السجال المتعلّق بالخطّة العامة للإصلاح الضريبي التي اقترحها البيت الأبيض، وتحظى بدعم غالبيّة الجمهوريين في الكونغرس، أخذ منحىً طبقيّاً واضحاً، يضاف إلى أبعاده السياسية والحزبية التقليدية، أي الانقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين، وإن كان خطاب الطرفين، سواء المؤيّدين لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أو المعارضين لها، يزعمون الدفاع عن الطبقة المتوسطة والعاملة.
من وجهة نظر اليسار الأميركي، وُضعت الخطّة الجديدة بهدف مضاعفة ثروات الأغنياء في أميركا الذين سيستفيدون من اقتطاعات ضريبية كبيرة. وفي عملية حساب بسيطة، يلاحظ هؤلاء على سبيل المثال، أن ثروة ترامب ستزداد أكثر من مليار دولار في حال أُقرّت الاعفاءات الضريبيّة والتي سيستفيد منها كبار رجال الأعمال. بطبيعة الحال، يمكن تطبيق عمليّة الحساب هذه على عدد غير قليل من الوزراء وكبار المسؤولين في إدارة ترامب، من أصحاب الثروات ومالكي الشركات الكبرى، في ظل الإعفاءات الضريبية التي تُقدر بمليارات الدولارات.
ويرى الزعيم اليساري الأميركي، والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية عن الحزب الديموقراطي، السيناتور بيرني ساندرز، أن خطة الضرائب الجديدة تصب في مصلحة 1% من الأميركيين، الذين تفوق ثرواتهم ما يملكله 90 في المائة من الأميركيين. وبحسب إحصائية لمركز الدراسات السياسية الأميركية، فإن أغنى ثلاثة رجال أعمال في أميركا، وهم بيل غيتس، جف بيزو، وورن بيفيه يملكون ثروات توازي ما يملكه 160 مليون أميركي. بهذا المعنى، فإن الانقسام الطبقي في المجتمع الأميركي، بات أكثر وضوحاً مع وصول ترامب إلى الرئاسة.
خطّة الإصلاح الضريبي التي أعلنها ترامب وضعت في أولويّتها تقديم التسهيلات الضريبية للأغنياء ورجال الأعمال، على أن يكون وأفراد عائلته، وعدداً من وزرائه، من أبرز المستفيدين. وفي تغريدة على "تويتر"، كتب عضو مجلس النواب الأميركي عن الحزب الديموقراطي، آدم سميث، أن ترامب كان يتباهى خلال الحملة الانتخابية بالقول إن "نجاحه في التهرب من دفع الضرائب يجعله ذكياً. أظن أنه من خلال التخفيضات الضريبية التي توفر عليه مليارات الدولارات، سيكون ذكياً أيضاً. وفي حال وافقناه، ماذا نكون؟".
وأظهرت "أوراق بارادايز"، التي كشفت مؤخراً تهرّب رجال أعمال أميركيين، بعضهم في الحكم ومن مهندسي خطة الإصلاح الضريبي، من دفع مليارات الدولارات لدائرة الضرائب الأميركية من خلال وضع ثرواتهم في الجنات الضريبية خارج الولايات المتحدة.
وتقترح خطة ترامب تخفيض الضرائب على الشركات من 35 في المائة إلى 20 في المائة. ويرى السيناتور ساندرز أنّ خطة ترامب التي يتبناها الجمهوريّون تسمح لأصحاب الشركات بتهريب أموالهم إلى الخارج، وعدم دفع الضرائب بسبب ثرواتهم لأنها خارج الأراضي الأميركية، أي أن الضريبة على دخل الشركات تُدفع فقط على الأعمال داخل الولايات المتحدة.
وفي مقابل التسهيلات والمكاسب التي يحقّقها القانون الضريبي الجديد لطبقة الأغنياء في الولايات المتحدة، فإنّ عائلات الطبقة العاملة والمتوسّطة قد تجد نفسها مضطرة إلى دفع ضرائب إضافية خلال السنوات المقبلة، مع تنفيذ خطط إدارة ترامب لإلغاء الاقتطاعات الطبية والمساعدات الاجتماعية والتعليمية للعائلات المحدودة الدخل.
وفي الوقت الحالي، يُنتظر ما ستُسفر عنه المفاوضات والمناقشات التي يشهدها الكونغرس الأميركي بشأن خطّة الإصلاحات الضريبية التي يريد ترامب أن تكون بمستوى تاريخي تضاهي الإعفاءات الضريبية التي أقرت خلال عهد إدارة الرئيس الجمهوري السابق رونالد ريغان في ثمانينيات القرن الماضي، والتي حركت الدورة الاقتصادية الأميركية، وشجعت أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار، ما أدى إلى بحبوحة اقتصادية في الولايات المتحدة استمرت حتى نهاية تسعينيات القرن الماضي.
وظائف جديدة
يقول بعض المدافعين عن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رداً على الانتقادات التي تشير إلى أنها ستثقل الخزينة الأميركية خلال السنوات العشر المقبلة، وتؤدي إلى عجز مالي إضافي بما يقارب تريليوني دولار ستذهب بمعظمها إلى جيوب الأثرياء، إن خفض الضرائب على الشركات سيشجع على مزيد من الاستثمار ويخلق وظائف جديدة للأميركيين، ما يؤدي إلى الحد من نسبة البطالة.