تصاعدت حدة الأزمة التي تعيشها شركات المقاولات والاستثمار العقاري المصرية، نتيجة الزيادات الأخيرة التي طاولت أسعار مواد البناء تأثرا بقرار زيادة أسعار الوقود الصادر في يونيو/ حزيران الماضي، وهو الأمر الذي أدى إلى تعثر قرابة خمسة آلاف شركة للمقاولات وتوقف العمل في أكثر من ثُلثي مشروعات الطرق والإسكان.
وأثار تأخير صرف تعويضات فروق أسعار مواد البناء التي أقرتها الحكومة المصرية عقب تطبيق قرار تعويم الجنيه، حالة من الغضب الشديد في أوساط شركات المقاولات المتعاقدة مع الحكومة، حيث لجأت إلى تسريح العديد من العاملين لديها بعد تنامي الأزمة المالية التي تواجهها.
ووفقاً لمسؤولين في الغرف التجارية، فإن مشروعات الطرق تعد الأكثر تضررا من قرار خفض دعم الوقود نتيجة زيادة أسعار الخامات التي تستخدمها بنسبة 50%، مشيرين إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بنسبة تراوح بين 15% و20% في ظل ارتفاع كلفة أعمال البناء والتشييد.
وشهدت أسعار مواد البناء ارتفاعا ملحوظا بعد خفض دعم المواد البترولية، حيث ارتفع سعر الحديد من 9.7 الآف جنيه للطن في شهر يونيو/ حزيران إلى 11.3 ألف جنيه خلال يوليو/ تموز الحالي. وارتفع سعر الإسمنت إلى 860 جنيها مقابل 650 جنيها خلال الفترة ذاتها.
أزمة تشغيل
وكشف المسؤول بإحدى شركات المقاولات العاملة في مشروعات الإسكان الاجتماعي، أحمد عبدالباقي، لـ"العربي الجديد"، عن أن شركته قامت بتسريح 50% من العمالة والمهندسين المعماريين لديها بعد تصاعد أزمة السيولة وزيادة الخسائر التي منيت بها نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء، مشيرًا إلى أن شركته قلصت أعمالها في مجال الإسكان وأصبحت مهددة بالتوقف عن العمل، خاصة إذا استمرت الأزمة الراهنة.
كما كشف المهندس المعماري في إحدى شركات المقاولات، محمود سليمان، أنه لم يتقاض مع زملائه رواتبهم منذ ثلاثة أشهر بسبب عدم وجود سيولة لدى شركته المتعاقدة مع وزارة الإنتاج الحربي من الباطن لتطوير عدد من محطات السكك الحديدية نتيجة تأخر الوزارة في صرف الدفعات المستحقة للشركة، لافتًا إلى أن هذه الأزمة انعكست على أنشطة الشركة وتسببت في عدم قدرتها على إنجاز أعمال المحطات المتعاقدة على تطويرها.
وأكد مصدر مسؤول في الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، رفض الإفصاح عن هويته، لـ"العربي الجديد"، أن قرار الحكومة بشأن زيادة أسعار الوقود الصادر في 29 يونيو/ حزيران الماضي، أثر سلبا على قطاع المقاولات، حيث دخلت 5 آلاف شركة تعمل في هذا القطاع دائرة التعثر نتيجة الخسائر التي تكبدتها بعد ارتفاع أسعار مواد البناء بمتوسط 25% خلال يوليو/ تموز الجاري.
وفي تصريحات له في يناير/ كانون الثاني الماضي، كشف رئيس مجلس إدارة الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، حسن عبد العزيز، أن جميع شركات المقاولات المسجلة في الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، والبالغ عددها 30900 شركة معرضة لخطر الإفلاس.
ووفقًا للمصدر، فإن قطاع إنشاء الطرق يعد الأكثر تضررا من قرار خفض دعم المحروقات، حيث ارتفعت أسعار الخامات التي تستخدم في مشروعات الطرق، وأهمها البيتومين، بنسبة 50%، إضافة إلى زيادة أسعار السولار الذي تعتمد عليه بشكل أساسي المعدات المستخدمة في تلك المشروعات.
