ازداد انتشار الأمراض الصدرية والتنفسية وعدوى الأنفلونزا في الشمال السوري، خصوصاً بين النازحين، في ظلّ انخفاض درجات الحرارة، وزيادة الانبعاثات الناتجة من مواد التدفئة، سواء البلاستيك أو الفحم أو الملابس، مع ضعف الرعاية الصحية.
يجلس أبو عبد الله الحلبي أمام خيمته في مخيم عشوائي، بريف إدلب الشمالي، بالرغم من البرد الشديد وصوت سعاله الشديد، ونوبات اختناقه، واضعاً أمامه وعاء حديدياً فيه أكياس بلاستيكية جمعها بشكل كرة مرصوصة، بالإضافة إلى بعض الثياب، التي لفها أيضاً، مع قليل من العيدان وأشياء أخرى، يحاول إشعال النار فيها، ما تسبب بتصاعد الدخان بشكل كثيف لحظة إشعالها. تجلس إلى جانب الحلبي طفلة في السابعة من عمرها، وإلى جانبها طفل في الرابعة، يرتديان ملابس لا تدفئهما، فيمدان أيديهما فوق ذلك الوعاء، في محاولة للإحساس ولو بقليل من الدفء، بينما تدمع أعينهما بسبب الدخان، بالإضافة إلى سعالهما المستمر. يتحدث الحلبي عن معاناته وعائلته من البرد وعدم توفر محروقات أو حطب أو حتى مدفأة لديه. يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ طفليه لم يشفيا منذ بداية الشتاء، وزاد مرضهما بالأنفلونزا مع نوبات السعال في موجة البرد الأخيرة، كما بدأ مع زوجته بالسعال.
اقــرأ أيضاً
تأخرت العيادة الطبية المتنقلة عن موعدها، إذ كانت تزور المخيم سابقاً كلّ 10 أيام أو 15 يوماً، بحسب الحلبي، الذي يرجح أن يكون التأخير بسبب الأحوال الجوية وسوء أوضاع الطرقات المؤدية إلى المخيم. يقول: "ليس لدينا أيّ دواء، نغلي بعض الأعشاب لتخفف عنا السعال، لكن لا أشعر أنّنا نستفيد منها، قبل يومين ارتفعت حرارة ابني، لكنّ جيراننا هبوا لنجدته".
من جانبها، تتحدث أم سعيد عطا، وهي نازحة إلى ريف حلب الشمالي، وتقيم في أحد المخيمات العشوائية، لـ"العربي الجديد"، عن معاناتها مع أطفالها الثلاثة، فتشير إلى أنّ "موجة البرد الأخيرة تسببت بانتكاسة جديدة لنا خصوصاً ابني الذي يعاني من حساسية في الصدر مع سعال، وفي البرد تسوء حالته، لا سيما أنّنا نشعل البلاستيك والملابس المستعملة، ما ينتج روائح كريهة، لكن للأسف ليست لدينا خيارات".
تضيف: "قبل ثلاثة أيام أخذت الأطفال مع زوجي إلى النقطة الطبية، وهي تبعد عنا أكثر من كيلومتر، والطريق إليها زراعي، حولته الأمطار إلى مستنقع من الوحل، فكان المشي متعباً جداً، حتى أنّ الأطفال لم يستطيعوا السير فكنا نحملهم تارة ونحاول أن نجعلهم يسيروا ولو لمسافة قصيرة تارة أخرى، ولا يكفي الطين بل كانت هناك ريح باردة أيضاً، ما إن عدنا حتى شعرت بأنّي مرضت فبدأت أسعل وأصابني التهاب بلعوم، وارتفعت حرارتي". تتابع: "الجميع في المخيم تقريباً مرضى، فإما سعال أو زكام أو التهاب قصبة هوائية، وبسبب البرد والروائح الصادرة عن المدافئ أشعر أنّ الدواء لا يفيد، فالأطفال يعاودهم المرض ما إن يتحسنوا".
