23 يونيو 2017
أفق الأزمة السعودية الإيرانية
أحمد القثامي (السعودية)
كانت خطوة السعودية قطع العلاقات مع إيران مؤشراً على تحول الصراع بينهما إلى مرحلة جديدة، تتسم بأنه يتخذ وتيرة متصاعدة تتصف بالحدة وصرامة الموقف من الطرفين، ليكون السؤال الأجدر بالتفكير بغيّة التماس الاجابة، وماذا بعد؟
الاستراتيجية الأكثر جلاء للسياسية الإيرانية هي التهديد، سواء بالمناورات العسكرية الضخمة، والإعلان عن قدراتها التسليحية، حيث يكون مدار حديثها ليس أمن حدودها، بل ما تستطيع بلوغه في أماكن بعيدة عن أراضيها، والتهديد بإغلاق مضيق هرمز، حيث يعد خنقاً لدول الخليج، وكذلك الهجوم الكلامي المستمر من رجال دين أو قادة عسكريين. ولإثبات جديّة التهديد، تستخدم أذرعتها المسلحة في الدول العربية، مثل دور حزب الله في جنوب لبنان، والذي كان مصدر إزعاج كبير لدولة الاحتلال الصهيوني، والتي يُعد أمنها إلتزاماً من الغرب، وهو ما كان له تأثيره إلى جانب التعاون الايراني المؤثر في عمليتي احتلال أفغانستان والعراق، للوصول إلى الاتفاق النووي، لتجد طهران الطريق معبداً لمتابعة منهجيتها في مجابهة السعودية ودول الخليج العربي، والتي تنشط فيها الأعمال التجسسيّة، وتعمّد لإثارة الفتنة المذهبية ودعم العنف بكل أشكاله.
على الضفة الأخرى، كانت الاستراتيجية السعودية تنتهج الاحتواء وعدم التفاعل مع أي تهديد إيراني، أو إبداء رد فعل مباشر سياسياً وإعلامياً، لاعتقادها أنَّ أميركا وبقية الدول الغربية في الجبهة نفسها معها، وهو ما كان تقديراً خاطئاً بكل المقاييس، لأن الغرب يعمل ببراغماتية، حيث كان الاتفاق النووي، والذي تجاهل دول الخليج العربي في حساباته، الأمر الذي قاد، في المحصلة، لتغيُّر ملحوظ في السياسة السعودية، حيث أدركت أنَّ الاعتماد على الآخرين خيار غير مربح، فاتخذت سبيل استثمار ما تملكه من قدراتٍ عسكرية وسياسيةٍ لتحقيق مصالحها، فكان هذا السلوك مفاجئاً للإيرانيين، سواء في عملية عاصفة الحزم أو قطع العلاقات بين البلدين بشكل كامل. إذن، ستتأثر مناطق الصراع المشتعلة، بشكل جليّ، وتنحو إلى التأزم أكثر، ولعل أبرزها الساحة اليمنية، فسيسعى الإيرانيون إلى إفشال أي إنجاز عسكري للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، لأن لمثل ذلك الفشل إنعكاساته على المملكة، خصوصاً وأنها تحركت بكامل طاقتها العسكرية، وتحت غطاء سياسي، بذلت لأجله جهوداً ديبلوماسية مُضنية، فنجاح التجربة يحتمل تكرارها في ساحات أخرى، وهو ما سيشكل هاجساً مخيفاً لإيران ومخططاتها.
إذا ماتطور التوتر بشكل سريع، فقد ينزلق الوضع المتأزم لنشوب حرب محدودة في مياه الخليج، فحينما تفقد السياسة فاعليتها وينسد أي أفق لها، تأتي الحرب لتحريكها ومحاولة كل طرف فيها حصد المكسب الأكبر بقدر ما يحدثه من خسائر في الطرف الآخر الذي سيضطر إلى تقديم التنازلات لاحقاً.
وحقيقة الأمر أن كلا الطرفين لا يملك الثقة في بعضهما، وهو ما يؤثر في توقع سلوك أي منهما من الآخر واختيار الخطوة التالية في سياق المواجهة المحتدمة، لكن ما يدفع إلى الاعتقاد أنّ حرباً كهذه مستبعدة في المدى المنظور، فإيران تعمل على استكمال منجزها في الاتفاق النووي، وقطف ثماره من رفع العقوبات، وإعادة العلاقات الديبلوماسية مع الغرب، في ظل اقتصاد منهك وتورط كبير ومباشر في المستنقع السوري، فيما المملكة لم تنته بعد من حربها ضد الحوثيين وقوات المخلوع في اليمن، وليس في وسعها فتح جبهة عسكرية جديدة، مع نجاعة جهدها الديبلوماسي، بما لايدفعها لخيارات مُكلِّفة.
على صعيد الموقف الدولي، والذي لم يخرج عن المناشدة والدعوة إلى ضبط النفس للجانبين، فأولويته يحتلها تنظيم الدولة الاسلامية ومحاربته، والذي يسبق ما سواه من ملفات، على أنه ليس مستبعداً في مراحل مقبلة أن يكون النزاع المسلح بين قوى إقليمية مفيداً، فيما يحققه من زيادة في مبيعات السلاح لدول نفطية وإنهاك الطرفين بما يكفل تحقيق مشاريع سياسية في المنطقة بكل سهولة. لكن ضبط الصراع في مراحل متقدمة منه أمر غير مضمون، وتعتمد إدارة الأزمات على عقلانية أطرافها وقدرتهم على إدراك فداحة أثرها على مستقبل شعوبٍ مازالت تستدعي من التاريخ وقوداً لصراعها، أو يراد لها ذلك.
