على الرغم من أنّ فصل الشتاء حلّ في أفغانستان، فإنّ الأمطار لم تهطل إلا في ما ندر، وهو ما جعل أقاليم عدّة في البلاد تعاني من الجفاف وغياب مياه الشرب
ضربت موجة جفاف حادة مناطق مختلفة من أفغانستان، تضرّر على أثرها ملايين المواطنين، فنزحت عشرات آلاف الأسر، بينما بات الأطفال أبرز الضحايا، لا سيما في المناطق شديدة البرودة كإقليم باميان (وسط). وقد خصصت الحكومة الأفغانية ميزانية للتعامل مع الجفاف ولمساعدة المتضررين، لكنّ الميزانية غير الكافية اضطرتها إلى مناشدة المجتمع الدولي تقديم إغاثات عاجلة للمتضررين.
تفيد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في بيان لها، بأنّ نحو 500 ألف طفل تأثروا من جرّاء موجة الجفاف الحادة التي تضرب حالياً مناطق مختلفة من البلاد، والعدد قد يتصاعد بسبب استمرار الجفاف ومعه موجة البرد القارس. جاء في البيان كذلك، أنّه في خلال الأشهر الماضية تأثّر 22 إقليماً من الأقاليم الأفغانية نتيجة الجفاف الحاد، والوضع في تلك الأقاليم يتجه نحو الأسوأ والجفاف فيها يزيد، مشيراً إلى أنّ عشرة من تلك الأقاليم تواجه المجاعة والشحّ في المواد الغذائية. أضاف البيان أنّ المعضلة الأساسية التي تسببت في تفشي الأمراض المعدية هي فقدان المياه الصالحة للشرب وفي المقابل استخدام المياه الملوثة، لافتاً إلى أنّ معظم المتأثرين والمصابين بتلك الأمراض من الأطفال.
في ما يتعلق بالمساعدات، طلبت "يونيسف" من المجتمع الدولي ومن المعنيين بحقوق الأطفال خصوصاً، أن يتحركوا إزاء المعضلة ومساعدة المتضررين، محذرة من تفاقم الوضع. تقول ممثلة "يونيسف" في أفغانستان أديل خضر: "نتوقع أن يقدّم المجتمع الدولي الإغاثات العاجلة والتحرك من أجل أطفال أفغانستان لأنّ الكارثة الإنسانية تنتظرهم. الأطفال يواجهون مشاكل كبيرة أساساً والجفاف يضاعف معاناتهم". من جهته، أمر الرئيس الأفغاني أشرف غني كل الإدارات المعنية بالوصول إلى المناطق المتضررة واستخدام السبل كافة من أجل مساندة المتضررين، لا سيما في قطاع الصحة وفي المناطق النائية شديدة البرودة.
ومن بين الأقاليم التي تضررت أكثر من غيرها إقليم باميان، وهو من الأقاليم المركزية ومن المناطق شديدة البرودة في أفغانستان، فالجفاف المتزامن مع البرودة يضاعف معاناة السكان، تحديداً النساء والأطفال، خصوصاً مع نزوح مئات الأسر التي لم تصلها أيّ مساعدات بعد، لا من قبل الحكومة ولا من قبل المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان.
وأوضحت الحكومة المحلية في باميان، في بيان لها، أنّ الجفاف أدى إلى نزوح أكثر من 50 ألف أسرة وسط برد قارس يعاني منه سكان الإقليم أساساً، مؤكدة أنّه من دون مساعدة المجتمع الدولي ستزيد معاناة المتضررين، ويخشى من وقوع كارثة إنسانية، لا سيما مع مخاوف تهاطل الثلوج. أضاف بيان الحكومة المحلية أنّها تبذل قصارى جهدها للوصول إلى المتضررين، لكنّها بسبب إمكانياتها المحدودة وميزانيتها الضعيفة تظلّ عاجزة عن فعل ما هو أكثر. وبالتالي فهي تتواصل مع الحكومة المركزية والمجتمع الدولي وتنتظر منهما اتخاذ خطوات جادة.
من جهته، قال حاكم إقليم باميان، محمد طاهر زهير، إنّ الجفاف أضرّ بنحو 1560 قرية وقد نزح منها أكثر من خمسين ألف أسرة، وهي في حاجة إلى مساعدة عاجلة. وذكر أنّ 50 في المائة من سكان إقليم باميان يعيشون في حالة معيشية مزرية وتحت خط الفقر المدقع، وأنّ جفاف هذا العام سيزيد حالتهم المعيشية سوءاً، ويجعلهم في حالة أكبر من الفقر، لذلك ثمّة حاجة ملحّة للتعامل المناسب مع الوضع. وأشار زهير إلى أنّ المناطق المتضررة يمكن أن نقسمها على أساس الدراسة الميدانية التي أجرتها الحكومة المحلية، إلى ثلاث طبقات، فثمّة مناطق تضررت كثيراً وثمّة مناطق متضررة بشكل متوسط وأخرى بشكل طفيف، أمّا المناطق المتضررة كثيراً فهي تحتاج إلى كل أنواع المساعدات، بينما المناطق المتضررة بشكل متوسط أو طفيف تحتاج إلى مساعدات جزئية كالقمح والأدوية ووسائل التدفئة. والمشكلة الرئيسة التي تواجه إيصال المساعدات، كما يقول الحاكم، هي أنّ الحكومة المحلية وتحديداً إدارة مواجهة الكوارث الطبيعية لا تملك المؤن، فهي تعرف أنّ ثمّة مشكلة لكن ليس لديها ما تقدمه.
في السياق، يقول فيضان سيغاني، أحد سكان مديرية سيغان في الإقليم، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المشكلة الأساسية هي مشكلة المياه، إذ إنّ سكان المديرية يأتون بالمياه من مناطق بعيدة، الأمر الذي يتطلّب السير على الأقدام لكيلومترات عدّة، وذلك وسط البرد القارس". ويوضح أنّه "منذ بداية الشتاء لم تهطل الأمطار ولا الثلوج غير مرّة واحدة، وبالتالي ثمّة خشية من جفاف أكبر".