أطباء وممرضون في مواجهة الأوبئة.. بأرواحهم

18 اغسطس 2014
يخاف الناس حضور جنازات الذين توفوا بسبب إيبولا (Getty)
+ الخط -

أوضاع قاسية يعانيها العاملون في القطاع الصحي في مناطق انتشار الأوبئة، فهؤلاء الذين يناضلون في الصفوف الأولى لمحاربة الأمراض والمحافظة على أرواح المرضى وعلاجهم، كانوا دائما الأكثر عرضة للإصابة، غير أن الأمر لا يقف عند هذا الحد، فقد يدفعون ثمناً اجتماعياً أكثر قسوة أحياناً.

الطبيب "مودوبيه كول" وُضِعت جثته في نعش على الجزء الخلفي من شاحنة إلى جانب جثثٍ غُلّفت بأكياس، ثم دُفن بلا زهور ولا مراسم بعيدا عن ذويه.

الطبيب المتخصّص المشهور، قضى نحبه في أقل من أسبوعين بعد إصابته بالفيروس "إيبولا" أثناء فحصه مريضا في مستشفى كوناوت في فريتاون عاصمة سيراليون، الذي كان يعمل فيه. وبعد قليل من ذلك الفحص، بدأ الطبيب يشكو الحمى والصداع شديد.

وقال زملاؤه إنه كان أول مصاب بإيبولا، ولم يكن حينها البتة يتصور جسامة الخطر المحدق به، ونظرا لقلة التجهيزات المتخصّصة في العاصمة، نُقل إلى مركز معالجة إيبولا التابع لمنظمة أطباء بلا حدود في كايلاهون شرقي البلاد، حيث سجلت معظم الإصابات، لكنه توفي خلال بضعة أيام.

وقال مدير المستشفى الحكومي في كايلاهون صموئيل باتريك ماساكوا، وزميل الطبيب كول إن المفاجأة لم تترك له أي فرصة.

وأوضح أن مستشفى كايلاهون يستقبل "المرضى المصابين بمختلف الأمراض". وقال إنه منذ بداية تفشي الوباء "يخفي الكهول، مع الأسف، الأعراض ولا يقولون لنا ما يشعرون به" مؤكدا أنهم "يأتون إلى أي مستشفى ويقولون (أنا مصاب بالتهاب السحايا، أنا مصاب بالتيفوئيد)، وذلك ما جرى" للطبيب كول.

وقد تكون آخر أيام ضحايا المصابين بإيبولا رهيبة، لأنهم يعانون من آلام فظيعة في العضلات ويتقيؤون ويصابون بالإسهال وبنزيف مرعب. غير أن الجنازات لا ترحم من يقضي في هذه الفظاعة، إذ تحرق أمتعة المرضى، وغالبا لا يحضر دفنهم سوى حفار القبور.

وقال مدير فريقٍ في وزارة الصحة مكلّفٌ بدفن الدكتور كول "غالبا ما تترك العائلات بعيدا عن الدفن، لكن بإمكانها أن تأتي لاحقا لأننا نحتفظ بقائمة المدفونين ومكان دفنهم".

ولم يستثن تسلم الجثة من مركز "أطباء بلا حدود" في كايلاهون من هذه الإجراءات إذ لم تنظم مراسم وداع، بل جرت عملية في غاية الدقة.. فقد قام فريق المنظمة، الذي ارتدى عناصره بزات وقائية، بتطهير الكيس الذي وضع فيه الميت وكذلك العربة التي سيوضع عليها قبل نقله في تابوت مطهّر مسبقا على شاحنة هي أيضا مغسولة بماء التبييض.. وبذلك لحق الطبيب بالمحترفين في قطاع الصحة الذي سقطوا وهم يكافحون الوباء.

وأفادت أجهزة الصحة في سيراليون في 14 أغسطس/آب، يوم دفن الدكتور كول أن 32 ممرضة توفين بفيروس إيبولا منذ نهاية مايو/أيار، أي نحو عشرة في المائة من المتوفين بسبب هذا المرض في البلاد.

وفي البرلمان، تحدث مسؤول الأجهزة الطبية الدكتور بريما كارجبو عن نكران الشعب جميلهم، وقال "هناك رفض لوجود إيبولا وعداوة تجاه العاملين في الصحة".

وأكد أحد أعضاء الفريق المكلف بدفن ضحايا إيبولا في وزارة الصحة أن أصدقاءه أصبحوا لا يقتربون منه وأن عائلته نبذته. وصرح الرجل (22 سنة) لفرانس برس "قالوا إنهم لن يسمحوا لي بأن أدخل إلى المنزل وطردوني".

وتحتج ايلا واتسون-سترايكر (34 سنة) وهي من كوادر أطباء بلا حدود وتساهم في مكافحة إيبولا منذ بدء انتشار الوباء في غينيا المجاورة في مارس/آذار، على هذا الظلم، وتقول "لديهم عدة مشاكل مع عائلاتهم، كان والد أحد الموظفين العاملين معنا يرفض التحدث إليه، وفرضت عائلة موظف آخر عليه أن ينام خارج المنزل، ولم يتمكنا من تناول الطعام مع العائلة".

وخلصت إلى القول "مع الوقت، بدأ الناس يتفهمون وبدأت العداوة تتراجع (...) لكنه وضع صعب جدا".

المساهمون