أطفال محرومون من ثياب العيد

30 مايو 2019
يزدحم السوق ليلاً (العربي الجديد)
+ الخط -

أيامٌ معدودة ويحلّ عيد الفطر السعيد الذي ينتظره أهالي مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان). ويعرب معظم الأهالي عن شعور بالراحة لأن أيام شهر رمضان مرّت على خير هذا العام، خصوصاً بعد التوتر الأمني الذي سبق حلول هذا الشهر.

منذ 19 مايو/أيار الجاري، بدأت محال سوق المخيم تفتح أبوابها ليلاً أمام الزبائن، كما جرت العادة في كل عام، استعداداً لاستقبال عيد الفطر الذي ينتظره الأهالي بفارغ الصبر، وإن كان يزيد عليهم الأعباء المالية، هم الذين بالكاد يستطيعون تأمين قوت يومهم خلال رمضان. لكنّهم مع ذلك، لا يسمحون لكل الضغوط الاجتماعية والاقتصادية بأن تنغّص عليهم فرحة العيد.

الهدف الأساسي من فتح المحال التجارية أبوابها هو إضفاء جو من البهجة قبل العيد. حركة الشارع هذه تمنح أهالي المخيم شعوراً بالسعادة، وإن كانوا عاجزين عن شراء ما يرغبون به أو ما يسعد أطفالهم.

أم علي كانت تشتري بعض ما تحتاج إليه من السوق لإعداد وجبات الإفطار لعائلة المؤلفة من خمسة أطفال خلال رمضان. تقول إن المحال التجارية فتحت أبوابها، كما أن الأضواء والزينة المتدلية من الأسقف تبهج الناظرين إليها، "وكأننا نعيش في عالم آخر". وتلاحظ تخفيضاً في الأسعار منذ بداية شهر رمضان بقرار من لجنة تجار المخيم وبالاتفاق مع الفصائل، مشيرة إلى أن العروض تشمل مختلف البضائع والسلع. ويعود ذلك إلى الوضع الاقتصادي الذي يعيشه أهالي المخيم بشكل عام. وتوضح أنه على الرغم من كل هذه التسهيلات، لن أستطيع شراء الملابس الجديدة لأولادي الذين حرموا من هذه المتعة منذ مدة، "إلا في حال أحسن أحدهم إلينا".

السوق في المخيم تزين بالأضواء الملونة وغيرها من زينة رمضان. لكن تبقى هناك غصة في قلوب الناس بسبب الوضع الاقتصادي المتردي والوضع الأمني الدائم التوتر. في هذا السياق، يقول أحد الشبان في المخيم رفض الكشف عن اسمه: "بهدف حفظ الأمن والأمان في المخيم، وتحريك الاقتصاد، نطالب جميع المعنيين من قوى وفصائل القوة المشتركة الفلسطينية التعاون والعمل من أجل حفظ أمن الناس في المخيم، في ظل المشاكل الفردية المتنقلة من منطقة إلى أخرى، ما يؤدي إلى شلل في السوق، ويرعب الأطفال والنساء". يضيف: "هناك تعليمات بضبط الأمن خلال ليالي شهر رمضان، وتيسير دوريات، ووضع نقاط تفتيش عند مفرقي السوق لضمان عدم إزعاج الناس خلال تجوالهم وتسوقهم".

قليل من الفرح (العربي الجديد) 


ويعاني الكثير من أهل المخيم بسبب عدم قدرتهم على شراء الحلويات أو اللحوم وحتى الخضار لأطفالهم. ويزداد الأمر صعوبة بسبب عجزهم عن شراء ثياب العيد. أدهم أحد الأطفال الذي لا يتوقع أن يكون قادراً على شراء ثياب العيد التي يريدها، خصوصاً بعدما بات والده عاطلاً من العمل نتيجة إصابته بمرض أقعده البيت. يقول لـ "العربي الجديد" إن ظروف عائلته جعلته عاجزاً عن شراء ملابس جديدة منذ مدة. "والدتي تعمل في مجال تنظيف البيوت، وبالكاد تستطيع تأمين الدواء لوالدي والطعام". يدرك أحمد أن العيد سيكون قاسياً بعض الشيء هذا العام. وإن استطاعت والدته تدبير مبلغ من المال من خلال الزكاة، ستفكر أولاً بتأمين العلاج لوالده، ثم الطعام للعائلة.

أبو أحمد، أحد باعة السكاكر والحلويات في المخيم، يقول: "نتمنى أن يحلّ علينا العيد هذا العام بشكل أفضل مما كان عليه خلال السنوات الماضية. لكن لا أعتقد أن ذلك ممكن، لأنّ الواقع صعب. حركة السوق خفيفة جداً. والناس يكتفون بالسؤال عن الأسعار التي يجدونها مرتفعة، فيغادرون. بطبيعة الحال، ليس في استطاعة الناس شراء السكاكر، وإن فعلوا، يكتفون بكميات قليلة".



على الرغم من الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، ينتظر الكبار والصغار حلول العيد لأنه يشعرهم بالسعادة، ولو لوقت قليل. ومحظوظون هم الأشخاص الذين يحصلون على مال الزكاة، ويتمكنون من شراء ملابس العيد.

وحدها الزينة توحي بقرب حلول العيد. أما حركة الناس الكثيفة في الأسواق فليست دليلاً على انتعاش الحركة الاقتصادية. عادة ما يخرج الناس في ليالي رمضان للقاء بعضهم بعضاً والتسلية، لكنّ الأقبال على الشراء محدود.