تطلق مجلة "فوربس" كل فترة مقالاً أو تقريراً عن "أقوى 100 امرأة في العالم"، أو أكثر 10 نساء تأثيراً في المجال العام أو أقدر 50 شابة استطاعت التأثير في مجتمعها. بالرغم من أن شكل هذه المقالات قد يبدو داعماً للنساء، إلا أنها تأتي بنفس ذكوري.
يتناول هذا المقال موضوع ذكورية السلم التفضيلي للصفات أو أفعل التفضيل، والذي يفترض، وبكل فوقية وعمى جندري، أن الجهات التي تتم بينهم وبينهن المقارنة سواء كانت بلدانا أو نساء أو شعوبا أو أطفالا، هم وهن كيانات جامدة لديها نفس القدرات والطاقات وتتمتع بنفس المجالات الحيوية وتفاعلت مع هذه السياقات بنفس الطرق والأدوات.
بالنظر إلى موضوع الترتيبات لا سيما في ما خص النساء، قد نعطي المجلة أو كل من ينحو نحوها، فائدة الشك وذلك بأن نشير إلى أنها تسلّط الضوء على نساء لم يكن التاريخ ليلاحظهن أو يلحظ تأثيرهن أو مشاركتهن بالمجتمع. لكن ما يغيب عن هذه المقارنات والتقديرات النفس النسوي، أو لنقل العدالة. العدالة التي تفترض عدم المقارنة وعدم التصنيف وعدم الترتيب.
ولأننا نتكلم عن تجارب النساء، فإن العدالة الجندرية هنا لابد أن تراعي السياقات والتحديات والقدرات والكفايات وأن تكون مرنة لدرجة وضع معايير على عدد التجارب دون محاولة تجميدها وتطويعها في قالب واحد من المؤشرات والتوقع من الجميع مواءمتها وإلا يُلفظ تلقائياً خارج القائمة بغض النظر عن الأثر والقوة والتأثير.
الأمر نفسه ينطبق مثلاً على المقارنة بين البلدان على مؤشرات الفقر أو التخلف أو المساواة الجندرية مثلاً. هو ينطبق كذلك على التربية. للتربية الذكورية أشكال أبعد وجذور تضرب بعمق أكبر من الذكورية المباشرة التي تُنتج العنف والتهميش والفقر والعزل للنساء. مقارنة الصبي بالبنت هي تربية ناتجة من فكر ذكوري. الصبي أقوى من البنت، والبنت أكثر عاطفية من الصبي. هذا الصبي "أذكى" وهذه الفتاة "أجمل". أي مقارنة لها نفس ذكوري لأنها ترمي إلى وضع الأمور ضمن تفكير ثنائي يقارن بين أمرين ليس من العدل أو الموضوعية المقارنة بينهما. المقارنة والتوصيف باستخدام "أفعل التفضيل" تحمل ذلك النفس الذكوري لأنها تنطوي وبكل جهل وعمى جندري، على تفكير يتوقع تطابق التجارب وتطابق أشكال التفاعل معها، وتطابق نتائجها، ومن ثم يخترع أدوات، ذكورية أيضاً، لإضافة عنصر المنافسة ليشير إلى وجوب أن تكون هناك جهة رابحة وأخرى خاسرة في النهاية.
تكثر النماذج عن مدى جمود الأرقام والمراتب والمقارنات ومدى "ذكورية" طرحها. الأقوى، الأذكى، الأفضل، الأهم، الأكثر تأثيراً، البلدان الأكثر تحضراً والأكثر تخلفاً، وتلك الأكثر خطراً... هي كلها مصطلحات ذكورية، لأنها لابد أن تضع معايير "الأفعل" وتقارن بين الجميع بناءً عليها.
(ناشطة نسوية)