أما عبد الله أمين، وهو ناشط إعلامي في مخيم قاح، شمالي إدلب، فيعتبر أنّ "أمام المهجرين خيارين؛ إما المرض بسبب البرد، وإما المرض بسبب مواد التدفئة، خصوصاً أنّهم يقيمون في خيام لا تقيهم من البرد والمطر في الشتاء ولا من الحرارة والحشرات في الصيف".
اقــرأ أيضاً
يضيف: "البرد شديد في هذه الأيام، وغالبية الناس تعاني من التهاب القصبات، والسعال، بسبب مواد التدفئة"، وذكر أنّ "هناك في المنطقة مستوصفاً طبياً، لكن لا يقدم سوى مضاد حيوي، مهما كانت حالة المريض". بدوره، يقول مدير المكتب الإعلامي في مديرية صحة حلب أحمد الإمام، لـ"العربي الجديد": "مع التصعيد العسكري الخطير من قبل القوات النظامية والروسية، ما تسبب بموجة نزوح كبيرة، حرم من جرائها مئات آلاف المدنيين من المأوى، ترافق ذلك مع انخفاض درجات الحرارة، فانتشرت هذه الأمراض، وقد تسببت بحدوث وفيات أيضاً". يضيف: "جزء من هؤلاء لا تصلهم الرعاية الصحية اللازمة، بسبب تعليق مراكز صحية عديدة عملها بسبب الأعمال العسكرية، أما بقية المراكز الموجودة في المناطق الحدودية فتعاني من ضغط كبير". يلفت إلى "عدم وجود مراكز إيواء تحمي من البرد، والمتوفر منها ضعيف الإمكانات، وعدم توفر مواد تدفئة آمنة نسبياً، ساهم بزيادة انتشار هذه الأمراض". ويبيّن أنّه "بسبب عدد النازحين الكبير وغير المنظم وعدم وجود مناطق استقرار لهم، لا يمكن القيام بحملات وقاية من الأمراض المنتشرة حالياً". يناشد المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين، والعمل على وقف العمليات العسكرية المتسببة بعمليات النزوح والتهجير.
يجلس أبو عبد الله الحلبي أمام خيمته في مخيم عشوائي، بريف إدلب الشمالي، بالرغم من البرد الشديد وصوت سعاله الشديد، ونوبات اختناقه، واضعاً أمامه وعاء حديدياً فيه أكياس بلاستيكية جمعها بشكل كرة مرصوصة، بالإضافة إلى بعض الثياب، التي لفها أيضاً، مع قليل من العيدان وأشياء أخرى، يحاول إشعال النار فيها، ما تسبب بتصاعد الدخان بشكل كثيف لحظة إشعالها. تجلس إلى جانب الحلبي طفلة في السابعة من عمرها، وإلى جانبها طفل في الرابعة، يرتديان ملابس لا تدفئهما، فيمدان أيديهما فوق ذلك الوعاء، في محاولة للإحساس ولو بقليل من الدفء، بينما تدمع أعينهما بسبب الدخان، بالإضافة إلى سعالهما المستمر. يتحدث الحلبي عن معاناته وعائلته من البرد وعدم توفر محروقات أو حطب أو حتى مدفأة لديه. يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ طفليه لم يشفيا منذ بداية الشتاء، وزاد مرضهما بالأنفلونزا مع نوبات السعال في موجة البرد الأخيرة، كما بدأ مع زوجته بالسعال.
تأخرت العيادة الطبية المتنقلة عن موعدها، إذ كانت تزور المخيم سابقاً كلّ 10 أيام أو 15 يوماً، بحسب الحلبي، الذي يرجح أن يكون التأخير بسبب الأحوال الجوية وسوء أوضاع الطرقات المؤدية إلى المخيم. يقول: "ليس لدينا أيّ دواء، نغلي بعض الأعشاب لتخفف عنا السعال، لكن لا أشعر أنّنا نستفيد منها، قبل يومين ارتفعت حرارة ابني، لكنّ جيراننا هبوا لنجدته".
