العالمي".
وتابع "لقد تحوطنا لذلك في رؤية قطر الوطنية "2030" منذ عام 2008، وفي استراتيجية التنمية الوطنية للدولة 2011-2016. وأنه في الوقت الذي انخفضت فيه مساهمة المكون الرئيسي للناتج المحلي الإجمالي، وهو قطاع النفط والغاز، بمعدل 1.5%، ازدادت مساهمة القطاع غير النفطي بنحو 11%".
ولفت إلى أنه على الرغم من حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، والانخفاض الحاد في أسعار النفط والغاز، حافظ الاقتصاد القطري على معدل نمو جيد خلال عام 2014، حيث بلغ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي
بالأسعار الثابتة نحو 6.1%، وهو معدل مشرِّف، وتظهر أهميته عند المقارنة مع معدلات النمو في الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث كان معدل النمو 2.4%، ومع متوسط النمو في دول مجلس التعاون بلغت نسبته 3.6% من مجمل الناتج المحلي.
اقرأ أيضاً: قطر تفتتح أكبر مدينة عمالية في المنطقة
وأضاف أن موازنة بلاده التي ستبدأ في شهر يناير/كانون الثاني المقبل، ستركز على تحقيق الكفاءة في الإنفاق الحكومي. كما أنها ستعمل على تعزيز النموّ والتوسع في القطاعات غير النفطية لتنويع الاقتصاد، مضيفاً: "من المتوقع أن يكون معدل التضخم للعام الحالي في حدود 2%، وبالرغم من أن هذا المعدل يعتبر منخفضاً فعلى الحكومة ألّا تتوانى عن تشجيع المنافسة، ومراقبة الأسعار في الوقت ذاته، لتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي".
وقال إن السلطات في بلاده لن تتسامح مع الفساد المالي والإداري في القطاع الحكومي أو تحقيق مصالح خاصة. ولفت إلى أن "انخفاض الأسعار في سوق الطاقة لن يؤثر على الاستمرار في تنفيذ مشاريع تطوير البنى التحتية والتنمية البشرية".
كذلك، شدد أمير قطر على دور القطاع الخاص، داعياً إياه إلى تحمل مسؤولياته، وأن يبادر، وألا ينتظر أن تكون الدولة دولة رعاية.
وأضاف "دولة الرعاية تكون للمواطن غير المقتدر، وللطفولة والشيخوخة، ولا يفترض أن تكون دولة رعاية لمجال الأعمال"، مضيفاً أن "المواطنة ليست مجموعة من الامتيازات، بل هي أولاً وقبل كل شيء انتماء للوطن، ويترتب على هذا الانتماء منظومة من الحقوق والواجبات تجاه المجتمع والدولة والمواطنة مسؤولية أيضاً".
ودعا إلى أن تكون شروط وإجراءات الاستثمار واضحة وغير معقدة، ومستقرة، وإلى ضرورة وضع استراتيجية صناعية لزيادة مساهمة الصناعة التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي، ولا سيما تلك المعتمدة على المعرفة، وقال إنه "لا بد أن تنتج قطر جزءاً من غذائها على الأقل".
وطالب الشباب القطري بالانخراط في القطاعات الحيوية للدولة، وقال في هذا الصدد "لا يمكن للاقتصاد القطري الاستغناء عن الخبرات والعمالة الأجنبية، هذا صحيح، ولكن قطر لا تبنى من دونكم، وهي لا تبنى على عدد محدود من المهن والاختصاصات"، وثمة قطاعات كاملة وحيوية للدولة من مجال الأمن والجيش والشرطة، وحتى التخطيط والإدارة والهندسة والطب والبحث العلمي نحتاج فيها إلى شباب وشابات قطريين، ويجب أن يتوجه الشباب القطري إلى الاختصاصات كافة، وأن يأخذ وطنه بعين الاعتبار حين يتخذ قراراته.
اقرأ أيضاً: قطر تدشّن نظام حماية الأجور