ألمانيا: فورة عنصرية تجاه اللاجئين بعد اعتداءات رأس السنة

06 يناير 2016
محتجون أمام محطة قطارات كولن ضد الاعتداءات (فرانس برس)
+ الخط -



تتفاعل قضية الاعتداءات الجنسية الجماعية، التي شهدتها عدة مدن ألمانية ليلة رأس السنة في البلاد، مع ما يرافقها من مطالبات بالابتعاد عن الأحكام العنصرية تجاه المقيمين من أصول عربية أو المسلمين أو اللاجئين.

وعقب الإعلان عن هذه الحوادث، من خلال شكاوى الفتيات اللواتي تعرضن للاعتداءات، صدرت العديد من ردود الفعل الشاجبة والمنددة على لسان مسؤولين سياسيين، وقيمين على جمعيات محلية واتحادات إسلامية؛ مطالبة بعدم إلصاق التهمة بالمسلمين واللاجئين.

وسأل عدد من المنتمين إلى تلك الجمعيات في تصريحات صحافية عن دور السلطات الأمنية وحضورها عند وقوع حوادث كهذه؟ وكيف يعقل أن يتم هذا العنف الجسدي دون أي حسيب أو رقيب، في ليلة يفترض أن تكون التدابير الأمنية فيها مشددة من قبل عناصر الشرطة المكلفة بأمن وسلامة المواطنين؟

وأبدت الجمعيات استغرابها من التركيز على الانتماء العرقي أو الديني المزعوم للمرتكبين، علما أن الإسلام يدين ويعاقب على السرقة والاعتداء الجنسي والعنف بكل أشكاله، محذرة كذلك من التحيز العنصري وردود الفعل السلبية تجاه اللاجئين، ومطالبة بمعاقبة المعتدين أيا كان الدين أو العرق الذي ينتمون إليه بالقوانين المعمول بها في البلاد.

وكانت أعنف الاعتداءات تلك التي وقعت في مدينة كولن، وتسبب بها أكثر من ألف شخص صنفوا على أنهم من شمال أفريقيا وأصول عربية، يقال إنهم تحركوا ضمن مجموعات، وقاموا بتحرشات جنسية وأعمال عنف وسرقة المحتفلين بقدوم العام الجديد، قرب محطة القطارات الرئيسية في المدينة.


وانطلاقا من ردود الفعل المتطرفة؛ رأى مراقبون أن هناك نوايا مبيتة وراء الحملة التي تشنها بعض وسائل الإعلام والكثير من التعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرين أنها تخدم اليمين المتطرف وحركة بيغيدا في البلاد، والتي تسعى مجددا لتنظيم مسيرات معادية للأجانب.

ويلفت البعض إلى أن مقارنة ما حصل في مصر عام 2013، وما يحصل حاليا في ألمانيا يشوه صورة الأجنبي بشكل عام والعربي بشكل خاص، بعدما أشارت التقارير إلى وجود أكثر من ألف شخص ملامحهم تشير إلى أنهم من المنطقة العربية أو شمال أفريقيا، في حين أن الشرطة نفسها أعلنت أن التحقيقات في بدايتها، وليس هناك من أدلة ملموسة حتى الآن. وطالبت المواطنين بتزويدها بصور وفيديوهات عن الواقعة، وتم الإعلان عن 106 شكاوى من فتيات تعرضن لتعديات في تلك الليلة وحالة اغتصاب واحدة.

في المقابل، شددت العديد من مؤسسات المجتمع المدني وتلك الداعمة للاجئين على ضرورة عدم تصوير مدينة كولن كمستودع للمجرمين المهاجرين والعصابات المنظمة في الشوارع، مشيرين إلى أنهم يكنّون للاجئين الكثير من المحبة والامتنان ومطالبين الأجهزة الأمنية في ولاية شمال راين وستفاليا، بتحمل المسؤولية عن فشل غير مسبوق.

وهذا ما عبر عنه وزير الداخلية توماس دي ميزيير، عندما وجه انتقادات لاذعة للشرطة، قائلا "لا يمكن للشرطة أن تعمل بهذه الطريقة"، متهما إياها بالفشل في التعاطي مع سلسلة الاعتداءات الجماعية التي طاولت الفتيات في كولن، موضحا أنها أعلنت في اليوم التالي أن الاحتفالات مرت من دون حوادث، ومن دون أن تفصح عن الموضوع، وانتظرت تقدم الضحايا بالشكاوى لتتحرك.

إلى ذلك، عقدت عمدة مدينة كولن، هنريته ريكر، والمعروفة بتعاطفها مع اللاجئين، أمس، مؤتمرا صحافيا رفضت خلاله الربط بين اللاجئين الذين حصلوا على حق اللجوء في المدينة وحادثة الاعتداء، مؤكدة على ملاحقة الفاعلين.

وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، أجرت اتصالا هاتفيا مع عمدة المدينة عبرت فيه عن غضبها حيال التصرفات المثيرة للاشمئزاز، بحسب ما أعلن المتحدث باسم الحكومة، شتيفن زايبرت، موضحا أن ميركل طالبت برد صارم لدولة القانون على الاعتداءات الجنسية الجماعية التي طاولت النسوة في المدينة، وفعل كل ما يلزم للوصول إلى الجناة بأسرع وقت ممكن، وإنزال أشد العقوبات بهم، بغض النظر عن الخلفية أو البلدان التي يتحدرون منها.

في المقابل، اعتبر وزير العدل الألماني، هيكو ماس، أن هناك نوعا جديدا من الجريمة المنظمة؛ مشددا على أنه "لا يجوز السماح بأن يواجه الناس هذا النوع من العنف المفضوح من دون حماية".