غداً، في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني، تحتفل برلين بمرور ربع قرن على سقوط جدارها، الذي شطرها إلى نصفَين على مدى 28 عاماً. وبعد 25 عاماً على سقوط جدار برلين، ماذا بقي من الذكريات؟ ومن الأحلام؟ أيام ألمانيا الشرقيّة التي ولّت، هل خرجت فعلاً من قلوب الألمان وعقولهم؟
تخبر ماريا، البالغة من العمر 70 عاماً اليوم، "كنت نائمة. عاد زوجي ليلاً وأوقظني قائلاً: سقط جدار برلين! أكملت نومي. فأنا لم أصدّق". من جهتها، تروي فريدا (من جيل ماريا): "كنت أعدّ فطور الصباح. أُعلِن عبر المذياع سقوط جدار برلين ووحدة ألمانيا. كانت صعقة حقيقيّة. لحظة لا تُنسى". أما أرمين، فيقول: "ركبت مع زوجتي السيارة وتوجّهنا مباشرة إلى ميونخ. أردنا لقاء بقيّة أفراد عائلتنا، التي كانت تعيش في ألمانيا الغربيّة".
وكانت التظاهرات الشعبيّة قد انطلقت ليلاً. الألمان على الجهة الغربيّة أيضاً، لم يصدّقوا. كثر منهم توجّهوا إلى منطقة الجدار ليتأكدوا. في صباح اليوم التالي، أُعلِن انتهاء التقسيم وبداية مرحلة جديدة من تاريخ ألمانيا. فتح الحدود البريّة بين شطرَي البلاد، لم يعنِ فقط فتح الحدود الجغرافيّة بين الألمانيتَين، بل أتى كفتح آفاق للحوار والنقاش الحرّ ولتبادل الأفكار والنزاعات أيضاً.
ولأن سكان ألمانيا الشرقيّة كانوا بشكل أو بآخر يرضخون لحكم دكتاتوري، وإن كانت لديهم أحزاب، كان الحذر ميزة النقاشات. فالاستخبارات في ألمانيا الشرقيّة وإن لم تكن متغلغلة بين الناس، إلا أنها كانت تشدّد الرقابة عليهم. تقول باربرا بوف، وهي مهندسة إلكترونيّة، إن "الفترة، التي تلت هدم الجدار، شهدت موجة من النقاشات الحرّة وتبادل الأفكار والآراء بطريقة جديدة. لكن صداقات كثيرة انتهت. ومقرّبون كثر بدّلوا آراءهم بسرعة وأصبحوا يميلون إلى الأفكار الرأسماليّة، التي كنت وما زلت ضدها. كثرٌ راحوا يتخلون عن أحزابهم وينضمّون إلى أخرى مناقضة". تضيف: "حدث خلل حقيقي بين ما كنا عليه وما تحوّلنا إليه في تلك الفترة".
في السياق نفسه، يقول الطبيب المتقاعد، ميشائيل هوفمان، إن "وجه المجتمع تغيّر بسرعة. تخلينا عن أمور كثيرة لنتبنّى النمط الغربي. لكننا اكتشفنا بعد حين ميزات حقيقيّة كانت لدينا، وأبرزها تكافل المجتمع وتعاضده". ويشرح: "كان أحدنا إذا ما احتاج شيئاً يطرق باب جاره. وكان أطفالنا يلعبون في الشوارع بلا قيود. كنا نترك أبوابنا بلا أقفال. بسرعة، افتقدنا هذا الأمن والارتياح بعد الوحدة. لكن للحريّة ثمنها، ونحن نقدّر ذلك".
معانٍ عدّة كانت للحريّة التي حصل عليها سكان ألمانيا الشرقيّة. فهي مهّدت الطريق أمام إنجازات كثيرة. يقول يوغ، وهو عازف سابق في أوركسترا ألمانيا الشرقيّة السمفونيّة أصبح اليوم متخصّصاً في الموسيقى الأفريقيّة، إن "لا شيء يشبه هذه الحرية التي ننعم بها الآن. طبعاً لا أريد العودة إلى زمن ألمانيا الشرقيّة. لا أريد أن تعود تلك الأيام ولا أظن أن أحداً يرغب في ذلك". ويوضح: "المسألة ليست شرقيّة أو غربيّة، وليست الأفضل أو الأسوأ.
المسألة هي أن بناء الجدار غلطة تاريخيّة، كان لا بدّ من تصحيحها. كثر كانوا يتمنّون أن تتبع ألمانيا الغربيّة تلك الشرقيّة في النظام السياسي، لكن ما حدث على أرض الواقع هو أننا نحن الذين تظاهرنا لإنهاء حكمنا الشيوعي، في حين أنهم لم يتحرّكوا لإنهاء حكمهم الرأسمالي".
