يعرف المعارض الروسي، أليكسي نافالني (40 عاماً)، والذي أعلن عزمه خوض سباق الانتخابات الرئاسية في روسيا في عام 2018، بتوجيهه انتقادات جريئة إلى حزب "روسيا الموحدة" الحاكم، ونشاطه في مجال مكافحة الفساد، ما قد يساعده في جني أصوات الناخبين المستائين من الأوضاع في البلاد. ومنذ بدء مسيرته السياسية في حزب "يابلوكو" (التفاحة) المعارض، عرف نافالني بتوجهاته القومية ومشاركته بما عرف بـ"المسيرات الروسية"، قبل أن يصبح في نهاية العقد الأول من القرن الحالي، من أبرز منتقدي الحزب الحاكم، والذي وصفه في عام 2011 بأنه "حزب المحتالين واللصوص". وفي نهاية عام 2011، أصبح نافالني أحد زعماء الحركة "من أجل انتخابات نزيهة"، وشارك في التظاهرات التي خرجت في موسكو احتجاجاً على الانتهاكات في انتخابات مجلس الدوما (النواب) الروسي، ليتحول إلى أحد رموز المعارضة "غير النظامية" الروسية. وفي عام 2013، شارك نافالني في انتخابات رئاسة بلدية العاصمة الروسية موسكو، وحل في المرتبة الثانية بحصوله على 27 في المائة من الأصوات، متجاوزاً بذلك كل التوقعات.
وتعود شهرة نافالني في روسيا إلى نشاطه كمدون وكتاباته حول استشراء الفساد في مؤسسات السلطة وكبريات الشركات الحكومية، قبل أن يؤسس في عام 2011 "صندوق مكافحة الفساد" المتخصص في إجراء تحقيقات في قضايا الفساد. ومن أشهر التحقيقات التي أجراها الصندوق، تلك المتعلقة بأعمال أرتيوم تشايكا، نجل النائب العام الروسي، يوري تشايكا، وامتلاك النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الروسي، إيغور شوفالوف، عشر شقق في برج تاريخي وسط موسكو واستخدامه طائرة خاصة، وأيضاً امتلاك زوجة السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف، منزلاً فاخراً في ضواحي موسكو، قدرّت قيمته بـ470 مليون روبل (نحو 8 ملايين دولار وفقاً لسعر الصرف الحالي).
ولم يسلم نافالني نفسه من عدة قضايا إدارية وجنائية، أشهرها قضية الفساد في شركة "كيروفليس" الحكومية الروسية، والتي صدر بها حكم بحقه بالسجن خمس سنوات مع وقف التنفيذ. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ألغت المحكمة العليا في روسيا الحكم، وقررت إعادة النظر فيه، ما فتح الباب لنافالني للإعلان عن ترشحه في الانتخابات الرئاسية. وتتوقع رئيسة قسم التحليل في مركز التكنولوجيا السياسية، تاتيانا ستانوفايا، في مقال بموقع "ريبابليك. رو" الليبرالي صدور حكم بإدانة نافالني في قضية "كيروفليس" هذه المرة، معتبرة أنه "بالإعلان عن ترشحه، جرّ نافالني الكرملين إلى نقاش سياسي حول مصيره". وتتساءل "هل المرشح نافالني دليل على قوة النظام أم على ضعفه وتهديد لاستقراره"؟ وتضيف "من وجهة نظر الكرملين، لا يمكن لنافالني أن يكون في الانتخابات إلا مهاناً، وبلا مساعدة، وبنسبة تأييد 2 في المائة على سبيل الهدية. أما أي احتمالات أخرى، فتستبعد السماح بمشاركة نافالني في الحملة".
وفيما كان نشاطه في مجال مكافحة الفساد يعتبر من أكبر نقاط قوة نافالني في سباقه إلى الكرملين، إلا أن نقاط ضعفه تتمثل في شعاراته الشعبوية وغير الواقعية، مثل فرض ضريبة إضافية على الأوليغارشيين وإعادة توزيع الموارد بين الأقاليم ورفع قضايا جنائية بحق المسؤولين الذين لا يستطيعون تفسير مصادر دخلهم. وعلاوة على ذلك، عرف نافالني بعدم القدرة على الاتفاق مع معارضين آخرين، وانسحابه من "الائتلاف الديمقراطي" المعارض قبل انتخابات الدوما التي جرت في سبتمبر/أيلول الماضي، كما أنه غير معروف خارج المدن الكبرى. ووسط اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها روسيا في عام 2018، لم يعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حتى الآن عن موقفه من الترشح لولاية رئاسية رابعة، إلا أنه أعرب، خلال لقائه مع عمال مصنع أخيراً، عن رغبته في إنهاء مسيرته "بنجاح"، والسفر حول العالم ورؤية مناظر طبيعية ومعالم تاريخية، لكن من دون تحديد أي موعد محتمل لذلك.