أفلام عربية في القاهرة: تكريم وتنافس

28 نوفمبر 2018
"البرج" للنرويجي ماتس غرورد (فيسبوك)
+ الخط -
"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" مهتمّ بالنتاج العربي. يريد حضورًا أكبر له. يختار عناوين واحتفالات كي يعكس شيئًا من حيويته وانشغالاته وسردياته البصرية. يختار فيلمًا واحدًا للمسابقة الدولية ("ليل/ خارجي" لأحمد عبدالله السيّد) لدورته الـ40 (20 ـ 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018)، لكنّه يُخصِّص مسابقة مستقلّة له، هي "آفاق السينما العربية" (8 أفلام)، ويحتفي بـ"مخرجات عربيات" (9)، ويُشكِّل لجنة تحكيم عربية دولية لتقديم جائزة أفضل فيلم عربي (المصرية آيتن أمين والتونسي نديم شيخ روحه والألماني كلاوس أيدر). هناك 3 أفلام عربية من أصل 7 في مسابقة "أسبوع النقاد الدولي" أيضًا: "طرس ـ صعود إلى اللامرئي" للّبناني غسان حلواني و"لا أحد هناك" للمصري أحمد مجدي و"صوفيا" للمغربية صوفيا بنمبارك، بالإضافة إلى 7 أفلام قصيرة من أصل 22 في مسابقة "سينما الغد الدولية للأفلام القصيرة". من دون تناسي برامج أخرى أيضًا تعرض أفلامًا عربية مختلفة. 

الحراك السينمائيّ العربي في الأعوام الفائتة دافع إلى ذلك. الجماليات تقول إنّ في النتاج حيوية قولٍ يعتمد الصمت أو الصورة غالبًا لتعبيرٍ أو تأمّل. مفردات اللغة السينمائية غالبة في أفلام عديدة، ومسائل اليوميّ تتطلّب نظرة فاحصة من دون أحكام أو تشنّج. التوثيق متحرّر من وطأة التسجيل، والتحريك يستكمل النص ويمنحه معطيات إضافية لقول مختلف. الارتباكات لن تحول دون تنبّه إلى بعض الجماليات المخبّأة في ثنايا فيلم أو في فضائه أو سرده. هذا جزءٌ من إنتاجٍ مفتوح على تطوّرات هائلة في صناعة الصورة وتقنياتها واقتصادها، تستعين السينما العربية بها.

المشهد قابلٌ لتفاؤل أوليّ، لكن التوغّل في تشعّباته وغليانه الداخلي يكشف شيئًا من ارتباك وخلل. هذا طبيعي إنْ يكن مهمومًا بتقدّم حقيقي، فاللحظة مليئة بتخبّطات لن يتغاضى عنها سينمائيون عرب، فإذْ بهم ينهلون منها ما يعتبرونه الأهم في اشتغالهم: العلاقات، المشاعر، الذاكرة، الراهن، الحب، العنف، القسوة، انسداد الأفق، قسوة الآنيّ، صدام حاد بين اليومي والمستقبل. قصص فردية تنشغل بسرد هذا كلّه، وتجارب أناسٍ تنعكس في أفلامٍ مكترثة بتوفيق بصري بين جماليات الفنّ السينمائي ومعنى التعبير.

الأفلام العربية مهتمّة بمواضيع عربية. لكن هذا غير محصور بها. غربيون يجدون في العالم العربي حكايات مؤثّرة بهم، فيصنعون أفلامًا منها وعنها. النرويجي ماتس غرورد أحد هؤلاء. يختار المخيّم الفلسطيني برج البراجنة (الضاحية الجنوبية لبيروت)، ويُنجز فيلم تحريك عنه بعنوان "البرج" (إنتاج مشترك بين السويد والنرويج وفرنسا). مأزقه كامنٌ في سرديته النضالية والمباشرة، بدل التوغّل في أعماق نفوس ويوميات أفراد. أهميته أنه إنتاج أوروبي يقول شيئًا إنسانيًا عن "نكبة" الفلسطينيين، وقسوة التصدّي للمدنيين بينهم في بلاد الشتات.
وفرة العدد في النتاج السينمائي العربي غير مطابقة لنوعية ومضامين وآليات اشتغال. لكن اهتمام "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" مناسبة لمتابعة بعض هذا النتاج المتنوّع.
المساهمون