أطفال سورية يعانون سوء تغذية

03 مايو 2015
يجوع تحت الحصار (الأناضول)
+ الخط -

"الجهل ثم الفقر"، بهذا يلخّص مدير مشفى الأطفال التخصصي في حلب حسن نيرباني أسباب التزايد الكبير في أعداد الصغار الوافدين والذين يعانون من سوء التغذية. ويشير إلى أن أعدادهم تتجاوز 300 حالة شهرياً، تتراوح ما بين سوء تغذية خفيف ومتوسط، بالإضافة إلى ثماني حالات سوء تغذية حاد.

ويوضح نيرباني أنّ "هؤلاء الأطفال يراجعون اليوم عيادات المشفى، بسبب الالتهابات المتكررة التي تصيب أجسامهم والناتجة عن ضعف مناعتهم، فيما يشتكي آخرون من تعب عام وشحوب ووهن نتيجة فقر الدم الناتج عن نقص الحديد".

ويلفت كذلك إلى تزايد في أعداد المواليد الجدد الذين يبصرون النور مع وزن أقل من الطبيعي، شارحاً أن "التغذية غير السليمة للمرأة في خلال الحمل، وإن لم تتسبب في إنهاء الحمل إلا أنها تؤدي حكماً إلى ولادة طفل ناقص الوزن". ويتحدّث عن تراجع نسب الإرضاع الطبيعي للمواليد الجدد، "الأمر الذي يعرضهم أيضاً لسوء التغذية إن لم يتوفر لهم الغذاء البديل المثالي والكافي".

أما في المناطق المحاصرة، فقد أصابت المجاعة أعداداً كبيرة من الأطفال الذين يعيشون هناك. فمعظم المواد الغذائية لا تتوفّر لهم إلا بمبالغ خيالية، وهذا ما يحرم الآلاف من الحصول على الحد الأدنى من الغذاء.

ويقول مدير المكتب الطبي لمنطقة المرج في غوطة دمشق أنس أبو ياسر إن "عدد الأطفال الذين يصطحبهم أهلهم إلى المستوصف وهم في حالة سوء تغذية حاد، يصل إلى 20 حالة جديدة و100 حالة متابعة". ويتحدث أبو ياسر عن الطفلة شذا، لافتاً إلى أنها تعاني من نقص في النمو والهزال والضمور العضلي الناجم عن الجوع. ويوضح أن "جسم شذا يفتقر إلى جميع العناصر الغذائية، فكمية الطعام التي تتناولها لا تتجاوز 5% من الاحتياجات الحقيقية". يضيف: "هي مثال واضح عن المجاعة التي يعاني منها عديد من الأطفال تحت الحصار. شذا واثنان من إخوتها يعانون من أوضاع صحية سيئة، بسبب الفقر. وشكل جسد هذه الصغيرة يعبّر بشكل واضح عن أثر الحرب على المنطقة، والظروف الاقتصادية المتردية التي يعيشها الناس".

في هذا الإطار، كان تقرير صادر عن الجمعية الطبية الأميركية في شهر مارس/آذار الماضي تحت عنوان "الموت البطيء"، قد أكد أنّ معظم الأفراد الذين يعيشون تحت الحصار، يعانون من حالات متفاوتة من سوء التغذية، نتيجة نقص السعرات الحرارية أو البروتين أو العناصر المغذية الدقيقة. وقد كشف التقرير أنّ معظم سكان الغوطة الشرقية بمن فيهم الأطفال، فقدوا كيلوغرامات عدّة من أوزانهم.

وبيّن التقرير أن المخاطر الناجمة عن نقص الغذاء تؤثر على كل أعضاء الجسم، كإلحاق الضرر بعمل الأعضاء الحيوية مثل القلب والكبد والكلى والرئتين، وتسبب أعراضاً كالتعب والدوار وفقدان الوزن وفقر الدم والضعف الشديد وانخفاض ضغط الدم ونقص السكر في الدم.

في مناطق أخرى، تؤدي محدودية دخل معظم السوريين إلى تغيير العادات الغذائية العامة، وقد بات التقشف والاقتصاد في المواد الغذائية مهمة أساسية لربات المنزل. وتشكو أم منير من أن الخضار باتت باهظة الثمن، في حين أن اللحوم لا تستهلك إلا في المناسبات. وتعترف بأن المعيار الأول في اختيار طعام اليوم هو أسعار المكونات.

وتشكّل المساعدة الغذائية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي، مصدر الغذاء الأساسي للعديد من الأسر السورية. وترى اختصاصية التغذية هالة الوكيل أنّ "محتويات هذه السلة الغذائية لا تشكل مصدراً متوازناً للعناصر التي يحتاجها جسم الإنسان خصوصاً الصغار". وتوضح أنها "تتكوّن من نسبة عالية جداً من الكربوهيدرات كالمعكرونة والأرز والسكر بالإضافة إلى الدهن النباتي كالزيت والبروتين النباتي كالفول والعدس، إلا أنّها تفتقر إلى الفيتامينات والعناصر المعدنية الضرورية للأطفال والتي نحصل عليها من الخضار والفواكه واللحوم". وتشدد على أن "مكونات هذه السلة شكلت من مواد غذائية أساسية سهلة الحفظ، لتكون مصدراً مساعداً وليس وحيداً".

إلى ذلك، تشكو أم أحمد التي لجأت عائلتها إلى تركيا، من أن ولدها (5 أعوام) يبدو أصغر سناً مما هو عليه، وأنه يميل إلى الانطواء ولا يجيد أداء وظائف عديدة كتناول الطعام بنفسه أو اللعب مع الأطفال. تشير إلى أنه "دائماً ما كان يقال لي إن طفلي يعاني تخلفاً. ولسنوات كانت قريتنا من دون طبيب أطفال. لكن بعد وصولنا إلى تركيا، قصدنا واحداً أوضح لنا أنه يعاني من سوء تغذية منذ وقت طويل. وهو ما تسبب له بنقص في الوزن ومعدل النمو وتأخر في اكتساب المهارات الحركية".
المساهمون