ألمانيا وفرنسا... عفواً هذا زمن المنطق

05 يوليو 2014
ألمانيا ثوابت فنية وأرقام قياسية (getty)
+ الخط -

كرة القدم عبارة عن فريقين، 22 لاعباً يتنافسون داخل الملعب، وفي النهاية ألمانيا من تفوز. يقول جاري لينكر، الهداف التاريخي للمنتخب الإنجليزي هذه الكلمات في وصف المنتخب الألماني. المانشافت يبدأ المونديال كالعادة من الدور نصف النهائي، رابع مرة على التوالي يصعد لهذه المرحلة خلال أربع كؤوس متتالية.

إنجاز كبير يؤكد قوة وصلابة الكرة الألمانية والثبات الكبير في المستوى التي تتمتع به. فرنسا قبل المباراة رشّحها الكثيرون لأن الديوك في حالة صعود بينما أداء الألماني الكارثي أمام الجزائر، وقبلها غانا، جعل الجميع يتوقع حدوث أول مفاجأة في مباريات خروج المغلوب، لكن الألمان كانوا في الموعد وأجهزوا على ضحيتهم من بداية المباراة.

 المبادرة ألمانية
رسم ديشامب خطته وفق المباريات السابقة للألمان، أي الدفاع المتقدم واللعب الهجومي وطريقة لعب 4-3-3، لكن يواكيم لوف قلب الطاولة على الفرنسيين مبكراً واستنسخ فريق 2010 في جنوب أفريقيا. البدء بخطة 4-2-3-1 وبثنائية المحور الشهيرة، خضيرة وشفاينستايجر في الارتكاز وأمامهما كروس كلاعب حر بينما عاد لام إلى اليمين، وجلس ميرتساكر على الدكة. وعوضاً عن التمركز العالي داخل الملعب، وضعت ألمانيا معظم خطوطها في الخلف بعض الشيء لحرمان الفرنسيين من أول ميزة يشتهرون بها، المرتدات القاتلة كما حدث أمام سويسرا.

تحركات الوسط الألماني اتسمت بالتوازن بعض الشيء، خضيرة ينطلق في الأمام لكسر الضغط الفرنسي بينما يعود شفايني للعمق كارتكاز دفاعي صريح يقوم بالتغطية العرضية مع ثبات أحد الظهيرين هويديس وصعود لام إلى الوسط في حالات الهجوم. ومن المبادرة الألمانية إلى الثبات بالمناطق واللعب على أخطاء المنافسين. هذا ما قام به الفريق أمام الأرجنتين في المونديال الماضي، وتكرر أيضاً أمام الفريق الأزرق خلال الشوط الأول من المباراة خصوصاً مع رأسية هامليز وإحرازه هدف المباراة الوحيد.

فرنسا لم تلعب بضغط عال، وقرر المدرب الاعتماد على ضرب الألمان أثناء التحولات من الدفاع إلى الهجوم كما فعلت غانا والجزائر، لكن الخطة فشلت لسببين، الأول هو الرتم البطيء للمباراة وتعمّد ألمانيا الحد من سرعة مجريات اللعب لأن الفارق سيصب في مصلحة الفرنسيين. والثاني، غياب اللمسة الأولى أثناء المرتدات، تمريرات كاباي عادية ومتوقعة والرباعي الخلفي يلعب بتردد واضح، لذلك خرجت الكرات من الدفاع والوسط بصورة تقليدية لا تصنع أي خطورة.

 صفات الكبار
المباراة حسمت بالتفاصيل الصغيرة كعادة النهائيات، فرنسا لعبت دوراً أول رائعاً وفازت حينما أرادت على نيجريا في ثمن النهائي، بينما ألمانيا عانت بشدة أمام غانا ثم أميريكا وأخيراً الممثل العربي، لكن عند الحسم، ظهرت قدرة الألمان وصعدوا في النهاية. هدف المباراة جاء من جملة اشتهر بها الفريق، الرأسيات القاتلة والكرات العرضية التي تجلب الفوز حينما تفشل الحلول الأخرى .

فريق لوف أقل كثيراً من النسخة السابقة على صعيد بناء الهجمة واللعب المنظم، لكنه مازال يحتفظ برونقه في المباريات الحاسمة ويستطيع التسجيل من أنصاف الفرص والألعاب الهوائية. أما فرنسا فقد فشلت في عمل المرتدات أو الضغط العالي وكانت كل خطورتها عن طريق تحركات الثنائي فالبيونا وجريزمان في الثلث الأخير مستغلين البطء غير العادي لدفاع ألمانيا. وكالعادة، يظهر الفارق في أدق الأجزاء، لوريس يفشل في التصدي لرأسية مدافع دورتموند، ونوير يتألق بشدة في إنقاذ مرماه من كرات بن زيمة الخطيرة في آخر الدقائق .

الفريقان يشتركان في مشاكل الوسط، في ألمانيا، كروس لا يدافع كثيراً وخضيرة ينطلق إلى الهجوم دون أي داعي بينما شفايني يقوم بكل العمل الدفاعي. كذلك فرنسا، كاباي يلعب بمفرده في الإرتكاز مع التقدم المبالغ فيه لكلاً من ماتويدي وبوجبا لذلك رغم الأخطاء الدفاعية من لاعبي الخط الخلفي إلا أن منطقة المنتصف تمثل الضعف الكبير للجانبين .

في النهاية، ألمانيا أجبرت فرنسا على تسيير المباراة وفق رؤيتها لذلك سارت بطيئة ذات طابع ممل بعض الشيء وكلما إقتربنا من النهايات كلما زاد الحذر وأصبح المنطق هو الغالب في أدوار يغيب عنها الخيال الذي جعل البطولة تمتاز بطبيعة خاصة خلال مباريات المجموعات وثمن النهائي. ألمانيا تستمر في المغامرة رغم عدم الإقناع ويبقى الفوز هو الأهم في هذا التوقيت .

المساهمون