يتوقع وكلاء عقاريون في أستراليا وبريطانيا وكندا اهتماما متزايدا بالأسواق العقارية في بلادهم التي تشهد نموا سريعا بالفعل، في ظل بوادر أولية على بحث مستثمرين صينيين أثرياء عن ملاذ آمن، إثر الاضطراب الشديد الذي عصف ببورصة الأسهم في شنغهاي.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مايكل باليير، الوكيل العقاري، أنه "باع في الأسبوع المنصرم وحدتين سكنيتين جديدتين، وعرض منزلا تبلغ قيمته 13.8 مليون دولار أسترالي على عملاء صينيين يبحثون عن استثمار بديل للأسهم".
وقال باليير مدير سوذبيز انترشيونال ريالتي في سيدني: "سحب عدد كبير من الأثرياء أموالهم من سوق الأسهم، بسبب تنامي المخاطرة في السوق.. ثمة مبالغ كبيرة غير مستثمرة في الصين وأعتقد أنكم سترون أن جزءا كبيرا منها سيذهب للسوق العقارية في أستراليا".
وفقدت الأسهم في الصين نحو 20% من قيمتها منذ منتصف يونيو/حزيران الماضي، غير أن محاولات السلطات وقف النزيف كان لها بعض التأثير الإيجابي.
وخرج عدد كبير من المستثمرين الصينيين الأثرياء من السوق بالفعل، وقال بنك أوف أميركا ميريل لينش إن مساهمين كبارا باعوا حيازات بقيمة 360 مليار يوان (58 مليار دولار) في أول خمسة أشهر من عام 2015 فقط، مقارنة مع 190 مليار يوان عام 2014 كاملا و100 مليار يوان في المتوسط في السنوات السابقة.
وقد تذهب معظم المبالغ في البداية لأصول تتمتع بسيولة أكبر مثل سندات الخزانة الأميركية وعملات الملاذ الآمن مثل الفرنك السويسري، غير أن ثمة دلائل متزايدة على أن مبيعات العقارات الأجنبية قد تلقى دفعة.
وقال رئيس نايت فرانك لأبحاث العقارات السكنية في لندن، تيم بيل: "ثمة دلائل على تكثيف مشترين صينيين الاهتمام بالسوق العقارية العالمية الآمنة، بما في ذلك لندن نتيجة الاضطراب الأخير في بورصة الأسهم".
من جهته قال المدير التنفيذي لدوغلاس وجوردون في لندن، إد ميد إن شركته استقبلت اثنين من العملاء من الصين، يسعيان لشراء مبان سكنية بالكامل.
وتابع: "ليس معتادا أن نرى صينيين يرغبون في شراء مبان بالكامل، ينم ذلك عن حركة لرأس المال، وليس مجرد أفراد يسعون لاستثمار أموالهم".
ومند عام 2000 سجلت الصين أعلى معدلات لنزوح أفراد أثرياء في العالم؛ إذ سعى نحو 91 ألف ثري صيني للحصول على جنسية ثانية بين عامي 2000 و2014 بحسب تقرير ليو غلوبل؛ وهي شركة وساطة للاستثمارات لراغبي الهجرة، وهو عامل غذى الطلب على شراء عقارات في الخارج.
اقرأ أيضاً: الصينيون يشترون أفخم فنادق مانهاتن ويطورون بروكلين
وينتقل معظم الأفراد، ممن يقدر صافي أصولهم بمليون دولار أو أكثر بعد استبعاد مقار إقامتهم الرئيسية، إلى الولايات المتحدة وهونغ كونغ وسنغافورة وبريطانيا.
وقال بريان وارد من شركة العقارات التجارية كولييرز انترناشونال إن "المستثمرين الصينيين اشتروا بالفعل عقارات في الولايات المتحدة بنحو خمسة مليارات دولار في النصف الأول من العام الجاري، مقارنة مع أربعة مليارات دولار إجمالي الاستثمارات العقارية عام 2014".
وفي لندن يقول أليكس نيوول العضو المنتدب في هانوفر برايفت أوفيس، الوكيل العقاري لوحدات سكنية فاخرة، إنه لاحظ اهتماما متزايدا من مستثمرين صينيين بعقارات باهظة الثمن، لكنه أضاف أنه "لم يتم إبرام أي صفقات بعد".
وقال نيوول: "يرغبون في محاولة استثمار مبالغ كبيرة من المال.. أتحدث عن مبالغ من
25 مليون إسترليني (38.5 مليون دولار) إلى 150 مليون إسترليني.. يسعون لاستثمار المال في منازل في لندن".
وثمة إقبال أكبر على أستراليا وكندا، ويعطي انخفاض قيمة عملة كل من البلدين ميزة لكل منهما، وقال تيموثي شيونغ من مورفيك اسيت مانجمنت في سيدني: "أسعار العقارات لا تزال رخيصة باليوان".
ولم يسلم تهافت المستثمرين الصينيين على شراء عقارات في الخارج من انتقادات؛ إذ يلقي البعض في لندن وسيدني وفانكوفر باللوم عليهم في ارتفاع الأسعار الملتهبة بالفعل.
وتحركت الحكومة الأسترالية لتبدو صارمة في هذا الصدد، وفرضت رسوما وعقوبات بالسجن على من يثبت مخالفته لوائح الاستثمار الأجنبي، وأرغم صيني يملك منزلا بقيمة 39 مليون دولار أسترالي على بيعه في وقت سابق من العام، بعد أن اتضح أنه اشتراه بشكل غير قانوني من خلال أكثر من شركة وهمية.
ويخشى آخرون من أن يصبح المستثمرون الصينيون الذين لم يتخارجوا من بورصة الأسهم بالسرعة الكافية عبئا على السوق العقارية العالمية، لا سيما بعد أن منعت بكين، الخميس الماضي، حائزي الحصص الكبيرة في الشركات المدرجة من بيع الأسهم لمدة ستة أشهر.
وفي لندن قالت ناعومي هيتون الرئيسة التنفيذية للندن سنترال بورتفوليو إنها سمعت أن مستثمرين ينسحبون من صفقات شراء أبرمت حديثا؛ لأنه لم يعد يتوافر لديهم سيولة.
وتكرر نفس الشيء مع اندرو هاسمان، الوكيل العقاري في فانكوفر الذي يعمل في المنطقة الغربية الراقية في المدينة.
وقال هاسمان: "تلقيت اتصالا هاتفيا في الأسبوع الماضي من وكيل آخر، يسأل إذا كان البائع في صفقة أبرمناها مؤخرا يمكن أن يسمح للمشتري برد عقاره؛ لأنهم خسروا للتو مبالغ كبيرة نتيجة التصحيح النزولي في البورصة الصينية".
اقرأ أيضاً: خفوت نجم المنازل الجديدة في الصين