أصالة والنظام السوري... تلويحات العودة؟

31 اغسطس 2019
أطلقت أخيراً ألبومها الجديد "في قربك" (فيسبوك)
+ الخط -

 عبارات التخوين لم تتوقّف ضد الفنانة، أصالة نصري، منذ أن عبرت عن رأيها المعارض لسياسة النظام السوري في طريقة تعامله الوحشيَّة مع الشعب الذي خرج معبّراً عن رفضه للآلة العسكرية والسياسة القمعية، راغباً بالحرية. كما وصفها الشارع الموالي بـ"الخائنة"، واعتبروها ناكرة لجميل آل الأسد، بعدما حصلت على علاج لقدمها في طفولتها، بقرار من الدكتاتور الراحل، حافظ الأسد. كما أنها كانت معروفة بمواقفها الموالية للنظام السوري، إذْ أنَّها غنت لبشار الأسد في حملة التجديد لولايته عام 2007 أغنية "حارس أحلامك يا شام".

بعد عامين على آخر ألبومٍ قدّمته "مهتمة بالتفاصيل"، أطلقت أصالة ألبومها الجديد "في قربك" الذي لاقى تفاعلاً من قبل الشارع السوري، الموالي والمعارض، رغم عدم وجود أي أغنية باللهجة المحلية السوريّة. ولكن "صولا"، كما يلقبها المحبون، يكفي أن تسرد الكلمات على الألحان، لتسافر بعشاقها إلى حيث الكلمات تتلى. صدر "في قربك" بالتدريج، وصنع تفاعلاً بأغنياته المصرية العشر، ولا سيما أغنيتي "مبقاش سر" و"جابو سيرته". الألبوم الجديد عمومًا، مشغول بحنكة موسيقية، قلما نجدها عند بعض المغنين، وخصوصاً من ناحية التوزيع الموسيقي. ثمَّة فرادة لدى الموزع فهد في أغنية العنوان "في قربك"، وكذلك مع توما في أغنية "يوم يومين" من كلمات أمير طعيمة وألحان أحمد الزعيم.

وهذا الرأي الإيجابي اتجاه أغنيات أصالة، كان قد سبقه تصريحٌ لها قبل أسبوعين، ضمن لقاء صحافي على هامش مهرجان "صلالة" في سلطنة عمان، إذْ عبَّرت أصالة عن الاشتياق الشديد لدمشق وحاراتها القديمة والأماكن التي تودّ زيارتها. كما أنها تمنت أن تسمح لها الفرصة بذلك.
ومن خلال هذه الكلمات الطرية، اقتربت أصالة في الحديث من قلوب السوريين، ولامست مشاعرهم بمناطق يعرفونها جيداً، وبتفاصيلٍ لا يلتقطها إلا الذي كبر في تلك الحواري. كما أنها أكدت على ثقتها بمحبة الناس لها في برنامج "توأم روحي" مع نيشان الذي عرض قبل شهرين. وردت أصالة على سؤال نيشان عن محبة الجمهور السوري لها، إذْ أجابت بأنها تعلم أن جزءاً من الشعب السوري لا يحبها، ولكن هناك قسم كبير ينتظر أصالة ويحب فنها.
من جهة أخرى، يتزامن إصدار الألبوم مع عودة فنانين لبنانيين للغناء في دمشق، رغم مواقف سياسية سابقة معارضة للنظام السوري، كالمُطربتين نجوى كرم وكارول سماحة، فلماذا لا تعود أصالة إذاً، وهي ابنة الشام؟ قد لا يدرك البعض أن النظام السوري لا ينسى، وأنه يعود لمحاسبة من عارضه ولو بعد سنوات. فكيف بأصالة التي ينظر لها جزء من الموالين للنظام، بأنّها نكرت المعروف الذي قدّم لها، وتحدت بشار الأسد مباشرة حين غنت موال "آه لو الكرسي بيحكي". 
وماذا عن التعابير الودية الرنانة التي صدرت مؤخراً من قبل الكثير من الإعلاميين الموالين للنظام السوري، وخاصة بعد بث أول أغنية في إذاعة محلية من بعد اندلاع الثورة، والتي من الواضح أنها كانت رسالة من النظام، ليعكس صدره الرحب أيضاً من خلالها، خاصة مع تعليق تداوله كثيرون حول العفو الذي أصدره على الفارين من الخدمة العسكرية وحاملي السلاح في وجهه. فلماذا لا تعفو الأجهزة الأمنية عن أصالة وتسمح لها بالعودة إلى دمشق؟ مع هذه البلبلة، هل تقبلُ أصالة بالغناء حقاً في الشام، إذا ما مدّ النظام يده لها؟ وهل الفن يحرك السياسة، حين يتخذ الفنان موقفاً قد يدفع ثمنه باهظاً؟ أم السياسة هي التي توجه الفن، فتحول مُطرباً محبوباً من نجم جماهيري إلى خائن بلحظة، وتعيده إلى بريقه في لحظة ثانية؟
المساهمون