تعج الأحياء العربية بمطاعم ومحلات تجارية يرتادها بعض الزائرين، رغم ضجيج سيارات الشرطة وهي تهرع بأبواق صاخبة جداً، بعيداً عن مقر الاتحاد الأوروبي، بل تقطع شوارعها بسرعة جنونية. يعلق أحد العرب قائلاً: "لقد زوّدوها. فالأمر لا يستحق كل ذلك".
لكن للبلجيكيين رأياً آخر، فمن تحدث لـ "العربي الجديد" يظن أن "مسؤولية الحكومة هي أن تتصرف مع حرب نعيشها منذ عام تقريبا". وكان "العربي الجديد" قد نقل عن المتحدث باسم خلية الطوارئ أنهم لا يبحثون فقط عن صلاح عبد السلام، المشتبه في تورطه في تنفيذ هجمات باريس، بل عن شخص ثان معه، وسط استمرار الاعتقالات والانتشار الأمني بشكل واضح في الطريق نحو مطارات العاصمة، وخصوصا تجوال الجنود قرب بوابات المطارات. ويمكن مشاهدة المدرعات أمام المحطات الرئيسية وتشديد في الليل والنهار مع حملات مداهمة مستمرة.
الشارع البلجيكي، الذي أضاءت بعض شوارع مركز عاصمته أزياءُ عيد الميلادن لا يبدو منزعجاً من الانتشار الأمني، وفق ما قال كثيرون ممن التقاهم "العربي الجديد"، مصرين على أنه "يجب أن نحتفل بأعياد الميلاد تحت أي ظرف كان".
في الأجواء لا يبدو أن العلاقة طبيعية بين أبناء الجاليات المسلمة وباقي البلجيكيين، الذين يشعر بعضهم وبكلام قاس بأن الذي جرى "لن يكون كما كان سابقاً في الثقة بين الطرفين". بعض المصادر أكدت في ذات الوقت أن مساجد في العاصمة تلقت تهديدات من أطراف مجهولة يظن كثيرون أنها "ردات فعل"، بينما يردّها آخرون إلى تنامي العداء اليميني والتحريض على الكل الإسلامي في البلاد.
تاجر عربي، مختص بالحلويات التي يقدم عليها البلجيكيون في مثل هذه الأيام، قال لـ "العربي الجديد": "لقد باتوا يمرون من أمام متجري (الواقع في منطقة راقية وحساسة) ينظرون إلى الواجهة حيث تنتشر الحلويات، ويتابعون سيرهم دونما حتى النظر إلى وجهي". ما يقوله هذا التاجر المتحدر من سورية يمكن للمار في شوارع بروكسل أن يتلمسه في أجواء العلاقات بين سكانها وازدياد الريبة والشك. أمر يغضب بعض مسلمي بلجيكا، بينما يتفهمه آخرون.
ورغم ذلك يحاول سكان العاصمة، رغم كثافة التواجد العربي، أن يسيروا بأعياد ميلاد تحميها المدرعات وأصوات أبواق سيارات الشرطة ذهابا وإيابا، بينما يصرخ أحد المارة العرب بكلمات في الشارع نفهم منها إطلاقه شتيمة بالفرنسية ومطالبا بما قال:" وقف هذا العهر والكف عن إرسال رسائل لشارع تم إرعابه بسبب ما يقولون مخططات لشخص واحد جعلوه كل المسلمين".
وسط مثل هذه الأجواء تعيش بروكسل على وقع شكوى أصحاب المتاجر من قلة الزبائن، عما كان الأمر عليه سابقا. وبالرغم من تخفيض الإنذار إلى الدرجة الثالثة، تشير مصادر مطلعة إلى أن الأمن البلجيكي عمد إلى نشر مخبريه في مناطق محددة تهدف "إلى إخراج المطلوبين من أوكارهم".
المشاهد للانتشار الأمني الكثيفن يمكنه أن يلحظ أن الدرجة الثالثة من الاستنفار لم تختلف كثيرا عن الرابعة، التي كانت قائمة، حتى مساء الخميس، وأيّاً تكن الظروف فليست كل العاصمة البلجيكية بروكسل تعيش ذات الوقع الأمني رغم انتشاره بكثافة قرب مباني الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، إلا أنه يلحظ أن سيارات الشرطة لا تطلق أبواقها كما تفعل في الأحياء التي تقطنها غالبية مغاربية.
اقرأ أيضاً: مولونبيك... حي بروكسل العربي قُربان لهجمات باريس