أضرار تجارية ومالية للسعودية وكندا من تصعيد الخلاف

08 اغسطس 2018
منتدى سعودي للترويج لرؤية 2030(فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -


ألقت السعودية بجميع أوراق الضغط التجاري على كندا في غضون أيام قليلة، من اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، في خطوة من شأنها حرمان أوتاوا من صفقات تجارية وعسكرية تصل قيمتها إلى نحو 20 مليار دولار على المدى القصير، بينما أكد محللون أن الرياض ستخسر بشكل أكبر على المدى الطويل، لاسيما أن تصعيدها سيضرب مساعيها في إقناع الشركات العالمية بالاستثمار في المملكة، وسيؤدي إلى طلب المستثمرين ضمانات مالية وقانونية لحماية أموالهم وتعاملاتهم مع الرياض.

وذكر فرع شركة جنرال دايناميكس كورب الأميركية العملاقة في كندا، وفق وكالة الأناضول، اليوم الأربعاء، أن قرار السعودية تجميد العلاقات التجارية بين البلدين، أثر على صفقة بيع 928 مركبة عسكرية مدرعة خفيفة وثقيلة جارياً تصنيعها للمملكة، بقيمة إجمالية تقدر بـ 15 مليار دولار.

وكانت السعودية قد استدعت الأحد الماضي سفيرها في أوتاوا، ومنعت سفير كندا من العودة إلى الرياض، وفرضت حظرا على التعاملات التجارية والاستثمارات الجديدة منددة بكندا لطلبها الإفراج عن نشطاء حقوقيين، ما اعتبرته الرياض تدخلا في شؤونها الداخلية.

وفي إطار التصعيد أعلنت المؤسسة العامة للحبوب الحكومية في السعودية، اليوم، أنها أبلغت موردي الحبوب الدوليين المؤهلين بوقف توريد شحنات القمح والشعير، ذات المنشأ الكندي. وتستورد السعودية 3.5 ملايين طن قمح سنويا من مناشئ متعددة حول العالم، من بينها كندا.

وجاء قرار مؤسسة الحبوب بالإضافة إلى إعلان ‏وزارة التعليم، إيقاف برامج تعليم نحو 15 ألف مبتعث في كندا وشمل القرار أيضا المرضى الذين يتعالجون في كندا. كما أعلنت شركة الخطوط الجوية السعودية، يوم الإثنين الماضي، وقف رحلاتها من وإلى مدينة تورنتو اعتباراً من 13 أغسطس/آب الجاري.

ورأى محلل مالي في أحد بنوك الاستثمار العاملة في دبي، فضل عدم ذكر اسمه، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن كندا لن تتأثر كثيرا بإيقاف التعاملات التجارية، خاصة أن صادراتها للسعودية بلغت نحو 1.12 مليار دولار في 2017 أو ما يعادل 0.2% من إجمالي الصادرات الكندية وفق البيانات الرسمية.

وتصل الاستثمارات السعودية في الشركات الكندية منذ 2006، إلى حوالي 6 مليارات دولار، وفق ما ذكرته وكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية الأميركية.

وأشار المحلل المالي إلى أن الضغوط المتعلقة بالاستثمار في الشركات الكندية وكذلك تجميد صفقة السلاح ستكون أكثر تأثيرا على أوتاوا، لكنها في الوقت نفسه ستضر الرياض بشكل أكبر، لاسيما أنها تواجه صعوبات كبيرة في البحث عن مصادر للتسليح في ظل التقارير الحقوقية الدولية عن الحرب في اليمن وتعامل النظام السعودي مع الناشطين والمعارضين داخل المملكة.

وكانت الأصوات قد تعالت بالأساس مؤخرا في كندا، باتخاذ موقف مماثل لموقف ألمانيا، التي أعلنت بداية العام الحالي عن وقف صادرات الأسلحة إلى السعودية. كما أصدرت المحكمة العليا في بلجيكا أوائل يوليو/تموز 2018 قرارأً بمنع تصدير الأسلحة للرياض، وحظرت كذلك النرويج بيع الأسلحة والذخائر لها ومن قبلها السويد عام 2015، فيما دعا البرلمان الأوروبي أواخر 2017 الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى وقف تصدير الأسلحة إلى السعودية.

وبجانب الضغوط الغربية على السعودية بشأن صفقات التسليح، فإن هناك ضغوطاً مالية محتملة، حيث ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، يوم الإثنين الماضي، أن تصعيد التوتّرات مع كندا ينطوي على مخاطر تتعلق بتغذية مخاوف المستثمرين من التعامل مع السعودية، ويهدّد تدفقات رؤوس الأموال التي تحتاج الرياض إليها لإجراء إصلاح اقتصادي شامل وتقليل الاعتماد على النفط ضمن رؤية 2030 التي طرحها ولي العهد محمد بن سلمان قبل عامين.

وتسبب تراجع موارد النفط في ظل انخفاض الأسعار في انكماش الاقتصاد وركود القطاع الخاص الذي اضطر إلى تسريح نحو 1.1 مليون عامل اجنبي منذ مطلع 2017 وحتى نهاية يونيو/حزيران الماضي.

المساهمون