أكثر ما يزعج في قضية شارلي إيبدو هو صلافة الذين أتوا إلى الغرب على صهوة سفارات عربية ومؤسسات إعلامية الواسطة هي المعيار الوحيد فيها، أولئك الانتهازيون الذين يتاجرون ببؤس المجتمعات التي قدموا منها، وبؤس أشقياء الغيتوهات الغربية، ومع كل حادث من هذا النوع يتدافعون إلى برامج "التوك شو" ليتكلموا بفرنسية مكسرة، بوصفهم أولياء أمر هؤلاء الأشقياء الذين يحتقرونهم، ويقدمون إلى المجتمع الفرنسي براءة ذمة من فرنسيي الجيل الثالث والرابع.
أشعر بغضب وأرغب في الكتابة عن المجلة وتاريخها ومضمونها الذي غيّب في خضم الأحداث والتغيير الذي حصل في إدارتها بعد أن غادرها فيليب فال وكارولين فورست، وعن المجتمع الفرنسي وإشكالية الجهاديين والإسلاموفوبيا فيه، وكذلك عن الجدل الذي أثارته التغطية الإعلامية للحادثة بين المثقفين الفرنسيين، وشعار "أنا شارلي" الذي رفع في التظاهرة، وحيثيات الحدث وتبعاته.
مثلاً في حقبة فيليب فال، المتعصب لإسرائيل، كان "نقد الإسلام" يستخدم غطاءً لاستعادة الكليشيه الاستعماري للبدوي العربي الذميم الذي ينكح الجمال والعنزات، فأن ترسم إماماً بدوياً ينكح عنزة والذباب يحوم حوله فهذا ليس موجهاً ضد الإسلام، بل يستخدم معاداة الإسلام غطاءً لاستعادة عنصرية بدائية يجرّمها القانون الفرنسي. ما يجب قوله إن التعبير العنصري لا يشكل جزءاً من حرية التعبير.
* كاتب لبناني مقيم في باريس