أسلاك الموت في المخيم

21 سبتمبر 2014
+ الخط -

"كُن حذرا وأنت عائد إلى البيت، إن لم يكن لديك عمل مهم في الخارج، الزم الجلوس، هنا، إلى جانبنا"، هكذا تقول أم لابنها الشاب في مخيم برج البراجنة. ليس هناك حرب في المخيم، وليس هناك مجموعات مسلحة تنقضّ على المارين في الطرقات، لكنها أسلاك الموت التي باتت تهدد اللاجئين من جميع الاتجاهات، لتلتقط أرواح من تشاء منهم، من دون سابق إنذار.

الكلام لن يُفهم من بعيد، عليك أن تدخل مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في بيروت، حتى تعي تماماً ما أقول، عند أول مفترق طرق، سيطل عليك مشهد قاس، يُختصر بشبكات تمزج بين الأسلاك الكهربائية وأنابيب المياه.

الناس في المخيم باتوا يمشون على مهل، يطأطئون رؤوسهم، في أغلب الأحيان، كي لا تصطدم بأسلاك معدة لأخذ أرواحهم، لكن القضية لم تعد تقتصر على الأسلاك الكهربائية القريبة من الرؤوس، إنما تعدت ذلك.

أحمد نجيب لاقى مصرعه، يوم الأربعاء الماضي، حينما كان يقوم بتنظيف المخيم مع أصدقائه، وكان الموت يختبئ له بماسورة مياه ارتبطت، بأسلوب الحياة المخيماتية الخاصة، بأسلاك الموت تلك. أحد عشر شخصاً من خيرة شباب المخيم لاقوا حتفهم حتى اللحظة، بسبب إهمال التمديدات الكهربائية العشوائية، وليس هناك من يسأل عنهم.

في المخيم، ثمة موت بات ينتظرنا جميعاً عند مفارق الأزقة المظلمة، وموت آخر ينتظرنا غرقاً، إذا ما قررنا الهجرة على متن قارب منهار، وموت ثالث رداؤه الظلم والقهر إذا ما قررنا السكوت والجلوس في منازلنا. تقطعت بنا السبل، فثار صديقي الفيسبوكي على صفحته ليحسم الموضوع قائلا "بالمخيم الكهربا ما بتيجي إلا لتوخد روح".

02E295FE-619F-4332-8987-0A2C8506CF65
02E295FE-619F-4332-8987-0A2C8506CF65
طه يونس (فلسطين)
طه يونس (فلسطين)