أمطار الشتاء كابوسٌ في غزة

20 أكتوبر 2014
الشتاء لن يرحم آلاف الأسر التي شردها العدوان(فرانس برس)
+ الخط -


اعتادت بلديات قطاع غزة في كل عام وضع خطة عمل استعداداً لموسم الشتاء، وتنفيذها عبر صيانة وتجهيز مرافق البلديات المختلفة للتعامل مع كميات الأمطار التي يتوقع هطولها والمنخفضات الجوية التي قد يشهدها الموسم.

غيرّ أنه منذ ثماني سنوات قُيد عمل البلديات بحجم المعدات والآلات المتوفرة، والتي سيطر عليها الترهل والصدأ بشكل تدريجي؛ بفعل غياب قطع الغيار وشح عمليات الصيانة نتيجة إغلاق المعابر الحدودية، ومنع الاحتلال إدخال احتياجات البلديات.

وبالتزامن مع قدوم موسم الشتاء، تتعالى نداءات البلديات بضرورة إنقاذها من الوضع المتدهور الذي تعيشه ودعمها مالياً، وإحداث اختراق حقيقي بجدار الحصار الإسرائيلي، يكفل لهم تجديد معداتهم وتوفير كافة متطلباتهم، ودعمهم بالوقود الذي يعد عصب عمل البلديات، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير، والذي شهد استهداف مختلف مرافق البنية التحتية وخطوط المياه والصرف الصحي.

ويصف رئيس بلدية عبسان الكبيرة شرقي مدينة خان يونس جنوبي القطاع، مصطفى الشواف، وضع البلدة المدمرة بالخطير، والذي ينذر بعواقب وخيمة مجهولة في حال اشتداد موسم الشتاء، مشيراً إلى أن العدوان الإسرائيلي خلّف تدميراً واسعاً في البنية التحتية، فخلّفت صورايخ الاحتلال وقذائفه نحو 130 حفرة ضخمة، بعمق يتراوح ما بين أربعة إلى تسعة أمتار، الأمر الذي يعني امتلاء تلك الحفر بمياه الأمطار، ومن ثم فيضان المياه على منازل المواطنين وممتلكاتهم الزراعية.

ويضيف الشواف لـ "العربي الجديد": "تسببت القذائف التي كانت تتساقط على البلدة بشكل عشوائي بتغيير ملامح بعض الشوارع والأراضي، وانحراف بعض المسارات المعتادة لمياه الأمطار نحو البيوت السكانية، بجانب أن دبابات الاحتلال والآليات الثقيلة التي اجتاحت المنطقة، أثرت بشكل كبير على شبكات التوزيع الموجودة في الأرض بعمق ثلاثة أمتار".

ويوضح الشواف أن الرصيد المالي للبلدية خالٍ تماماً، رغم أنها تحتاج شهرياً إلى 200 ألف شكيل (نحو 55 ألف دولار)، وجميع المشاريع التطويرية متوقفة، كمشروع مد مواسير خرسانية أسفل الشوارع لتصريف مياه الأمطار والسيول، مشيراً إلى أن 80% من منازل البلدة تعرضت لتدمير كلي وجزئي، ونحو ثلاثة آلاف دونم زراعي تعرض للتجريف.

وقدرت بلدية غزة (كبرى بلديات القطاع) خسائرها جراء العدوان الإسرائيلي بنحو 50 مليون دولار، نتيجة استهداف مرافق البلدية كمحطات الصرف الصحي ومعالجة المياه والطرقات.

ويقول مدير دائرة الصرف الصحي في البلدية عبد المنعم حميد لـ "العربي الجديد"، إن طواقم البلدية تأخرت في تنفيذ خطة العمل والتجهيز لموسم الشتاء الحالي لنحو شهرين، نتيجة العدوان الإسرائيلي وما صاحبه من هدم للبيوت وتخريب الشوارع والكميات الكبيرة من الركام.

ويضيف حميد أن طواقم البلدية واصلت أعمالها بتجهيز مصافي الأمطار والصرف الصحي، وتهيئتها لاستيعاب كميات المياه ‏الهاطلة، رغم نقص المعدات والوقود وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، الأمر الذي يشكل تهديدا حقيقيا على عمل المحطات المعالجة، ويقلل قدراتها الاستيعابية في حال هطول الأمطار بكميات كبيرة.

وأوضح أن طواقم البلدية شرعت منذ وقف العدوان في تنظيف خطوط الصرف الصحي، وتفريغها من المخلفات لمنع طفحها، خصوصًا في الشوارع الرئيسية والمناطق المنخفضة في المدينة، مشيراً إلى أن العمل الجاري على توسيع السعة الاستيعابية لبركة الشيخ رضوان خاصة بتجميع مياه الصرف الصحي، لتصل قدرتها الاستيعابية إلى 635 ألف متر مكعب، في حين ينتظر توفر الدعم لإنشاء بعض الآبار التشريحية في شرقي المدينة.

في ذات السياق، ذكر الوكيل المساعد في وزارة الحكم المحلي، زهدي الغريز لـ "العربي الجديد"، أن كافة بلديات قطاع غزة تعاني أزمات أبرزها: نقص حاد في المعدات وضعف القدرة التشغيلية لها، وشح كميات الوقود المخصصة لعمل البلديات ومنشآتها، بجانب ارتفاع التكاليف المالية لشرائه إن توفر، وأيضا عدم انتظام رواتب الموظفين وانقطاعهم منذ نحو خمسة شهور، مبيناً أن البلديات تكبدت خسائر مالية إثر العدوان بنحو 71 مليون دولار.

وقال الغريز إن الحصار الإسرائيلي تسبب في إيقاف العديد من المشاريع الحيوية وخطط تطوير البنية التحتية، كمشروع محطة معالجة مياه الصرف الصحي التي من المفترض أن تخدم المنطقة الوسطى في القطاع، بتكلفة تزيد على مليون دولار، ولكن توقف العمل بها لغياب المعدات ونقص المواد، وكذلك مشاريع تعبئة الطرقات والأرصفة المتوقفة بسبب عدم إدخال مواد البناء والإنشاء.

وبين الغريز أن بلديات القطاع ستواجه موسم الشتاء بإمكانات محدودة جداً، قد تنذر بأزمات خطيرة على غرار ما حدث بالموسم الماضي، وغرق بعض المناطق والشوارع في مدينة غزة، وتوقف محطات معالجة مياه الصرف الصحي، مطالباً حكومة التوافق الوطني والجهات المعنية، بإنقاذ الوضع في غزة وإدخال المعدات والآلات المطلوبة وتوفير الأموال للموظفين والميزانيات التشغيلية للبلديات.

وتعرض قطاع غزة، نهاية العام الماضي 2013 لمنخفض قطبي استمر لأربعة أيام، أدى إلى غرق أحياء سكنية محيطة بتجمعات لبرك مائية، كبركة الشيخ رضوان وسط مدينة غزة، وبركة حي الجنينة في رفح جنوب القطاع، وغرق نحو 3300 وحدة سكنية، وتضرر نحو ألف وحدة سكنية بأضرار إنشائية متفرقة، في حين بلغت خسائر البلديات نحو 15 مليون دولار.

وفي سياق متصل، تنتظر غزة تدفق أموال المانحين التي وعدوا بها في مؤتمر المانحين بالقاهرة، لإعادة تأهيل البنية التحتية في القطاع، وكشف الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي أن الأموال التي تم الوعد بها في مؤتمر إعادة إعمار غزة اتضح أن 60% منها خصصت أصلاً لموازنة السلطة الفلسطينية وليس لإعادة الإعمار.
المساهمون