وقال المهندس سهل الدمراوي، عضو اتحاد مقاولي التشييد والبناء، أخيرا، إن شركات المقاولات في كارثة حقيقة ولا تقتصر على المستثمرين فقط، بل تمتد إلى كافة العاملين لتصل إلى ما بين 8 و10 ملايين عامل في قطاع المقاولات، مشيرًا إلى خروج أكثر من ألفي شركة مقاولات من السوق، وأن معدل تسريح العمالة في ازدياد مستمر.
وكشف المصدر عن أن 70% من مشروعات الإسكان والطرق توقف العمل فيها خلال الأيام القليلة الماضية في ظل تنامي الأزمة المالية الطاحنة التي تعاني منها، فضلا عن تأخير صرف تعويضات فروق أسعار مواد البناء التي أقرتها الحكومة المصرية لمعالجة الخلل في التعاقدات مع المقاولين بعد تطبيق قرار تعويم الجنيه.
وقدرت اللجنة المشكّلة من الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء لتحديد قيمة تعويضات شركات المقاولات، المستحقة لها عن ارتفاع سعر الدولار، بنحو 10 مليارات جنيه.
وأشار المصدر إلى أن العقود التي تنفذها معظم شركات المقاولات خلال الفترة الحالية تم إبرامها مع الجهات الحكومية المختلفة في 2013، وبالتالي فإن الكلفة ارتفعت بنسبة تتجاوز 100% وتعويضات فروق الأسعار تمثل 25% فقط، ورغم ذلك فإن التعقيدات الإدارية ما زالت تحول دون صرف التعويضات.
ويقول المهندس داكر عبد اللاه، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، إن شركات المقاولات التي أبرمت عقودا منذ مارس/ آذار 2016، ستواجه أعباء إضافية، خاصة بعد ارتفاع أسعار المحروقات أخيرا، مؤكدا أن شركات المقاولات تعاني من تأخر صرف التعويضات، منذ عام ونصف، والذي تسبب في تعثر الشركات وتراكم الأعباء المالية، ما يعوق سرعة إنجاز العقود، خاصة مع التغيرات المتلاحقة في أسعار الخامات وتضاعف بعضها.
وأشار في تصريح سابق، إلى أن الشركات العاملة بالطرق هي الأكثر تضررا، حيث ارتفع البيتومين - المادة المستخدمة في رصف الطرق - بمعدل ثلاثة أضعاف.
غلاء العقارات
وعلى صعيد متصل، قال مسؤول بارز في شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية، لـ"العربي الجديد"، إن أسعار الوحدات السكنية في المشروعات التي يجري إنشاؤها خلال الفترة الحالية سترتفع بنسبة تراوح بين 15% و20% نتيجة الزيادات الجديدة التي طرأت على أسعار مواد البناء بعد تحريك أسعار الوقود، وهو الأمر الذي ينعكس على كلفة أعمال البناء والتشييد.
ورجّح المسؤول زيادة حدة الركود في سوق العقارات خلال الفترة المقبلة نتيجة ارتفاع الأسعار، إضافة إلى لجوء المواطنين إلى استثمار فائض مدخراتهم في البنوك للاستفادة من قرار البنك المركزي الصادر في السادس من يوليو/ تموز الجاري بشأن رفع سعر الفائدة بنسبة 2% وذلك كبديل عن الاستثمار في العقارات.
وأشار المسؤول إلى أن الاستثمار العقاري لم يلتقط أنفاسه من تداعيات تعويم الجنيه وزيادة أسعار الوقود حتى أدخلته الحكومة في دائرة جديدة وهي رفع سعر الفائدة، ما يتسبب في تفاقم أزمة الركود التي يعاني منها.
وكشف المسؤول عن أن قرارات الحكومة الأخيرة ستدفع العديد من الشركات إلى إرجاء خططها التوسعية وإرجاء المشروعات الجديدة، وسيقتصر نشاطها على استكمال مشروعاتها التي بدأت العمل فيها.
