وحسب عضو مجلس نقابة الأطباء، إيهاب طاهر، فإن الأطباء حديثي التخرج فوجئوا برفض جهات العمل ضم سنة الامتياز إلى سنوات الخدمة، على خلاف ما كان يحدث في السنوات الماضية، مبيناً أن عدد ساعات الدراسة بكلية الطب هو ضعف ساعات الدراسة بمعظم الكليات الأخرى، وبالتالي فإن سنة الامتياز هي سنة تدريب وعمل أساسية، ولا بد من ضمها لمدة الخدمة حتى يستطيع الطبيب ممارسة المهنة بشكل جيد.
وأوضح طاهر أن العمل خلال سنة الامتياز شاق على الأطباء، يستوجب في بعض الأحيان عمل الطبيب على مدار 24 ساعة متواصلة، بمكافآة شهرية له تبلغ أحياناً 250 جنيهاً فقط، فضلاً عن عدم وجود مظلة تأمين صحي للعلاج من الأمراض، معتبراً أن ضم سنة الامتياز لجميع الدفعات السابقة، وحرمان الدفعات الجديدة من هذا الحق، يمثل تمييزاً بين الأطباء الذين يخضعون لتشريع موحد هو القانون رقم 14 لسنة 2014.
وقال أطباء دفعة 2017 "إن دراسة الطب البشري تكون لست سنوات، ثم يمر الطبيب بسنة امتياز يخضع فيها للتدريب الإكلينيكي على كافة تخصصات الطب البشري داخل المستشفيات، بساعات عمل ونوباتجيات تصل إلى 72 ساعة أسبوعياً لبعض الأقسام، يتحمل خلالها الطبيب مشقة التدريب، ومسؤوليات عمله كاملة. وقد يتعرض خلالها للاعتداء اللفظي والجسدي من المواطنين، ولا يجد إلا الصبر حتى يتعلم".
وأضاف الطلاب في بيان: "لقد تحملنا عاماً شاقاً بين أسرة المرضى من دون راتب، لأن طبيب الامتياز لا يتلقى راتباً، وإنما تمنحه إدارة الجامعة مكافآة شهرية تتراوح بين 250 جنيها (14.39 دولارا أميركيا) و700 جنيه كحد أقصى (40.30 دولارا أميركيا)، حسب ميزانية كل جامعة، ومن دون غطاء تأمين ضد كوارث المهنة التي ينغمس فيها الأطباء داخل المستشفيات العامة. فإذا أصابتنا عدوى، لا نجد جهة في الدولة تتحمل تكلفة علاجنا!".
وتابع الطلاب: "وبعد كل هذا وأكثر، نجد أنفسنا أمام إلغاء ضم سنة الامتياز إلى سنوات العمل، وهو ما يؤثر بالسلب على الخبرة والراتب والترقية. مع العلم أن هذه السنة كانت تضم تلقائياً حتى العام السابق".
ودعت النقابة العامة للأطباء، الجهات المعنية، إلى التراجع عن قرار إلغاء ضم سنة الامتياز، على اعتبار أن أطباء الامتياز يعملون في ظروف شديدة القسوة، ومن حقهم ضم تلك السنة لسنوات الخبرة، مستطردة أن "الضم كان هو القاعدة السائدة دائماً في السابق، وجميع أطباء الدفعات الجديدة يواجهون خطورة تعميم هذا القرار".
وأشارت النقابة، في بيان، إلى أن "طالب الطب يبذل جهداً أكثر من غيره، ولا يحصل على ترخيص بمزاولة المهنة إلا بعد سنة تدريب (سنة الامتياز)، تحت الإشراف المباشر لأساتذة كلية الطب، والأطباء المشرفين على العمل بالمستشفيات الجامعية، ولا يحصل على تأمين صحي أو تأمين اجتماعي في تلك السنة".
وطالبت النقابة، رئيس الوزراء، ووزيرة الصحة، ورئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، بالتدخل لحل الأزمة، وإقرار حق حديثي التخرج في ضم سنة الامتياز، لافتة إلى أن خريج الطب يبدأ في سنة الامتياز بعد 6 سنوات دراسة، منها سنتان دراسة متصلتان (الخامسة والسادسة)، إذ تنتهي امتحانات السنة السادسة في ديسمبر/ كانون الأول، أي بعد 27 شهراً كاملة من بدء الدراسة في السنة الخامسة.
وزاد بيان النقابة: "خلال هذا العام يعمل طبيب الامتياز في كل أقسام المستشفى، ويكون له جدول نوبتجيات، ومسؤوليات عمل، حتى وإن كان تحت إشراف الأطباء الأكبر، ولكنه عمل إلزامي لا تهاون فيه، ويتعرض فيه جميع الأطباء للعدوى، وكل مشاكل المهنة. كما أن أطباء الامتياز ليس لهم تأمين صحي، بعد انتهاء تأمينهم الصحي كطلبة، وعدم تفعيل تأمينهم كموظفين في الدولة".
واعترفت وزيرة الصحة المصرية، هالة زايد، أمام البرلمان، منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، بوجود عجز كبير في عدد الأطباء في مستشفيات الوزارة لعملهم بالخارج أو في القطاع الخاص، مشيرة إلى أن أطباء التكليف يتوزعون كل عام على مديريات الصحة في جميع أنحاء مصر، لكن يمكن للأطباء تعديل تكليفهم، والانتقال من المحافظات البعيدة إلى محافظاتهم بعد مرور عام.
وتشهد المستشفيات العامة في مصر إحجاماً غير مسبوق عن تسلم النيابات من طلاب الدفعة الجديدة المكلفين بها في العديد من التخصصات، لمعاناة الأطباء من تدني الأجور، وإهانات واعتداءات متكررة داخل المستشفيات الحكومية، ما دفع القطاع العريض منهم إلى ترك أقسام الجراحات الدقيقة والرعاية المركزة والتخدير، إلى جانب دراسة المعادلات الأجنبية قبل التخرج، تمهيداً لاتخاذ إجراءات السفر والهجرة بعد التخرج مباشرة.
ووافق مجلس النواب، يوم الثلاثاء الماضي، على تعديل تشريعي يقضي بتقليص مدة الدراسة في كليات الطب بالجامعات المصرية إلى خمس سنوات بدلاً من ست سنوات، وزيادة مدة التدريب الإلزامي إلى سنتين بدلاً من سنة واحدة، ما يمهد لإلغاء ضم فترة الامتياز إلى الخدمة، علاوة على إخضاع خريجي كليات الطب البشري لامتحان موحد بعد انتهاء عامي الامتياز "كشرط للحصول على ترخيص بمزاولة المهنة".
ويتوافر في مصر 2.2 مقدم للرعاية الصحية (أطباء وتمريض) لكل 1000 مواطن، وهي نسبة تقل عن الحد اﻷدنى الذي حددته منظمة الصحة العالمية بنحو 3.4 لكل 1000 مواطن. في حين يطالب الأطباء الحكومة بالالتزام بتنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة برفع بدل العدوى من 19 جنيهاً شهرياً إلى ألف جنيه، فضلاً عن اتخاذ إجراءات فعلية لتحسين أوضاعهم، ومنحهم حقوقهم العادلة تنفيذاً للدستور.