ألا أيها الوطن الثقيل ألا انزلِ عن كاهلي!

30 ديسمبر 2018
+ الخط -

 "ما أقساه قدر أولئك الذين يُقدّر لهم أن يولدوا أو يعيشوا على الحافة في مراحل التحول والانتقال العميقة بين العصور، وما أحزنه المصير الذي يكتب عليهم أن يواجهوه، وما أكثر من طعنتهم وقتلتهم التحولات الكبيرة أو تجاوزتهم، أو عبرت على جثثهم، وما أندر أولئك الذين واجهوا تلك التحولات وصمدوا أمامها لا تحدياً ولا تعويقاً لتيار التطور والتقدم، وإنما نزولاً عليه، ثم بالتالي السير معه، ثم التحكم في مجراه، ثم التوجه معه إلى المستقبل بل والتنبؤ باحتمالات المستقبل القريبة والبعيدة على السواء" 

نجيب سرور من كتابه (هموم الأدب والفن)  

ـ " ألا أيها الوطن الثقيلُ ألا انزلِ عن كاهلي .... أبحث عن ظلي المغدور، هو تابعي والألف الباء، هو فاطمة ونوم الأرصفة، فلا أقسمن بهذا البلد، فظلي حِلٌ بهذا البلد، وتلك الفتارين حِلٌ به، بلد لا يأتيه النور من بين يديه ولا من خلفه، لا نهدان به، بلد يشبه قول الزور ولحية مولانا، يشبه مقصلة الله، وأبواب الدستور، وصناديق التصويت الشفافة، بلد يشبه حرف الخاء، يرذ شخيره في كل الأحرف من دون حياء، ويستاف النور".

رضا البهات من كتاب (اختار ألا يموت) 

 

ـ "ولكن يكفي تماماً أن أعرف أنا ما أعرفه عن نفسي، وأني خير من يعرف ذلك عن نفسه. المظهر غالباً ما يخدع يا سيدي، وإطلاق حكم على إنسان، يفضّل أن يُترك لهذا الإنسان نفسه. فالإنسان الذي رأى وخبر الكثير لا يستطيع أحد معرفته حق المعرفة مثل نفسه. لقد ضللت طريقي في ما مضى في الضباب وفي ألف نوع من التقلبات والحيرة، وكثيراً ما أشعر بنفسي مهجوراً ببؤس مقيت، لكني أفكر بأن من الجمال بمكان أن يكافح الإنسان. الإنسان لا يفخر بأفراحه ومسراته، إنما الصعاب التي تغلّب عليها بشجاعة والآلام التي تحمّلها بصبر هي وحدها ما يجعله فخوراً وفرحاً من عمق روحه. لكن المرء لا يهدر الكلام حول هذا الموضوع. هل من إنسان نزيه لم يمر في حياته مطلقاً بحالة عجز، وهل من جوهر إنساني حقيقي لم يفقد بمرور السنين آمالاً وخططاً وأحلاماً؟ أين هي الروح التي تحقق توقها وتمنيها الجسور وتصوراتها الحلوة العالية عن السعادة، دون أن تضطر إلى التنازل عن أجزاء منها؟". 

روبرت فالزر من رواية (مشوار المشي) ترجمة د. نبيل الحفار 

ـ "لا بد أن تكون قد رأيت كل هذا القدر من المناظرات العلنية والكلمات الغبية، فإن ذلك مضيعة حقيقية للطاقة، ومعظم القسوة الموجودة في العالم هي في الحقيقة طاقة ضائعة". 

زادي سميث من رواية (عن الجمال) ترجمة مفرح كريم 

 

ـ "ليس من السهل على جبابرة العقول الذين لا يعرفون الكراهية ولا يخطر لهم على بال إيذاء رفاقهم، أن يدركوا أنه بالرغم من ذلك فإن رفاقهم يكرهونهم ويودون أن يهلكوهم، ليس فقط بدافع الحسد، لأن وضعهم جنباً إلى جنب مع إنسان متفوق يجرح غرورهم، وإنما بكل بساطة وأمانة لأنهم يخيفونهم، والخوف قد يدفع الناس إلى الغلو في التطرف، والخوف الذي يوحي به كائن متفوق هو خوف من نوع غامض، لا يمكن التغلب عليه بالمنطق السليم، ولأنه لا يخضع لمنطق أو لقياس فهو لا يُحتمل عندما لا يتوافر افتراض أو ضمان بحسن مقصده أو مسئوليته الخلقية" 