في المقابل، يقول مهنيون إنه رغم تلك الارتفاعات المتوالية في أسعار أراضي البناء، تواصل الطلب على السوق بصورة كبيرة كمخزن للقيمة في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن الدولار وتقلبات أسعار الذهب، ليبقى العقار في مصر الملاذ الآمن لمدخرات المواطنين القلقين من سياسة الحكومة في جذب السيولة من الأفراد من خلال مسلسل ارتفاع أسعار الفائدة المتوالي الذي تشهده مصر ورفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة مجددا الأسبوع الماضي بنحو مائتي نقطة.
ورفعت شركات الإسمنت أسعار الطن في أعقاب زيادات البنزين، وتوالت شركات الحديد في رفع أسعار الطن على مدى الأسبوع الجاري، لتنذر بارتفاعات مرتقبة جديدة بالسوق العقاري.
ويبدو أن حالة الطلب المتزايد على السوق ستتوالى لفترة ثم لا تلبث أن تفتر لتحدث هزة قوية للاقتصاد المصري، باعتبار أنه القطاع الرائد حاليا والذي يضم داخله عددا من الصناعات الوسيطة التي تعمل على تحريك الاقتصاد، وفق ما يذهب إليه مراقبون.
وقال المهندس رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، طارق شكري، إن السوق العقاري يشهد تناميا كبيرا في الطلب بعد هدوء المضاربات على الدولار، الذي كان مجالا لاستثمار كافة القطاعات العام الماضي، إلا أنه بعد استقرار أسعاره عاد الطلب بقوة على العقار كمخزن للقيمة.
وأضاف أنه رغم رفع كافة الشركات أسعار العقارات بنسب متباينة بعد خفض الجنيه وانعكاس ذلك على أسعار مواد البناء والقرارات الاقتصادية الأخرى التي أصدرتها الحكومة العام الماضي وتواصلها حاليا، إلا أن الطلب متزايد.
وأوضح شكري، لـ"العربي الجديد"، أن خفض قيمة الجنيه يقابله طلب متزايد على شراء العقارات، لأنها الملاذ الآمن والأفضل استثماريا بين أوعية الادخار الأخرى، إلا أن الارتفاعات المتتالية والكبيرة قد تؤثر على معدلات الشراء وترفع من أعباء الشركات العقارية وقدرتها على التسويق خلال الفترة المقبلة.
ولا يتوقع شكري أن يستمر الطلب عند ذروته الحالية وبالتالي تتجلى توقعات الكساد لعدد من المشروعات الجديدة التي يجري الترويج لها حاليا، مع احتمالات تعثر العملاء الجدد في ظل ارتفاع معدلات التضخم، قائلا إن هذا هو ما يجب أن تتحوط منه الشركات العقارية، خاصة متوسطة الحجم التي تعتمد على التمويل البنكي والحجوزات في إتمام مشاريعها.
وقال الخبير العقاري حسين صبور، لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع أسعار العقارات في مصر مرهون بارتفاع الكلفة والقرارات الأخيرة التي تم اتخاذها من ضرائب وتقليص دعم.
ويرى صبور أن مصر بعيدة كل البعد عما يسمى بالفقاعة العقارية، خاصة أن أسعار الوحدات السكنية رغم جودتها أقل من دول الخليج أجمعها.
وارتفعت أسعار العقارات في مصر بين 40 إلى 50% خلال العامين الماضيين.
وقال عضو شعبة الاستثمار العقاري، ماجد حلمي، إن الإفلات من حدوث الفقاعة العقارية المتوقعة هو تحمل الشركات حصر الزيادة في الأسعار على نسبة الزيادة في الكلفة فقط والتقليل من هوامش الربح.
وأكد أن القرارات الأخيرة ستنعكس بصورة مباشرة على كلفة تنفيذ المشروعات العقارية، وهو ما سيتسبب حينها في ركود حاد في القطاع وتوقف عمليات البيع والشراء لعدم تناسب الأسعار عندئذ مع القوة الشرائية للمواطنين.
ودعا حلمي القطاع العقاري إلى ضرورة التكاتف للعبور من هذه الأزمة وذلك من خلال تحمل النسبة الأكبر من زيادة تكاليف التنفيذ، وذلك عن طريق التنازل عن جزء من هامش الربح، وبهذا يحافظ القطاع العقاري على أدائه.
