أضحى سوري حزين

دمشق

سما الرحبي

avata
سما الرحبي
حلب

مصطفى محمد

avata
مصطفى محمد
05 أكتوبر 2014
05F7AD78-99D1-4555-BF95-3C09AE68DFFE
+ الخط -
في دمشق حيث يبسط النظام قبضته، يبلغ التباين أشده بين سكان المربع الأمني وباقي مناطق العاصمة. عند الانتقال من شارع لآخر تشعر وكأنك انتقلت إلى بلد مختلف، سكان أحياء المزة والروضة وتنظيم كفرسوسة، يعيشون ربيع أيامهم، وفي بعض مناطق الاصطياف تزدحم المطاعم والمجمعات بالعائلات.
بينما على بعد كيلومترات فقط في الداخل المحرر، ينتظر سوريون عيد الأضحى وسط ظروف إنسانية واقتصادية قاسية.
لمياء، أم لخمسة أطفال، نزحت من حي الخالدية في حمص إلى المليحة، وبعد دخول النظام إليها الشهر الماضي، أجبرت على النزوح مجددا لتستقر أخيراً في بلدة جرمانا. تقول لـ "العربي الجديد": "لو لم يعطل أولادي من المدرسة، ما علمت بقدوم العيد، فرحة العيد لا تكتمل إلا باجتماع الأهل، واليوم كل منهم في بلد، ولولا مواقع التواصل لنسينا حتى وجوههم".
تضيف: "جرمانا مدينة مستقرة نسبياً، رغم أصوات القصف القادمة من المليحة والمناطق المجاورة، بالإضافة لقذائف الهاون، وحواجز الجيش، والممارسات الأمنية. مشهد السلاح بات جزءاً من المدينة، وغياب الماء والكهرباء أمور أصبحت طبيعية لا تتأثر بأي مناسبة".
لم يمنع الوضع الراهن بعض العائلات من استغلال العيد. سعاد ربة منزل، عايدها النظام باعتقال ابنها من حاجز ضاحية قدسيا، بعدما فقدت منزلها في حي التضامن، واضطرت لاستئجار كراج في منطقة الشعلان.
اليوم سعاد تعمل في صناعة الحلويات، تقول: "لا يتذوق أطفالي الحلويات التي أصنعها، سعر كيلو الحلويات الفاخرة يزيد على خمسة آلاف ليرة سورية، أصنعها في منزلي بعد الطلب وإحضار الأدوات من قبل العائلات".
في هذا العيد قررت سعاد، ادخار مبلغ صغير يكفيها صناعة المعمول "بالعجوة" لتجلب سعادة لأطفالها ربما تنسيهم غياب أخيهم المعتقل. سعر كيلو المعمول بجودة متوسطة 500 ليرة سورية. كان ربحها قليلاً لكنه يسد بعضا من رمق الحياة.
هناك في دوما استبدلت رائحة المعمول وكعك العيد، برائحة الدم التي تعبق في هواء شوارع وأحياء الغوطة الشرقية الثائرة.

