أموال مجمدة وأفواه مفتوحة

30 مايو 2016
عجزت حكومات ما بعد الثورة بتنفيذ برامجها(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
ذهب رئيس الحكومة التونسية، الحبيب الصيد، أمس الأحد، إلى ضاحية من ضواحي تونس ليعلن انطلاق مشروع سكني ضخم جديد، لعله يمكّن العاصمة المكتظة من أن تتنفس بشكل أفضل. غير أن الصيد الذي كان يتحدث عن المشاريع الجديدة فاجأ التونسيين بكشف حجم المشاريع المعطلة، مؤكداً أن حوالى 10 آلاف مليون دينار (4.5 مليارات دولار) موجودة في خزائن الدولة، وموجهة لمشاريع موجودة، لكنها لا تزال مشاريع معطلة.
ويبدو تصريح الصيد غريباً ومغيظاً في الوقت ذاته، بالنظر إلى حجم الأفواه المفتوحة، والشباب العاطل، وأزمات الشغل المتواترة وخلافات الحكومات المتلاحقة مع النقابات. لكن هذا التصريح يعكس اعترافاً واضحاً بعجز كل حكومات ما بعد الثورة، في تنفيذ برامجها، من دون أن يفهم أحد سبب هذا العجز ولا تبريراته، فحكومتا الترويكا كانتا ترددان الكلام نفسه، وإن كانتا تبررانه بتعطيل الدولة العميقة لسياساتهما، واصطفاف المنظومة القديمة لإسقاط كل إنجازاتهما.
لكن حكومة الصيد/ الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، جاءت على أساس بسط مفهوم هيبة الدولة، واستعادة سلطة الإدارة، والمصالحة مع الجميع. على الرغم من ذلك، فهي تلقى الفشل ذاته، وتقف على النتائج ذاتها، وتردد الشعارات ذاتها.
وفي الوقت نفسه، يراقب التونسيون المعركة نفسها بين الحكومة والنقابات، وإن كانت بمسميات مختلفة، وعناوين جديدة، لعل آخرها صراع سنّ التقاعد، الذي سيقود البلاد إلى موجة من المواجهة، انطلقت أول من أمس السبت، بإعلان العصيان النقابي، ورفض المشروع الحكومي الذي يريد نسف مكتسبات عمالية أساسية، إزاء أزمة صناديق اجتماعية خانقة. ولئن كان صراع اتحاد الشغل مع مختلف الحكومات يؤكد استقلاليته عنها جميعاً، فإنه يبرز في المقابل فشلها جميعاً في إبداع أرضية تفاهم تقود إلى هدنة حقيقية تحتاجها البلاد.
سيمرّ تصريح الصيد حول المليارات المجمدة مرور الكرام، وقد لا ينتبه إليه شباب المقاهي، ولا معارضة التلفزيونات، ولا حتى بعض وزراء الصيد، هو أمر مفهوم ومعقول جداً. فنحن في تونس لا نهتم الأحد إلا بالكرة، وبمن يسقط على ملاعبها، فقد وصلها هي أيضاً، عمى بعض التونسيين.
المساهمون