يكرّس عددٌ من المخرجين والروائيين العرب نظرة استشراقية واستعلائية إلى مجتمعات يبدو أنهم لم يعودوا يعرفونها كما في السابق، بحكم أنهم يعيشون خارج سياقاتها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية.
هكذا باتت أعمالهم تسويقاً فجّاً ومباشراً لكليشيهات وصور نمطية حول الدين والمثلية والتطرّف والتخلّف والنفاق الاجتماعي والعنف في المجتمعات العربية.
لا أحد حتماً سيدّعي أنها ظواهر أو قضايا غير موجودة. لكن المشكلة تتمثّل في ذلك الإخفاق الفني الفادح في فهمها ومقاربتها. ولعل مردّه هو أن كثيرين يعمدون إلى تصفية حساباتهم الإيديولوجية على حساب الفن، وأنهم لا يضعون المتلقي العربي ضمن اهتماماتهم أصلاً.
يظهر ذلك التوجّه جليّاً في الرواية والسينما أكثر من غيرهما؛ ففي الأولى، ثمّة نزوع واضح إلى إرضاء الناشر الأجنبي (الفرنسي تحديداً) ومغازلة الأسواق والجوائز الأدبية، وفي الثانية؛ ثمّة رضوخ تامّ لسياسات وشروط المموّل لا تخطئه العين.
يستغرب من يشاهد فيلم "داليس بالوما"، مثلاً، سبب اختيار مخرجه الجزائري المغترب نذير مقناش اسم "آلجيريا" (الجزائر) لبطلته بائعة الهوى، بينما يتساءل من يقرأ أيّ عمل لبوعلام صنصال إن كانت جزائر رواياته موجودة فعلاً أم أنّها موجودة فقط في رأسه.
ثمّة نموذج من "المبدعين" مستعدّ للذهاب بعيداً، إلى "إسرائيل" ذاتها إن اقتضى الأمر. وذلك ما فعله صنصال الذي افتخر بأنه عاد منها "غنيّاً وسعيداً".