أمل في العلاج

10 يونيو 2015
تأثرت البلاد من تفاقم الاضطرابات في المنطقة (Getty)
+ الخط -
يعتبر الاستقرار السياسي للمملكة من أهم مكامن القوة للاقتصاد الأردني، ولكن في السنوات الأخيرة تأثرت البلاد بشدة من تفاقم الاضطرابات في المنطقة. فالعجز التجاري آخذ في الاتساع، ومعدل البطالة ما يزال يسجل أرقاماً مزدوجة، وواردات الطاقة تستنفد موارد الخزينة.

فقد ضُرب الأمن الطاقوي بشدة في الأردن جراء التقلبات في المنطقة، وعَطّل التخريب المتكرر لخطوط أنابيب الغاز المصري في شبه جزيرة سيناء تدفق الغاز الطبيعي إلى الأردن، ما أجبره للجوء إلى بدائل طاقوية باهظة الثمن. وأثار صعود الجماعات المسلحة، أيضا، حالة من عدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط، ما أضعف الاستثمارات الأجنبية، وأضر بالصناعات السياحية.

وأدت الحرب الأهلية في سورية، الدائرة منذ أكثر من أربع سنوات، إلى تدفق أكثر من مليون لاجئ سوري إلى البلاد، ما استنفد موارد الأردن الطبيعية المحدودة أصلاً.

تتجلى هذه الصعوبات عند قراءة سريعة للميزانيات العمومية الأردنية، خلال السنوات الأربع الأخيرة. فقد ارتفع الدين العام من 64% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2011 إلى أكثر من 75% في عام 2012، واتسع عجز الموازنة من 10% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2011 إلى 15.4% في عام 2012، قبل أن يتقلص في عام 2013 وعام 2014.

اقرأ أيضا: الأردن محاصر... الحروب تشل النشاط التجاري عبر الحدود

وتباطأ النمو الاقتصادي إلى معدل متوسط 2.3% بين عامي 2010 و2013، مقارنة بمتوسط 7% خلال العقد الماضي. في الواقع، كانت هناك علامات على الانتعاش في عام 2014، مع نمو اقتصادي بلغ 3%، على الرغم من أن معدل البطالة ما زال متخلفاً بمعدل أعلى من المتوسط، مقارنة مع بقية دول المنطقة.

ومع ذلك، فقد أظهر الاقتصاد الأردني مرونة، بعد قيام الحكومة الأردنية بإجراء مزيج من الإصلاحات السياسية والتغييرات على صعيد سياساتها المالية، من أجل تعزيز الاندماج الاجتماعي والنمو الاقتصادي المستدام. ساعدت هذه التغيرات الأردن على تحييد نفسه عن الربيع العربي في عام 2011، عندما كانت التظاهرات تندلع في جميع أنحاء البلاد للمطالبة بزيادة الأجور وظروف معيشية أفضل.

خلال تلك الفترة، سعى الأردن إلى استيعاب تلك المطالب حفاظاً على التوازن الاجتماعي، وهو الأمر الذي جعل عجز الموازنة قضية مؤرقة للحكومة التي لم يكن أمامها من بدائل واقعية سوى الاقتراض لتمويل العجز المتفاقم. لتنشيط الاقتصاد الراكد وتحسين حياة الأردنيين، أطلقت الحكومة الأردنية خطة اقتصادية مبنية على الإصلاحات، تسعى من خلالها إلى توجيه البلاد نحو الاستقرار الاقتصادي على مدى السنوات العشر المقبلة.

تستند الخطة إلى دراسات أجريت في مختلف القطاعات، بما في ذلك المياه والطاقة، ويتم تطويرها بالتنسيق مع البنك الدولي. تهدف الخطة العشرية للبلاد، الممتدة إلى عام 2025، إلى التصدي للتحديات الاقتصادية والاجتماعية وجعل اقتصاد الأردن أكثر مقاومة للضغوط الخارجية، وذلك من خلال تحديد المعوقات التي تحول دون تحقيق نمو ملموس.

علاوة على ذلك، يجب أن تركز الخطة الأردنية على ضبط أوضاع المالية العامة، والحد من تمويل القطاع العام عبر الاستدانة المفرطة، إضافة إلى السعي لتحقيق التوازن المنشود بين احتياجات الأردنيين والتخفيف من خطر حدوث ركود اقتصادي. ومن بين التدابير التي اتخذت فعلاً وأثبتت فعاليتها، إلغاء الآلية القديمة لدعم الوقود، حيث تمت الاستعاضة عنها بالتحويلات النقدية الموجهة مباشرة إلى الفئات الأكثر فقراً من السكان، لضمان شمول الدعم أولئك الذين في أمس الحاجة إليه.
(خبير اقتصادي أردني)
المساهمون