من جانبها، تتحدث أم سعيد عطا، وهي نازحة إلى ريف حلب الشمالي، وتقيم في أحد المخيمات العشوائية، لـ"العربي الجديد"، عن معاناتها مع أطفالها الثلاثة، فتشير إلى أنّ "موجة البرد الأخيرة تسببت بانتكاسة جديدة لنا خصوصاً ابني الذي يعاني من حساسية في الصدر مع سعال، وفي البرد تسوء حالته، لا سيما أنّنا نشعل البلاستيك والملابس المستعملة، ما ينتج روائح كريهة، لكن للأسف ليست لدينا خيارات".
تضيف: "قبل ثلاثة أيام أخذت الأطفال مع زوجي إلى النقطة الطبية، وهي تبعد عنا أكثر من كيلومتر، والطريق إليها زراعي، حولته الأمطار إلى مستنقع من الوحل، فكان المشي متعباً جداً، حتى أنّ الأطفال لم يستطيعوا السير فكنا نحملهم تارة ونحاول أن نجعلهم يسيروا ولو لمسافة قصيرة تارة أخرى، ولا يكفي الطين بل كانت هناك ريح باردة أيضاً، ما إن عدنا حتى شعرت بأنّي مرضت فبدأت أسعل وأصابني التهاب بلعوم، وارتفعت حرارتي". تتابع: "الجميع في المخيم تقريباً مرضى، فإما سعال أو زكام أو التهاب قصبة هوائية، وبسبب البرد والروائح الصادرة عن المدافئ أشعر أنّ الدواء لا يفيد، فالأطفال يعاودهم المرض ما إن يتحسنوا".
أما عبد الله أمين، وهو ناشط إعلامي في مخيم قاح، شمالي إدلب، فيعتبر أنّ "أمام المهجرين خيارين؛ إما المرض بسبب البرد، وإما المرض بسبب مواد التدفئة، خصوصاً أنّهم يقيمون في خيام لا تقيهم من البرد والمطر في الشتاء ولا من الحرارة والحشرات في الصيف".
يضيف: "البرد شديد في هذه الأيام، وغالبية الناس تعاني من التهاب القصبات، والسعال، بسبب مواد التدفئة"، وذكر أنّ "هناك في المنطقة مستوصفاً طبياً، لكن لا يقدم سوى مضاد حيوي، مهما كانت حالة المريض". بدوره، يقول مدير المكتب الإعلامي في مديرية صحة حلب أحمد الإمام، لـ"العربي الجديد": "مع التصعيد العسكري الخطير من قبل القوات النظامية والروسية، ما تسبب بموجة نزوح كبيرة، حرم من جرائها مئات آلاف المدنيين من المأوى، ترافق ذلك مع انخفاض درجات الحرارة، فانتشرت هذه الأمراض، وقد تسببت بحدوث وفيات أيضاً". يضيف: "جزء من هؤلاء لا تصلهم الرعاية الصحية اللازمة، بسبب تعليق مراكز صحية عديدة عملها بسبب الأعمال العسكرية، أما بقية المراكز الموجودة في المناطق الحدودية فتعاني من ضغط كبير". يلفت إلى "عدم وجود مراكز إيواء تحمي من البرد، والمتوفر منها ضعيف الإمكانات، وعدم توفر مواد تدفئة آمنة نسبياً، ساهم بزيادة انتشار هذه الأمراض". ويبيّن أنّه "بسبب عدد النازحين الكبير وغير المنظم وعدم وجود مناطق استقرار لهم، لا يمكن القيام بحملات وقاية من الأمراض المنتشرة حالياً". يناشد المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين، والعمل على وقف العمليات العسكرية المتسببة بعمليات النزوح والتهجير.