أمبيكي يحاصر حكومة السودان.. ومصداقيّتها على المحكّ

09 سبتمبر 2014
الاتفاق مع أمبيكي كارثة على الحزب الحاكم(سمير بول/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

يخصّص مجلس الأمن الدوليّ، في السادس عشر من الشهر الحالي، جلسة للحوار الوطني في دولة السودان. ويعرض الوسيط الافريقي، ثامبو أمبيكي، خلال الجلسة، وثيقتي الاتفاق الذي وقّعه، بصورة منفصلة، مع كل من آلية السبعة، وتضم الحكومة السودانية وأحزاب المعارضة الموافقة على الحوار، ومع الجبهة الثورية وحزب الأمّة المعارض، بزعامة الصادق المهدي، لاتخاذ جملة قرارات بشأنه.

وعلم "العربي الجديد" أن مجلس السلم الأفريقي، يعقد اجتماعاً تحضيرياً، الأسبوع المقبل، لبلورة قرار الاتحاد الافريقي بشأن الحوار، بناء على نتائج لقاء رئيس الآلية الافريقية، ثامبو أمبيكي، بالرئيس السوداني، عمر البشير في الخرطوم، غداً الأربعاء.

وتؤكّد مصادر أن "لقاء البشير وأمبيكي يُعدّ مفصلياً، إذ سيطرح الأخير الوثائق، التي وقّعها مع الآليّة والجبهة الثوريّة في أديس أبابا، يوم الجمعة الماضي، ويعرض ما تتضمّنه من مبادئ إطلاق الحوار بشكل عملي، بمشاركة القوى السياسيّة كافة، السلميّة والمسلّحة". وتشير إلى أنّ أمبيكي سيحصل على ردّ البشير النهائي، لتنفيذ الضمانات التي أقرّتها وثيقة الاتفاق الموقّعة، وعلى رأسها إعلان حزمة قرارات تتعلق بإطلاق الحريات والمعتقلين السياسيين ووقف إطلاق النار.

وتمكّن موافقة الحكومة على الوثيقة، مجلس السلم الافريقي، من اتخاذ قرار تمديد تفويض أمبيكي، للإشراف على الحوار المزمع، بشكل فعلي، بموافقة مجلس الأمن الدولي. وتحذّر المصادر ذاتها، من أنه في حال رفض الحكومة الوثيقة، سيبلغ أمبيكي مجلس السلم الافريقي ومجلس الأمن الدولي بذلك، ما قد يعرّض السودان الى قرارات أكثر حدّة من المجلسين، تصل إلى مرحلة العقوبات، وتقود الى محاصرته دبلوماسيّاً وسياسيّاً بشكل أكبر".

وعلم "العربي الجديد" أنّ الاتّفاق، الذي وقّعه رئيس حركة "الاصلاح الآن"، غازي صلاح الدين، نيابة عن آلية الـ"7+6" الخاصة بالحوار السوداني، مع الوساطة الافريقية، بشكل منفصل، أثار جدلاً داخل الحزب الحاكم، باعتبار أنّ الاتّفاق وضع مصداقية الحكومة بشأن الحوار على محكّ حقيقي.

وحمل الاتّفاق، الموقّع من صلاح الدين، إلى جانب ممثّل الحكومة في الآليّة، وزير مجلس الوزراء، أحمد سعر، تنازلات ظلّت الحكومة طيلة جولات التفاوض مع "الحركة الشعبيّة قطاع الشمال"، في أديس أبابا، ترفضها. وتتعلّق هذه التنازلات بالاعتراف بالجبهة الثورية كطرف واحد، في حين أنّ الحكومة لم تكن تعترف بالحركة الشعبيّة نفسها، وتتمسّك بمناقشة قضية المنطقتين فقط، "النيل الأزرق وجنوب كردفان".
وحمل الاتفاق أيضاً، مطالبة الحكومة بإطلاق الحريات والمعتقلين السياسيين، ووقف إطلاق النار والأعمال العدائيّة، علماً أنّ الحكومة كانت تصر على أن تُناقش هذه النقاط على طاولة الحوار، لا أن تكون شرطاً لانطلاقها.

وبات من الصعب على حكومة السودان، بعد توقيعها الاتفاق مع أمبيكي، التنصّل منه، وهو ما تنبّه له صلاح الدين، الذي انشقّ أخيراً عن الحزب الحاكم، وهو العالم بخفاياه وطريقة تفكيره، باعتبار أنّ توقيع الاتفاق مع أمبيكي وحده، بمعزل عن الجبهة الثوريّة، يعني منح الحوار صبغة إقليمية ودوليّة. وتنطلق قراءة صلاح الدين هذه، من أنّ أمبيكي يعمل بتفويض من مجلس الأمن، وهو ما يمنح الحوار ضمانة كبرى، يمكن أن تقطع الطريق على أية مناورة من الحزب الحاكم بشأن الحوار، وإلا سيجد نفسه وحيداً في مواجهة المجتمع الدولي.

ويقول مصدر داخل حزب "الاصلاح الآن" لـ"العربي الجديد، إنّ "الثعلب"، في إشارة الى صلاح الدين، لفّ الحبل حول عنق النظام وأدخله في ورطة حقيقيّة، لا سيّما وأنّ النظام يسعى من خلال الحوار، إلى استقطاب عدد محدود من الأحزاب المعارضة والحركات، للاتّفاق معها على المحاصصة وتوزيع السلطة، بهدف إضفاء شرعيّة على الانتخابات، من دون أن يضطر لتقديم تنازلات أكبر، إذ أنّ توسّع دائرة المشاركة في الحوار سيقود الى إعادة بناء الدولة، وربّما الى تفكيكها.

وتقف الحكومة، برغم امتعاضها من خطوة صلاح الدين، مكتوفة الأيدي في التعامل معه، ولا تملك حتّى المجاهرة بتحفّظاتها. وليس مستبعداً أن توافق، مرغمة ربّما، على ما رشح من تفاهمات بشأن إدارة الجلسات الابتدائية للحوار خارج البلاد، والتي أطلقت عليها تسمية "جلسات الضمانة"، على أن تشهد الخرطوم التوقيع على نتائج الحوار النهائيّة.

ويقول المحلل السياسي، ماهر أبو الجوخ، إنّ "اتفاق صلاح الدين مع أمبيكي، يُعتبر بمثابة كارثة على الحزب الحاكم، خصوصاً إذا كان يتّخذ من الحوار وسيلة للمناورة، باعتبار أن رفضه الاتفاق أو محاولة التلاعب به، يحجب عنه الغطاء الدبلوماسي والسياسي". ويتوقّع أن "يحاصر الاتفاق الحزب الحاكم داخل آلية السبعة، باعتبار أن الأغلبية معه".

المساهمون