أفغانستان: توقيع الاتفاقيّة الأمنيّة يضاعف هجمات "طالبان"

05 أكتوبر 2014
"طالبان" تصف الحكومة الجديدة بالعميلة (هارون ساباون/ الأناضول/ Getty)
+ الخط -

تزايدت وتيرة العمليات الانتحارية والهجمات التفجيريّة في أفغانستان، بعد توقيع كابول الاتفاقية الأمنيّة مع واشنطن، الثلاثاء الماضي، والتي تسمح للولايات المتحدة الأميركية بإبقاء بعض جنودها في أفغانستان بعد الانسحاب الدولي المقرر نهاية العام الحالي.

وتستهدف معظم التفجيرات الجيش الأفغاني، فيما تتبناها حركة "طالبان" أفغانستان، التي استنكرت توقيع الاتفاقية وتوعّدت بالرد القاسي. ولمواجهة التصعيد، أمر الرئيس الأفغاني، أشرف غني أحمدزاي، السلطات الأمنيّة باتخاذ إجراءات صارمة وفاعلة.

وخلال الأيام الثلاثة الماضية، تعرّضت قوات الجيش الأفغاني لعدة هجمات انتحارية منسّقة في كابول وضواحيها، ما أدى إلى مقتل أكثر من أربعة عشر من ضباط وعناصر الجيش ومسؤولين في وزراة الدفاع. وكان من أخطر تلك الهجمات، هجوم انتحاري استهدف سيارة قادة عسكريين، قرب المطار وأدى إلى مقتل سبعة ضباط.

ولم تقتصر الموجة الجديدة من التفجيرات التي يتعرض لها الجيش، على كابول فحسب، بل امتدّت إلى المدن والأقاليم الأخرى. وكان من أبرز تلك العمليات هجوم انتحاري استهدف قافلة للجيش في مديرية ريجستان بإقليم قندهار. وقال مسؤول أمني لـ"العربي الجديد"، رفض الكشف عن اسمه، إنّ الانتحاري كان يقود سيارة مفخّخة، واستهدف قافلة للجيش، في طريقها إلى مدينة سنجين، ما أدى إلى مقتل وإصابة العديد من جنود الجيش.

وتبنت حركة "طالبان" أفغانستان، مسؤولية كل تلك الهجمات، مهدّدة الحكومة الأفغانية الجديدة، التي وصفتها بـ"حكومة عميلة"، وقالت إنّها "أثبتت عمالتها بتوقيع الاتفاقية الأمنية مع واشنطن".

ولم يكتفِ مسلحو "طالبان" باستهدف الجيش من خلال عمليات تفجيريّة، بل شنّوا هجمات شارك فيها عشرات المقاتلين ضد قوات الأمن الأفغانية. وفي هجوم جديد في مديرية ريجستان الحدودية بإقليم قندهار، تمكّن المسلحون من السيطرة على مقر المديريّة والثكنات العسكريّة، بعد انسحاب قوات الجيش.

ويقول المتحدث باسم "طالبان"، قاري يوسف أحمدي، إنّ المسلحين هاجموا المديرية، وتمكنوا من السيطرة على مقرها وأطرافها، بعد مواجهات عنيفة استمرت ساعات عدّة. ولا تزال المديرية في قبضة طالبان، وفق أحمدي، لكنّ الحكومة تنفي ذلك، وتؤكّد أن قوات الجيش لا تزال تتمركز في مقر المديرية، بعد التصدي لهجوم طالبان.

في المقابل، يشنّ الجيش الأفغاني عمليات مضادة ضد "طالبان"، في مناطق مختلفة من البلاد. ففي إقليم قندز شمالاً، أحكمت قوات الجيش بالتعاون مع الجيش القبلي، سيطرتها على مواقع استراتيجيّة في منطقة قشلاق الجبلية، التي سيطرت عليها "طالبان" قبل يومين، وقتلت أكثر من عشرة مسلّحين منها.

وفي إقليم غزنة جنوبي البلاد، أطلق الجيش الأفغاني هجوماً كبيراً ضد "طالبان"، في مديرية أجرستان، بدعم من قوات "الأطلسي"، وفق ما ذكرته مصادر قبلية. وأدى قصف الطائرات الأطلسية ومدفعية الجيش الأفغاني إلى تدمير عشرات المنازل، بعد أن أُجبر سكانها على النزوح.

وتضيف المصادر أنّ قوات الجيش تحاول الدخول إلى المناطق التي سيطر عليها مسلحو "طالبان" قبل أسبوع، لكنّ الألغام الأرضيّة التي زرعها المسلحون على امتداد الطرق والمداخل تحول دون ذلك.

ويقول أحد زعماء القبائل لـ"العربي الجديد"، رافضاً الكشف عن هويته، إنّ المسلحين أمروا القبائل في بعض المناطق بعدم الخروج من منازلهم، بعد أن زرعوا الألغام على امتداد الطرق الرئيسية، في محاولة للتصدي لحملة الجيش الأفغاني. ويؤكد الزعيم القبلي أنّ سكان المنطقة يواجهون مشاكل جمّة بسبب الألغام الأرضيّة التي حصدت أرواح عدد كبير من المواطنين.

وتشهد مديرية أجرستان معارك ضارية، بين الجيش الأفغاني ومسلحي "طالبان" منذ أسبوع، أدت إلى مقتل أكثر من 100 مدني، بعد أن شنّوا هجوماً واسعاً في المنطقة ضد الجيش، وسيطروا على مناطق إستراتيجية بعد إعدام خمسة عشر شخصاً بحجة ولائهم للجيش القبلي الموالي للحكومة والجيش الأفغاني.

ويثير تزايد وتيرة عمليات "طالبان" قلقاً في أوساط الحكومة الأفغانية، دفع أحمدزاي إلى عقد سلسلة اجتماعات مع السلطات الأمنيّة، التي طالبها باتخاذ خطوات عاجلة وفعالة للتصدي لهجمات "طالبان" والعمليات الانتحارية.

وجددت حركة "طالبان" أفغانستان، توعّدها بمواصلة الحرب على القوات الدولية والقوات الأفغانية، رافضة الاتفاقية الأمنية بين كابول وواشنطن. وقال زعيم الحركة، الملا عمر، في بيان بمناسبة عيد الأضحى، إنّ "القوات الدولية والقوات الأفغانية قد فشلت في مخططاتها بفضل مقاومة طالبان، التي ستكون متواصلة ضد القوات الأجنبية وعملائها".

وكان الرئيس أحمدزاي قد دعا الحركة و"الحزب الإسلامي"، الذي يتزعمه قلب الدين حكمتيار، في أول خطاباته إلى طاولة المفاوضات، لكنّ "طالبان" رفضت التفاوض مع الحكومة، بعد توقيعها الاتفاقية الأمنيّة مع واشنطن.

ويرى مراقبون أنّ توقيع الاتفاقية الأمنية سيؤدي إلى استمرار دوامة الحرب في أفغانستان، باعتبار أنّ الوجود الأميركي في أفغانستان يشكل حافزاً للكثير من الأفغانيين على الانضمام إلى حركة "طالبان" والجماعات المسلحة، بذريعة قتال الأميركيين، الأمر الذي قد تستغله الجماعات المسلّحة وفي مقدمها "طالبان".

المساهمون