أفلام قصيرة في "زاوية": قهر وذكورية

26 ابريل 2019
"يوم الزفاف" للجزائري إلياس بلقادر (الملف الصحافي للفيلم)
+ الخط -
في النسخة الثالثة لـ"أيام القاهرة السينمائية"، التي نظّمتها سينما "زاوية" بين 10 و16 إبريل/ نيسان 2019، عُرضت خلالها أبرز الأفلام العربية المنجزة أخيراً، أُقيمت حفلتان خاصّتان بأفلام قصيرة: أولى تضمّ 4 أفلام من الجزائر ولبنان وتونس، وثانية تضمّ 3 أفلام للمصري الشاب أحمد الغنيمي، التي أنجزها في الأعوام الماضية. ورغم اختلاف موطن كلّ عمل ولغته السينمائية التي يروي بها قصّته، تشترك الأفلام في هواجس وأفكار وخطوط عريضة. 

أول تلك الأفكار المشتركة ثنائية النسوية والذكورية، كمفهوم تُفكّكه الأفلام من زوايا مختلفة. فـ"الهدية" للتونسية لطيفة دوغري، يروي قصّة شابة تعاني فتورًا في علاقتها الجنسية بزوجها، فتقرّر إعادة "ترقيع" غشاء بكارتها، كهدية يمكن أن تمنح لجسديهما حميمية مفقودة. لكن الزوج، عند كشفها له عن هديتها، يسألها: "هل كانت الهدية الأولى له ليلة زفافهم؟"، فهو يحمل الأخلاقيات الذكورية كلّها، المعتادة في العالم العربي، ما أوجد هذا القهر في علاقته بزوجته.

والذكورية كلمة تربط الأفلام الثلاثة لأحمد الغنيمي معًا. هناك عنف مكتوم في تعامل الرجال مع بعضهم البعض. ورغم عدم ظهور أنثى واحدة في الأفلام تلك، فإنّ إبراز العنف بهذا الشكل يكشف علاقتهم بالنساء كمتوالية قهر منطقية. عمرو، بطل "بحري" (فيلمه الأول المُنجز عام 2011)، يحتجزه شخصان في منطقة "بحري" في الإسكندرية، لتصويره أطفالاً في الشارع. أثناء احتجازه، يُضغط عليه دائمًا وبحدّة. وعمرو (كتعبير سينمائي عن المخرج) يظهر مجدّدًا في الفيلم الثاني "الكهف" (2013)، الذي يستكشف العلاقة المركّبة وميزان القوة بينه وبين صديقه أدهم، مفتول العضلات وذو حضور قوي وحياة صاخبة، الذي يقهر عمرو أيضًا، لكن بشكلٍ مختلف. ورغم أن "جزر طرابلس" (ثالث أفلامه، وهو إنتاج لبناني) لا يتناول القهر، إلا أنه يبحث في علاقة ابن بأبيه، مُلقيًا ضوءًا على النشأة في عالم ذكوري، يحتفل بالقوّة ويمجّدها. 

عن العالم نفسه، والصراع الذكوري أيضًا، يدور "يوم الزفاف" للجزائري إلياس بلقادر: الحياة اليومية لزعيم عصابة، بين احتكاكه بالمدينة وعملية يُنفّذها، بكلّ ما يحمله هذا من سيطرة وتحكّم. أما "بطيخ الشيخ"، للتونسية كوثر بن هنية، وهو فيلم قصير أنجزته بعد 3 أفلام طويلة ناجحة أخرجتها في الأعوام السابقة، فيتناول معطيات العالم الذكوري أيضًا، من خلال نزاع رجلين على إمامة مسجد صغير في تونس، لكنه يتوقّف عند نقاطٍ أخرى مجاورة للذكورية والقهر والصراع، وهي مفردات تفتتح الأفلام كلّها، متناولاً بسخرية السعي الحاد إلى السلطة، الدينية كما في الفيلم، التي لها أثر اجتماعي واضح. ويتابع "بطيخ الشيخ" كيفية تأثّر المجتمع التونسي تحديدًا، والعربي عمومًا، بألاعيب تخصّ أطرافها فقط. 

أما "الرجوع" لمايك مالاغاليان، فمختلف نسبيًا: في 9 دقائق فقط، مع ممثلة واحدة معظم الوقت، في شقّة واسعة وشبه خالية، يتناول هواجس امرأة لا تزال تحلم بعودة زوجها المختفي خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990). ورغم محاولة الفيلم الاعتماد على شكل بصري وشريط صوت غير متداول، أقرب إلى أفلام الرعب الأميركية، فإن مساعيه النهائية "توعوية". النوايا طيّبة بالتأكيد، لكنها لم تُنتج فيلمًا مُثيرًا للاهتمام.
المساهمون