شهد العام الجاري منذ بدايته تزايداً في عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم بسبب الألغام ومخلفات الحروب في محافظة البصرة، أقصى جنوب العراق. ويعزو مراقبون ذلك إلى تجريف الأمطار الغزيرة قسماً كبيراً من تلك الألغام والمخلفات المدفونة تحت الأرض وإلى أعمال بناء في مناطق مزروعة بالألغام.
وأفاد مدير المركز الإقليمي لشؤون الألغام في البصرة نبراس التميمي بأنّ المحافظة شهدت وفاة 18 عراقياً بسبب انفجار ألغام منذ بداية العام، موضحاً في تصريح صحافي، أنّ هذا العدد يُعَدّ حصيلة مرتفعة بالمقارنة مع حصيلة العام الماضي الذي شهد بأكمله وفاة 24 شخصاً. وأشار إلى أنّ محافظة البصرة تحتلّ المركز الأول لجهة المساحات التي تحتوي على مخلفات حربية، تليها محافظة المثنى ثمّ محافظة ذي قار التي تضمّ في أراضيها قنابل عنقودية تُعَدّ من أخطر أنواع المخلفات الحربية، وأخيراً محافظة ميسان. أضاف التميمي أنّ المناطق التي تحوي مخلفات من هذا النوع في البصرة تابعة لمدن الزبير والفاو وشط العرب.
وتحدّث التميمي عن عمليات تطهير نفّذها المركز في مناطق عدّة في عام 2019، لا سيّما في عدد من المحافظات الجنوبية شملت أربعة ملايين متر مربّع في البصرة ونحو 11 مليون متر مربّع في محافظات ميسان وذي قار والمثنى، لافتاً إلى مشاكل تتعلّق بتنقّل رعاة الأغنام من محافظة الى أخرى. وشرح أنّ هؤلاء الرعاة يقعون غالباً ضحايا لتلك المخلفات والألغام، نتيجة عدم التزامهم بالعلامات التحذيرية، داعياً المنظمات الدولية إلى تقديم المساعدة في قضية إزالة المخلفات الحربية. وشدّد التميمي على ضرورة توفير دعم لوجستي حكومي يتناسب مع حجم المخاطر في المناطق حيث الألغام القديمة، قائلاً إنّ المسوحات الأخيرة أدّت إلى اكتشاف مساحة 15 مليون متر مربع من الألغام في مدينة الزبير بالبصرة وحقول ألغام أخرى في محافظات ذي قار وميسان والمثنى. وطالب المواطنين بضرورة التعاون مع المركز الإقليمي لشؤون الألغام والمنظمات المساندة له من خلال الالتزام بالإرشادات والعلامات التحذيرية وعدم إزالتها، وكذلك عدم الاقتراب من أيّ أجسام غريبة أو الحفر بقربها، بالإضافة إلى التبليغ عن أيّ مناطق يشكّون بأنّ ثمّة مخلفات حربية فيها.
تجدر الإشارة إلى أنّ يوم الأربعاء الماضي شهد مقتل طفل وإصابة آخر بانفجار لغم أرضي قديم في منطقة البطين التابعة لمدينة الزبير في محافظة البصرة. وهذا النوع من الحوادث مستمر، بحسب ما يقول عضو نقابة الأطباء في البصرة حسين الركابي لـ"العربي الجديد"، واصفاً إياه بأنّه "خطر". ويشرح أنّ "أضرار هذا النوع من الحوادث لا تقتصر على الوفيات التي يُعلن عنها في وسائل الإعلام. فانفجار الألغام والمخلفات الحربية يتسبب في عاهات دائمة وإعاقات لمصابين كثيرين، فيضطر عدد منهم إلى بتر أطراف لهم أو خسارة أعضاء من أجسادهم".