الاستراتيجية الأكثر جلاء للسياسية الإيرانية هي التهديد، سواء بالمناورات العسكرية الضخمة، والإعلان عن قدراتها التسليحية، حيث يكون مدار حديثها ليس أمن حدودها، بل ما تستطيع بلوغه في أماكن بعيدة عن أراضيها، والتهديد بإغلاق مضيق هرمز، حيث يعد خنقاً لدول الخليج، وكذلك الهجوم الكلامي المستمر من رجال دين أو قادة عسكريين. ولإثبات جديّة التهديد، تستخدم أذرعتها المسلحة في الدول العربية، مثل دور حزب الله في جنوب لبنان، والذي كان مصدر إزعاج كبير لدولة الاحتلال الصهيوني، والتي يُعد أمنها إلتزاماً من الغرب، وهو ما كان له تأثيره إلى جانب التعاون الايراني المؤثر في عمليتي احتلال أفغانستان والعراق، للوصول إلى الاتفاق النووي، لتجد طهران الطريق معبداً لمتابعة منهجيتها في مجابهة السعودية ودول الخليج العربي، والتي تنشط فيها الأعمال التجسسيّة، وتعمّد لإثارة الفتنة المذهبية ودعم العنف بكل أشكاله.
على الضفة الأخرى، كانت الاستراتيجية السعودية تنتهج الاحتواء وعدم التفاعل مع أي تهديد إيراني، أو إبداء رد فعل مباشر سياسياً وإعلامياً، لاعتقادها أنَّ أميركا وبقية الدول الغربية في الجبهة نفسها معها، وهو ما كان تقديراً خاطئاً بكل المقاييس، لأن الغرب يعمل ببراغماتية، حيث كان الاتفاق النووي، والذي تجاهل دول الخليج العربي في حساباته، الأمر الذي قاد، في المحصلة، لتغيُّر ملحوظ في السياسة السعودية، حيث أدركت أنَّ الاعتماد على الآخرين خيار غير مربح، فاتخذت سبيل استثمار ما تملكه من قدراتٍ عسكرية وسياسيةٍ لتحقيق مصالحها، فكان هذا السلوك مفاجئاً للإيرانيين، سواء في عملية عاصفة الحزم أو قطع العلاقات بين البلدين بشكل كامل. إذن، ستتأثر مناطق الصراع المشتعلة، بشكل جليّ، وتنحو إلى التأزم أكثر، ولعل أبرزها الساحة اليمنية، فسيسعى الإيرانيون إلى إفشال أي إنجاز عسكري للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، لأن لمثل ذلك الفشل إنعكاساته على المملكة، خصوصاً وأنها تحركت بكامل طاقتها العسكرية، وتحت غطاء سياسي، بذلت لأجله جهوداً ديبلوماسية مُضنية، فنجاح التجربة يحتمل تكرارها في ساحات أخرى، وهو ما سيشكل هاجساً مخيفاً لإيران ومخططاتها.
إذا ماتطور التوتر بشكل سريع، فقد ينزلق الوضع المتأزم لنشوب حرب محدودة في مياه الخليج، فحينما تفقد السياسة فاعليتها وينسد أي أفق لها، تأتي الحرب لتحريكها ومحاولة كل طرف فيها حصد المكسب الأكبر بقدر ما يحدثه من خسائر في الطرف الآخر الذي سيضطر إلى تقديم التنازلات لاحقاً.
وحقيقة الأمر أن كلا الطرفين لا يملك الثقة في بعضهما، وهو ما يؤثر في توقع سلوك أي منهما من الآخر واختيار الخطوة التالية في سياق المواجهة المحتدمة، لكن ما يدفع إلى الاعتقاد أنّ حرباً كهذه مستبعدة في المدى المنظور، فإيران تعمل على استكمال منجزها في الاتفاق النووي، وقطف ثماره من رفع العقوبات، وإعادة العلاقات الديبلوماسية مع الغرب، في ظل اقتصاد منهك وتورط كبير ومباشر في المستنقع السوري، فيما المملكة لم تنته بعد من حربها ضد الحوثيين وقوات المخلوع في اليمن، وليس في وسعها فتح جبهة عسكرية جديدة، مع نجاعة جهدها الديبلوماسي، بما لايدفعها لخيارات مُكلِّفة.
على صعيد الموقف الدولي، والذي لم يخرج عن المناشدة والدعوة إلى ضبط النفس للجانبين، فأولويته يحتلها تنظيم الدولة الاسلامية ومحاربته، والذي يسبق ما سواه من ملفات، على أنه ليس مستبعداً في مراحل مقبلة أن يكون النزاع المسلح بين قوى إقليمية مفيداً، فيما يحققه من زيادة في مبيعات السلاح لدول نفطية وإنهاك الطرفين بما يكفل تحقيق مشاريع سياسية في المنطقة بكل سهولة. لكن ضبط الصراع في مراحل متقدمة منه أمر غير مضمون، وتعتمد إدارة الأزمات على عقلانية أطرافها وقدرتهم على إدراك فداحة أثرها على مستقبل شعوبٍ مازالت تستدعي من التاريخ وقوداً لصراعها، أو يراد لها ذلك.
مقالات أخرى
21 مارس 2017
30 ديسمبر 2016
13 نوفمبر 2016