أفغانستان: اتفاق صلح تاريخي بين الحكومة وحزب حكمتيار

22 سبتمبر 2016
وقع الاتفاق بعد جهود 7 أشهر (هارون ساباوون/ الأناضول)
+ الخط -


وقّعت الحكومة الأفغانية، اليوم الخميس، اتفاق صلح تاريخيا مع "الحزب الإٍسلامي" بزعامة قلب الدين حكمتيار، في العاصمة كابول بحضور عدد كبير من المسؤولين وزعماء القبائل وعلماء الدين، ووسط إجراءات أمنية مشددة.

وينصّ اتفاق الصلح في بنوده على عودة قادة الحزب وفي المقدمة حكمتيار إلى كابول، ومشاركتهم في العملية السياسية في البلاد، ومسح أسمائهم جميعاً من قائمة المطلوبين دولياً.

ووقّع على الاتفاق من جانب الحكومة مستشار الرئاسة للشؤون الأمنية حنيف أتمر، ومن جانب الحزب الإسلامي القيادي أمين كريم، وذلك بمشاركة رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الأفغانية بير سيد أحمد جيلاني.

وقال أتمر في خطاب بعد توقيع الاتفاق، إنّ "اليوم عظيم في تاريخ أفغانستان المعاصر"، واصفاً توقيع اتفاق الصلح بأنّه "خطوة مهمة للغاية"، مهنئاً الشعب الأفغاني بهذه المناسبة.

وأكد أتمر على تعهّد الحكومة الأفغانية إيجاد حل للأزمة في البلاد "عبر طرق سلمية وفي إطار الدستور"، لافتاً إلى أنّ الاتفاق مع الحزب الإٍسلامي، أحد الأحزاب المسلحة والرافضة للوجود الأجنبي في أفغانستان، هو "نتيجة جهود أسهم فيها كثيرون".
ودعا مستشار الرئاسة حركة "طالبان" وجميع الجماعات المسلحة إلى الحوار مع الحكومة، معتبراً أنّ الأخيرة "أثبتت أنّها صادقة فيما تقوله إزاء الصلح".
وأضاف أنّ "الحرب في أفغانستان لا يمكن القضاء عليها إلا من خلال مصالحة شاملة، أساسها النية الخالصة من أجل وضع حد لويلات الشعب"، داعياً المجتمع الدولي والولايات المتحدة وجميع من وصفهم بالحلفاء إلى التعاون الجاد في هذا الصدد.

بدوره، قال كريم في كلمة بعد التوقيع على الاتفاق إنّ "الطرفين تنازلا كثيراً، والحزب الإسلامي تعهّد من اليوم الأول أن يجد حلاً، وها هو الآن قد وصل إليه".

أما جيلاني فقال إنّ "حلّ الأزمة في أفغانستان يكمن في الحوار البنّاء"، آملاً أن يكون توقيع اتفاق الصلح "لبنة أساسية وخطوة مهمة إزاء الوصول إلى المصالحة الشاملة".
وسيعلن الحزب الإسلامي، بموجب الاتفاق، وقف إطلاق النار مع الحكومة الأفغانية، في حين سيتم في المقابل الإفراج عن معتقلي الحزب الذين يصل عددهم إلى المئات في سجون البلاد.

يشار إلى أنّ المصالحة بين الحكومة والحزب الإسلامي، استمرّت لأكثر من سبعة أشهر، وكادت تعرقل مؤخراً بسبب الخلافات الداخلية بين أفرقاء الحكومة. 

وقد كشفت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد" أنّ الرئيس التنفيذي للحكومة عبد الله عبد الله، وحزبه "الجمعية الإسلامية" يعارضون اتفاق الصلح، لا سيما أنّ الجمعية خاضت معارك مع الحزب الإسلامي في السابق.

وكان الرئيس الأفغاني أشرف غني قد حذر في كلمة في عيد الأضحى قبل أيام، من يعارض الاتفاق، واصفاً المصالحة بـ "المباركة".
وعلى الرغم من معارضة الجمعية الإسلامية لاتفاق الصلح، ثمة من يرى أنّ إيران لعبت دوراً من خلال مؤيديها في الداخل، من أجل إفشال المصالحة الأفغانية.
وفي حين أكد أتمر أنّ المصالحة أتت نتيجة جهود أفغانية محضة، إلا أنّ هناك من لفت إلى أنّ المملكة العربية السعودية لعبت دوراً في إنجاحها.

وكان قلب الدين حكمتيار، أحد الذين حملوا السلاح ضد الحكومة الشيوعية الموالية لروسيا، قد تزعّم الحزب الإسلامي، أحد الأحزاب السبعة التي اتخذت من باكستان مقراً لها، قبل انهيار حكومة نجيب الله الموالية لموسكو.

ومع دخول المقاتلين إلى كابول، استفحلت الخلافات الداخلية بينهم، ما أدى حينها إلى اندلاع معارك كان الحزب الإسلامي أحد أطرافها، والتي انتهت بظهور "حركة طالبان" وسيطرتها على كابول عام 1995.
وتجدر الإشارة إلى أنّ توقيع الحكومة اتفاق الصلح مع الحزب ودخوله إلى المنظومة السياسية سيترك أثره على النظام السياسي في البلاد، وربما قد يشجع قادة من (طالبان) على اتخاذ الخطوة ذاتها، لا سيما في ظل التصدعات الداخلية التي تعاني منها الحركة.