إلياس الهاجري، ناشط إغاثي يشرح لـ "العربي الجديد": "لا يوجد مظاهر للعيد، النظام مختص باستهداف تجمعات الأطفال، وارتكب ثاني أيام عيد الفطر الماضي مجزرة راح ضحيتها عشرات الأطفال الذين كانوا يلهون بالطرقات. عدد كبير من الأطفال فقدوا المُعيل، وبسبب الحصار المفروض ترتفع الأسعار بشكل جنوني، خاصة مع اقتراب العيد، فتحاول مؤسسات خيرية توزيع الملابس على الأطفال الفقراء، خاصة أبناء الشهداء".
بجهود شخصية أقام بعض أهالي المدينة، أقبية تحت المباني، محمية من قصف وغارات طيران النظام، ومجهزة بالألعاب وبرامج الترفيه لرسم ابتسامة غيبتها الحرب عن وجوه الأطفال.
ويبقى مقاتلو الجيش الحر مرابطين على الجبهات في أيام العيد. مراد مقاتل في صفوف الجيش الحر يقول لـ "العربي الجديد": "لا يختلف هذا العيد عن الذي سبقه، كثف النظام غاراته الجوية على المدينة، وكالعادة اختلطت أصوات القذائف مع تكبيرات العيد".
يضيف: "العيد الحقيقي عند سقوط النظام وتحرير سورية من استبداده. نحن مرابطون على الجبهة طوال أيام العيد فالنظام يتحين أي فرصة للهجوم، خصوصاً بعد الحملة الشرسة التي يشنها على الغوطة الشرقية".
وتغيب مظاهر العيد عن مدينة حلب، وريفها، بعد أن أرغمت الظروف الأمنية والاقتصادية الأهالي على النزوح، ويعيش من تبقى منهم في ظروف اقتصادية تبعده عن التفكير كلياً بالعيد، بسبب ارتفاع الأسعار.
"من يقطن حلب الآن هم أفراد الجيش الحر، وقلة من المدنيين، يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الإنسانية، والإغاثية" بحسب الناشط حارث عبد الحق، الذي يضيف لـ "العربي الجديد" أن "أغلب المحال مغلقة، والبضائع المتوفرة في السوق مرتفعة الأسعار، وما زاد الطين بلة ارتفاع سعر صرف الدولار، الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني".

باتت ظروف حلب الاقتصادية أكثر سوءاً بعد ضربات التحالف الدولي على سورية، حيث سجلت أسعار المحروقات ارتفاعاً، تزامناً مع استهداف الضربات الأميركية لبعض مصافي النفط المحلية في محافظة "دير الزور" التي كانت تورد إلى حلب.
بالمقابل، تغيب كافة أشكال الرقابة التموينية عن الأسواق، ما جعل المواطن تحت رحمة التاجر، ويظهر هذا جلياً في التفاوت بين سعر المادة، بين متجر وآخر.
من جهته، يعرب المهندس "نسيم العلي" مدير إحدى المجالس المحلية في المدينة، عن أسفه لما وصلت إليه أوضاع الأهالي الاقتصادية، ويشير إلى العجز عن مد يد العون للأهالي.
إلى ذلك، أعلنت الكثير من الجمعيات الخيرية، والمؤسسات الإغاثية، عزمها تنفيذ حملة "ذبح أضاحي"، وتوزيع لحومها على الأهالي، بعد أن صارت الأضحية حلماً للكثير من الأهالي.
ويبلغ متوسط سعر الأضحية نحو 35 ألف ليرة سورية (175 دولارا)، وساهم تهريب المواشي إلى الأراضي التركية المجاورة، في ارتفاع أسعارها، بعد أن كان سعرها مقبولاً في وقت سابق.

ذات صلة

الصورة
مكتب نقابة محامي حلب 1972 (العربي الجديد)

سياسة

نتابع في الحلقة الثانية اعتقال أعضاء في نقابات سورية عام 1980 وجهود الإفراج عنهم حيث تم إطلاق سراح المحامين عام 1987 باستثناء ثلاثة منهم
الصورة
في مستشفى شهداء الأقصى، وسط دير البلح، 8 يونيو 2024 (سعيد جرس/ فرانس برس)

منوعات

لا يحتفل الصحافيون الفلسطينيون في قطاع غزة بعيد الأضحى هذا العام، فهم بعيدون عن عائلاتهم، ويواجهون تحديات عدة في محاولتهم الاستمرار بتغطية جرائم الاحتلال.
الصورة
سورية (بلال الحمود/ فرانس برس)

مجتمع

يحرص السوريون على زيارة المقابر في العيد. زيارات تعبّر عن مشاعر الحنين إلى الأقارب والأصدقاء الذين خسروهم، وكانت لهم الكثير من الذكريات معهم
الصورة
توزيع أضاحي الهلال الأحمر القطري (العربي الجديد)

مجتمع

نفذ الهلال الأحمر القطري مشروع الأضاحي لمساعدة النازحين في شمال سورية وتخفيف الأعباء الكبيرة التي يواجهونها بعد سنوات من تركهم ديارهم.