ألغام على طريق جنيف... مصير الأسد وتمثيل الأكراد

07 ابريل 2016
دي ميستورا أثناء زيارته إلى روسيا (Getty)
+ الخط -

يواصل المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، جولته على عدد من العواصم الفاعلة في الملف السوري، والتي بدأها، يوم الثلاثاء، من العاصمة الروسية موسكو، على أن تشمل أيضاً العاصمة السورية دمشق، والتركية أنقرة، والإيرانية طهران، والسعودية الرياض، في مهمة وصفها البعض بـ"الإنقاذية" لمفاوضات جنيف السورية، المقرّر أن تبدأ الاثنين المقبل، حسبما أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة أحمد فوزي.

وكان نائب وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، قد أعلن أن "وفد النظام سيشارك في مفاوضات جنيف بعد الانتهاء من انتخابات مجلس الشعب (البرلمان)، المقررة في 13 أبريل/نيسان الحالي"، مشدّداً في تصريحات إعلامية، على أن "الوفد سيظلّ برئاسة بشار الجعفري، لا برئاسته هو، كما تحدثت بعض الأنباء". كما تعقد "الهيئة العليا للمفاوضات" المعارضة اجتماعاً في الرياض، اليوم الخميس، للبحث في المشاركة وإعداد أجوبة عن 29 سؤالاً، قدّمها دي ميستورا، تتعلق بالانتقال السياسي.

في هذا السياق، ذكر المتحدث باسم الهيئة منذر ماخوس، أنه "ستتمّ مناقشة محاولات النظام نسف عملية الانتقال السياسي، إلى جانب بحث وثيقة دي مستورا، المنبثقة من محادثات جنيف الأخيرة". وشدّد ماخوس، في تصريحات صحافية، على ضرورة أن "يتمّ خلال الجولة المقبلة من المفاوضات، الدخول في صلب الموضوع ومناقشة عملية الانتقال السياسي، وتشكيل هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، كما ورد في إعلان جنيف 1، وكل قرارات مجلس الأمن اللاحقة".

كما أشار إلى أن "القرارات الأخيرة الصادرة عن المجموعة الدولية وضعت تصوّراً لمعالجة الوضع السوري، يشوبه نوع من الغموض في المسائل الأساسية، مثل موقع (رئيس النظام) بشار الأسد في العملية الانتقالية وفي مستقبل سورية".

ويبدو أن هذه النقطة ستكون موضع الخلاف الرئيسي خلال الجولة المقبلة من محادثات جنيف، رغم محاولة موسكو التخفيف من لهجتها حيال مصير الأسد، بطرحها إمكانية تأجيل بحث هذه النقطة، لا استبعادها تماماً، كما كانت تطرح سابقاً، إلا أن المعارضة السورية، رفضت هذا الطرح، مصرّة على ألا يكون للأسد أي دور في المرحلة الانتقالية.

في هذا السياق، توقّع المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر، أن "تركّز الجولة المقبلة على القضية الأساسية، وهي الانتقال السياسي في سورية، بما في ذلك مستقبل الأسد"، بينما شدّد وزير الخارجية الأميركي جون كيري، على أنه "لا يوجد طريقة لإنهاء القضية السورية في ظلّ بقاء الأسد في السلطة".

وأضاف كيري في تصريحات لمحطة "بلومبرغ" في نيويورك، أنه "لا أرى أي طريقة ممكنة لبقاء الأسد، لأنه لا توجد طريقة لإنهاء الحرب مع بقائه في السلطة، ولا توجد طريقة لإنهاء العنف، ولا طريقة يمكنه توحيد البلاد بها. لذلك لا بدّ أن تقر إيران وروسيا وغيرهما، بأنهم إذا أرادوا تحقيق السلام، فلا بدّ أن يرحل الأسد". ورأى كيري أن "مفاوضات السلام المرتقبة في شأن الانتقال السياسي في سورية، ستختبر ما إذا كان بشار الأسد يمكنه التفاوض بنية حسنة أم لا".


