أماني جزّارة مصريّة في بيروت

14 نوفمبر 2015
لا بدّ من أنّ المارة يتنبّهون لها (العربي الجديد)
+ الخط -
قبل نحو عشر سنوات، انتقلت أماني وزوجها إلى لبنان، بعدما عقدا قرانهما في مصر وسط الأهل والأصدقاء. هما أرادا الاستقرار حيث يكسب هو رزقه. ومحمد كان جزاراً يعمل في محل واقع في منطقة سن الفيل (إحدى ضواحي بيروت) في ذلك الحين، وكان أصحاب المحل يحبونه ويثقون به ويأتمنونه على رزقهم ويثقون في أسلوب تعامله مع الزبائن.

عندما وصلت أماني إلى بيروت، كانت في العشرين من عمرها، وكانت لا تزال طريّة العود. أما اليوم فتجهد المرأة الثلاثينية لتربية ولدَيها غنوة ويوسف، وتأمين حياة لائقة وكريمة لهما.
هي من المنصورة الواقعة شمال شرق العاصمة المصرية، ومهنة الجزارة ليست جديدة عليها. هي تحبها وتحب العمل فيها، لكن اللافت في الأمر أنها امرأة، والرجال في العادة هم الذين يشتغلون في هذا المجال في مجتمعاتنا العربية. لذا، من يمرّ في شوارع سن الفيل، لا بدّ من أنه سيتنبّه لتلك المرأة الشابة من خلال واجهة محل الجزارة، وهي تقطع اللحم للزبائن.

لا ترى أماني مانعاً من رواية قصتها مرات ومرات، كلما رغب أحد الفضوليين بسؤالها عن سبب عملها في هذه المهنة. وتخبر أن "هذه المهنة ليست جديدة عليّ. في السابق، كان والدي يعمل في هذا المجال في مصر. وعندما انتقلت إلى لبنان مع زوجي واستقرينا هنا، كان لا بدّ لي من النزول لمساعدته. وبما أنني أحب هذه المهنة ولديّ خبرة سابقة فيها، بدأت أعمل معه في المحل ذاته". تضيف: "كنا في حاجة إلى زيادة مدخولنا، إذ لدينا ولدان، ومن واجبنا أن نؤمّن لهما التعليم بالإضافة إلى مستلزمات الحياة الطبيعية. كذلك، نحن نعيش في منزل مقابل إيجار، بالتالي لا بدّ من تأمين البدل الشهري وحاجيات المنزل. وما يحصّله شخص واحد لا يكفي". ولا تنسى أماني الإشارة إلى أنها لم تتابع تعليمها المدرسي. تقول: "حصلت على شهادة الإعدادي فقط، وأنا لا أعرف معادلتها في لبنان".

في السادسة من صباح كل يوم، ترافق أماني زوجها إلى محل الجزارة حيث تقضي يومها، حتى يحين موعد عودة الولدَين من المدرسة. فترجع إلى بيتها عند الثالثة من بعد الظهر لتهتمّ بأمورهما، قبل أن تقصد المحل من جديد بعد الانتهاء من تلبية حاجاتهم، لتنظفه. يُذكر أن أماني لا تتقاضى أجراً لقاء عملها، فكل شيء مشترك بينها وبين زوجها.. العمل والإيجار وهمّ البيت. وهي سعيدة في حياتها، وهمّها أن تتمكّن وشريك حياتها من تأمين عيش كريم لولديهما.

وكما تستقبل أماني زبائن المحلّ بضحكة حلوة وتستمع إلى طلباتهم لتلبيتها، كذلك تودّعهم بالطريقة نفسها.

إقرأ أيضاً: أم عبده الجزّارة لا تهاب السواطير
دلالات
المساهمون