ويبقى السؤال: رجل الأمن الألماني، الذي قرّر، في تلك اللحظة التاريخيّة أمام إصرار الشعب، فتح البوابة التي تفصل برلين الغربيّة عن الشرقيّة، لو أنه قرّر بدلاً من ذلك إبقاء الباب موصداً وأطلق الرصاص في اتجاه المتظاهرين السلميّين، أي مسار كانت ستأخذه ثورة الألمان وأي تاريخ كان سيُكتب؟
تخبر ماريا، البالغة من العمر 70 عاماً اليوم، "كنت نائمة. عاد زوجي ليلاً وأوقظني قائلاً: سقط جدار برلين! أكملت نومي. فأنا لم أصدّق". من جهتها، تروي فريدا (من جيل ماريا): "كنت أعدّ فطور الصباح. أُعلِن عبر المذياع سقوط جدار برلين ووحدة ألمانيا. كانت صعقة حقيقيّة. لحظة لا تُنسى". أما أرمين، فيقول: "ركبت مع زوجتي السيارة وتوجّهنا مباشرة إلى ميونخ. أردنا لقاء بقيّة أفراد عائلتنا، التي كانت تعيش في ألمانيا الغربيّة".
وكانت التظاهرات الشعبيّة قد انطلقت ليلاً. الألمان على الجهة الغربيّة أيضاً، لم يصدّقوا. كثر منهم توجّهوا إلى منطقة الجدار ليتأكدوا. في صباح اليوم التالي، أُعلِن انتهاء التقسيم وبداية مرحلة جديدة من تاريخ ألمانيا. فتح الحدود البريّة بين شطرَي البلاد، لم يعنِ فقط فتح الحدود الجغرافيّة بين الألمانيتَين، بل أتى كفتح آفاق للحوار والنقاش الحرّ ولتبادل الأفكار والنزاعات أيضاً.
ولأن سكان ألمانيا الشرقيّة كانوا بشكل أو بآخر يرضخون لحكم دكتاتوري، وإن كانت لديهم أحزاب، كان الحذر ميزة النقاشات. فالاستخبارات في ألمانيا الشرقيّة وإن لم تكن متغلغلة بين الناس، إلا أنها كانت تشدّد الرقابة عليهم. تقول باربرا بوف، وهي مهندسة إلكترونيّة، إن "الفترة، التي تلت هدم الجدار، شهدت موجة من النقاشات الحرّة وتبادل الأفكار والآراء بطريقة جديدة. لكن صداقات كثيرة انتهت. ومقرّبون كثر بدّلوا آراءهم بسرعة وأصبحوا يميلون إلى الأفكار الرأسماليّة، التي كنت وما زلت ضدها. كثرٌ راحوا يتخلون عن أحزابهم وينضمّون إلى أخرى مناقضة". تضيف: "حدث خلل حقيقي بين ما كنا عليه وما تحوّلنا إليه في تلك الفترة".
في السياق نفسه، يقول الطبيب المتقاعد، ميشائيل هوفمان، إن "وجه المجتمع تغيّر بسرعة. تخلينا عن أمور كثيرة لنتبنّى النمط الغربي. لكننا اكتشفنا بعد حين ميزات حقيقيّة كانت لدينا، وأبرزها تكافل المجتمع وتعاضده". ويشرح: "كان أحدنا إذا ما احتاج شيئاً يطرق باب جاره. وكان أطفالنا يلعبون في الشوارع بلا قيود. كنا نترك أبوابنا بلا أقفال. بسرعة، افتقدنا هذا الأمن والارتياح بعد الوحدة. لكن للحريّة ثمنها، ونحن نقدّر ذلك".
معانٍ عدّة كانت للحريّة التي حصل عليها سكان ألمانيا الشرقيّة. فهي مهّدت الطريق أمام إنجازات كثيرة. يقول يوغ، وهو عازف سابق في أوركسترا ألمانيا الشرقيّة السمفونيّة أصبح اليوم متخصّصاً في الموسيقى الأفريقيّة، إن "لا شيء يشبه هذه الحرية التي ننعم بها الآن. طبعاً لا أريد العودة إلى زمن ألمانيا الشرقيّة. لا أريد أن تعود تلك الأيام ولا أظن أن أحداً يرغب في ذلك". ويوضح: "المسألة ليست شرقيّة أو غربيّة، وليست الأفضل أو الأسوأ.
المسألة هي أن بناء الجدار غلطة تاريخيّة، كان لا بدّ من تصحيحها. كثر كانوا يتمنّون أن تتبع ألمانيا الغربيّة تلك الشرقيّة في النظام السياسي، لكن ما حدث على أرض الواقع هو أننا نحن الذين تظاهرنا لإنهاء حكمنا الشيوعي، في حين أنهم لم يتحرّكوا لإنهاء حكمهم الرأسمالي".
ويبقى السؤال: رجل الأمن الألماني، الذي قرّر، في تلك اللحظة التاريخيّة أمام إصرار الشعب، فتح البوابة التي تفصل برلين الغربيّة عن الشرقيّة، لو أنه قرّر بدلاً من ذلك إبقاء الباب موصداً وأطلق الرصاص في اتجاه المتظاهرين السلميّين، أي مسار كانت ستأخذه ثورة الألمان وأي تاريخ كان سيُكتب؟