ومن الإشكالات الأخرى التي تعترض مفاوضات جنيف، إصرار موسكو على توسيع وفد المعارضة، ليضمّ بشكل خاص حزب "الاتحاد الديمقراطي" كممثل للأكراد، وبعض القوى الأخرى المنبثقة عن اجتماعات العاصمة المصرية القاهرة. مع العلم أن روسيا حاولت خلال الجولات السابقة، ضمّ رئيس حزب "الاتحاد الديموقراطي" الكردي في سورية، صالح مسلم، وهو ما رفضته المعارضة، معتبرة أن "مسلم وحزبه، ليسا جزءاً منها، وهما أقرب للنظام".

في هذا الصدد، اعتبر عضو المكتب السياسي لـ"الحزب التقدمي الديمقراطي الكردي"، صلاح درويش، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "التمثيل الحالي للأكراد في وفد المعارضة ناقص وضعيف، ويجب أن يكون هناك تمثيل أكبر لهم".

مع العلم أن الأكراد يتمثلون حالياً من خلال عضو الائتلاف فؤاد عليكو، بينما طالب درويش بزيادة التمثيل الكردي إلى ثلاثة، مشيراً إلى أن "فكرة تمثيل الأكراد عبر الوفد الموحّد للمعارضة، هي فكرة طرحها أساساً رئيس الحزب التقدمي الديمقراطي الكردي عبد الحميد درويش، وليست فكرة روسية، وذلك تفادياً لوجود إشكالية في التمثيل الكردي".

وأوضح درويش أن "رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب، طرح خلال زيارته إلى أربيل، واجتماعه مع رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، قبل بضعة أيام، أن يبقى الأكراد في وفد المعارضة، في مقابل اعتبار المجلس الوطني الكردي ممثلاً شرعياً للأكراد".

أما بشأن صالح مسلم، قال درويش، إنه "لا يمكنه أن يكون ضمن وفد المعارضة، لأنه لا يطرح نفسه ممثلاً للأكراد، بل لحزب سياسي، لا يقتصر على الأكراد فقط، وتصرّ روسيا على حضوره". وطالب درويش بأن "يكون وفد المعارضة إلى جنيف ممثلاً لجميع السوريين، بغضّ النظر عن حجم تمثيل أي مكوّن سوري، سواء كردي أم غيره"، منتقداً التصريحات المنسوبة لرئيس وفد التفاوض أسعد الزعبي، بشأن الأكراد، التي قال إنها "تحمل فكراً إقصائياً بعثياً"، بحسب تعبيره.

في سياق متصل، عارضت الدول الغربية الأعضاء في مجلس الأمن، مشروع البيان الروسي، الذي يدعو إلى ضمان أعلى درجات التمثيل في الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف. وأشار المندوب الروسي الدائم في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، أمس الأربعاء، إلى أنه "لم تتمّ حتى الآن دعوة أكراد سورية إلى جنيف، وهذا الموقف يخالف قرارات مجلس الأمن التي تفترض شمولية العملية السياسية في سورية".

وكانت الجولة السابقة من المحادثات التي جرت من 14 إلى 24 مارس/آذار الماضي، في جنيف، قد انتهت من دون تحقيق أي تقدم ملموس. ووفقاً لخريطة الطريق التي حددتها الأمم المتحدة، فإن هذه المحادثات يجب أن تؤدي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي خلال ستة أشهر، تكون مهمتها وضع دستور جديد وتنظيم انتخابات خلال 18 شهراً.

وفي موازاة المعارك الدبلوماسية، تتواصل المعارك بين مختلف الأطراف لتثبيت أقدامها، وتحسين مواقعها قبل مفاوضات جنيف، في تصعيد للقتال ينذر بانهيار كامل للهدنة بين النظام والمعارضة التي بدأت منذ حوالي شهر ونصف الشهر.

المساهمون