جورج برنارد شو في مقدمة مسرحية القديسة جون ـ مايو 1934 

ـ "معظم الناس الذين تعرفهم يعتقدون أن القذارة شيء مؤقت، شيء من تلك الأشياء، بخلاف المرض أو الجنون أو الحقد الاجتماعي، لا تتجذر، بل هي أمر سطحي، ولهذا فمن الممكن التخلص منها، ببذل الجهد والإرادة وبقدر ضئيل من الذكاء. كانت تعلم أن ذلك الاعتقاد نابع من كون الناس لا يفهمون القذارة، فهم يتوهمون أن الاعتياد عليها شيء من البساطة، إنهم لم يفهموا الطريقة التي يمكن للقذارة أن تغزو بها، وتستقر وتسيطر وتهيمن وإلى الأبد، حتى تصبح، بصورة لا يمكن تحاشيها، الشيئ الحقيقي الوحيد في المكان، والحياة الوحيدة التي يمكن أن تعاش في ذلك المكان. الغبار والسخام وشحوم الأطعمة وفضلات الأجسام، والروائح الكريهة المقيمة في الهواء، كلها محسوسة مؤذية لا يمكن تشخيصها، ويستحيل التمييز بينها: مجموعة من الأشياء القبيحة اللاجئة من موقع غير معروف، دائمة وعنيدة، مستوطنون بوجوه حادة، لهم حق التملك، فالمكان الآن لهم ولن يغادروا".

ماري غوردون من قصتها (حياة المدينة) ترجمة علي القاسمي

ـ "بكل طريقة من الطرق نحن أسرار منفصلة عن بعضنا، وأظن فعلاً أن هناك لغة قائمة بذاتها في كل واحد منّا، وأيضاً جماليات وقوانين قائمة بذاتها، كل واحد منّا هو حضارة صغيرة بنيت فوق خرائب ما لا يحصى من الحضارات البائدة"

 مارلين روبنسون من رواية (جلعاد) ترجمة سامر أبو هواش 

 

ـ "ما زلت أحب كل الناس الذين أحببتهم يوماً، ولا أستطيع منع نفسي من أن أرى عبر مرات الهجر كلها ومعظم الخيانات من جهتي أو من جهة الآخرين، الشخص النقي الواضح، الذي كان قبل أن يتحول كل شيء إلى رماد، وبنوع من البطولة الغبية، لا أتنكر لقصص حبي أو لأي من الجروح التي عشتها، ولو فعلت لكنت بذلك أتنكر لنفسي. أعرف أن الأمر ليس على هذا النحو عند الجميع، فثوب العار سميك ومتين، وكثيرون هم من يحملون ضغينتهم واستياءهم مثل أوسمة، مثل سيوف مشهرة بكثير من الكبرياء والعناد كما لو كانت ممتلكات وثروات يتباهون بها".

ميلينا بوسكيتس من رواية (وهذا أيضاً سوف يمضي) ترجمة نهى أبو عرقوب 

ـ "ذات يوم لم أكن موجودة وذات يوم لن أكون موجودة. بين هاتين اللحظات من لحظات العالم اللا مبالي، أحاول أن أعيش. إنها حالة قلقة متأرجحة يلفها الانزعاج. بين هذين الغيابين نمضي إلى حيث تقودنا خطواتنا، نطأ العالم وجهاته. ثمة أماكن وأماكن. الأماكن الفخمة أو الشهيرة تجعلنا في نهاية الأمر لا مبالين. وفي أفضل الأحوال فهي تجذب الجانب الثقافي فينا، الأكثر وسطية. الأماكن الحقيقية تلك التي تخلقنا والتي تحتفظ بها ذاكرتنا، هي تلك التي رأتنا خارج أنفسنا وحافظت على نزواتنا، الالتصاق برغباتنا أو الخشية منها، تلك التي كانت أساس التمرد." 

ياسمينة رضا من رواية (هامر كلافيير) ترجمة نزار آغري 

 

ـ "ما يقلقني ويخيفني في المغامرة البشرية هي هذه القدرة الهائلة على الاعتياد... من يستطيع حماية أي موقع وأي مشهد من التحالف المريع بين الجهل والعنف والمال والعمى الجمالي والروحي الفالت على غاربه في هذا البلاد... قبل ربع قرن، قبل اندلاع هذه الحرب، كنا نحس في لا وعينا أن بلادنا صخرة راسخة لا تهزها ريح، وأننا نقف على أرض شديدة الصلابة لا خوف عليها، وما تغير في العمق وتغير كل شيء معه هو هذا الإحساس. بِتنا نشعر الآن أن بلادنا بالغة الهشاشة، وأننا نقف على أرض أشبه ما تكون بالرمال المتحركة لا يصمد عليها بناء. إنه الوقوف على الرمال المتحركة. يا له من تحول رهيب لا نعي حقاً كل آثاره ومفاعيله المدمرة داخل نفوسنا. هذا هو سر مأساتنا، والأدهى أننا نقف عاجزين عن فعل أي شيء إزاءه، تماما كما يقف المرء أمام الزلازل الأرضية وأعاصير المحيط". 

انطوان الدويهي من رواية (عبور الركام) 

ـ "على الجانب الآخر من المرآة ثمة عالم معكوس، حيث المجانين يصبحون عقلاء، والعظام تطلع من الأرض وترتدّ إلى لزوجة الحب الأولي. وفي المساء تشرق الشمس. والعشاق يبكون لأنهم صغروا يوماً، ولأن الطفولة سرعان ما ستسلبهم لذتهم. في عالم كذلك، ما أكثر الأحزان التي هي ـ طبعاً ـ أفراح."

راسل إدسن من كتاب (كلنا نولد مصابين بالغثيان) ترجمة أحمد شافعي 

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.