أعاجيب أعشاش الطيور

08 يوليو 2016
العشّ قد يكون مجرّد مهد لوضع البيض (سام ياه/Getty)
+ الخط -
يعدّ بناء أعشاش الطيور عمليّة معقّدة لكنّها لا تخلو من الابتكار. فيها، يستخدم كلّ شيء كالطين والأغصان الصغيرة والمسامير وغيرها. بفارغ الصبر، تنتظر الطيور انتهاء فصل الشتاء وبداية فصل الربيع، فتسارع إلى بناء أعشاش تصعب رؤيتها. لا تظهر هذه الأعشاش لنا إلا في فصل الخريف، حين تتساقط أوراق الأشجار. نراها لكن قد لا نعرف نوع الطير الذي بناها. الأمر صعب لأنّ طيوراً كثيرة تبني أعشاشاً قد تكون على شكل كأس مثلاً، بين ثلاثة أغصان.

كعالم في شؤون الطيور، أسجّل مواقع الأعشاش المكشوفة في الخريف على رسم واضح، وأعيد النظر إليها بعدما تصير محجوبة بفعل أوراق الأشجار في الربيع. تجدر الإشارة إلى أنّ بعض الطيور قد تستخدم العشّ نفسه في كل عام. هذه الطريقة تشير إلى نوع الطائر. يُذكر أنّ قوانين الصيد في العالم العربي قد تمنع التعدي على أعشاش الطيور وفراخها، لكنها بالطبع لا تمنع أخذ الأعشاش المهجورة أو إزالة آثارها عن الجدران، مثل إزالة أعشاش نوع من السنونو الذي يعشّش على جدران المباني في مدينة بيروت. أمر يمنع التعرّف على الطيور صاحبة حق ّالبناء، ويحرمها من إعادة استعمال عشّ من الأعوام السابقة. الطيور لا تعيش في أعشاشها مثل البشر الذين يعيشون في منازلهم. ثمّة عدد قليل، على غرار النمنمة (قرد نجام)، التي تستخدم الأعشاش كملاجئ للنوم ليلاً، لكنها تبقى استثناءً.

بالنسبة إلى الأكثريّة، العشّ هو مجرّد مهد يُبنى لوضع البيض واحتواء الفراخ العاجزة عن التصرّف. اليوم، ثمّ’ مخلوقات كثيرة إلى جانب الطيور، كالدبابير والفئران والتماسيح، التي تبني أعشاشاً لصغارها أو بيضها. لكنّ هذه الأعشاش لا تقارن بأعشاش الطيور التي تأتي معقّدة التصميم والمواد والتركيب، خصوصاً أعشاش الطيور الصغيرة.

مهارة صنع الأعشاش تأتي من الغريزة، لكنّها تزداد مع ازدياد الخبرة. وأظهرت الدراسات أنّ بعض الطيور في الأسر يمكنها بناء عشّ نموذجي من دون أن تكون قد شاهدت عشّاً في ماضيها. كذلك، فإنّ بعض الأعشاش على شكل كأس تحتوي على أغصان غليظة خارجياً وأخرى أرفع وأرفع داخلياً، ثم أوراق على الجوانب وأعشاب ناعمة في الوسط. هذه تلتصق ببعضها بعضاً عبر خيوط من لحاء الأشجار أو جذور نباتات أو حتى مواد أوجدها البشر مثل أسلاك الربط والمسامير وشبك النايلون الذي يستخدم للنوافذ. وثمّة أعشاش معقّدة تبنيها الطيور النساجة وهي على شكل كرة فيها فتحة، تكون متدليّة من الأغصان بحبل رفيع من صنع العصافير. إلى ذلك، نجد العقبان التي تستخدم العشّ عاماً بعد آخر، من خلال وضع مواد جديدة، ليصبح ضخماً بسماكة ستة أمتار وبوزن يصل إلى نحو طنَّين.

(اختصاصي في علم الطيور البريّة)

المساهمون