اقــرأ أيضاً
وأثار تأخير صرف تعويضات فروق أسعار مواد البناء التي أقرتها الحكومة المصرية عقب تطبيق قرار تعويم الجنيه، حالة من الغضب الشديد في أوساط شركات المقاولات المتعاقدة مع الحكومة، حيث لجأت إلى تسريح العديد من العاملين لديها بعد تنامي الأزمة المالية التي تواجهها.
ووفقاً لمسؤولين في الغرف التجارية، فإن مشروعات الطرق تعد الأكثر تضررا من قرار خفض دعم الوقود نتيجة زيادة أسعار الخامات التي تستخدمها بنسبة 50%، مشيرين إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بنسبة تراوح بين 15% و20% في ظل ارتفاع كلفة أعمال البناء والتشييد.
وشهدت أسعار مواد البناء ارتفاعا ملحوظا بعد خفض دعم المواد البترولية، حيث ارتفع سعر الحديد من 9.7 الآف جنيه للطن في شهر يونيو/ حزيران إلى 11.3 ألف جنيه خلال يوليو/ تموز الحالي. وارتفع سعر الإسمنت إلى 860 جنيها مقابل 650 جنيها خلال الفترة ذاتها.
أزمة تشغيل
وكشف المسؤول بإحدى شركات المقاولات العاملة في مشروعات الإسكان الاجتماعي، أحمد عبدالباقي، لـ"العربي الجديد"، عن أن شركته قامت بتسريح 50% من العمالة والمهندسين المعماريين لديها بعد تصاعد أزمة السيولة وزيادة الخسائر التي منيت بها نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء، مشيرًا إلى أن شركته قلصت أعمالها في مجال الإسكان وأصبحت مهددة بالتوقف عن العمل، خاصة إذا استمرت الأزمة الراهنة.
كما كشف المهندس المعماري في إحدى شركات المقاولات، محمود سليمان، أنه لم يتقاض مع زملائه رواتبهم منذ ثلاثة أشهر بسبب عدم وجود سيولة لدى شركته المتعاقدة مع وزارة الإنتاج الحربي من الباطن لتطوير عدد من محطات السكك الحديدية نتيجة تأخر الوزارة في صرف الدفعات المستحقة للشركة، لافتًا إلى أن هذه الأزمة انعكست على أنشطة الشركة وتسببت في عدم قدرتها على إنجاز أعمال المحطات المتعاقدة على تطويرها.
وأكد مصدر مسؤول في الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، رفض الإفصاح عن هويته، لـ"العربي الجديد"، أن قرار الحكومة بشأن زيادة أسعار الوقود الصادر في 29 يونيو/ حزيران الماضي، أثر سلبا على قطاع المقاولات، حيث دخلت 5 آلاف شركة تعمل في هذا القطاع دائرة التعثر نتيجة الخسائر التي تكبدتها بعد ارتفاع أسعار مواد البناء بمتوسط 25% خلال يوليو/ تموز الجاري.
وفي تصريحات له في يناير/ كانون الثاني الماضي، كشف رئيس مجلس إدارة الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، حسن عبد العزيز، أن جميع شركات المقاولات المسجلة في الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، والبالغ عددها 30900 شركة معرضة لخطر الإفلاس.
ووفقًا للمصدر، فإن قطاع إنشاء الطرق يعد الأكثر تضررا من قرار خفض دعم المحروقات، حيث ارتفعت أسعار الخامات التي تستخدم في مشروعات الطرق، وأهمها البيتومين، بنسبة 50%، إضافة إلى زيادة أسعار السولار الذي تعتمد عليه بشكل أساسي المعدات المستخدمة في تلك المشروعات.
وقال المهندس سهل الدمراوي، عضو اتحاد مقاولي التشييد والبناء، أخيرا، إن شركات المقاولات في كارثة حقيقة ولا تقتصر على المستثمرين فقط، بل تمتد إلى كافة العاملين لتصل إلى ما بين 8 و10 ملايين عامل في قطاع المقاولات، مشيرًا إلى خروج أكثر من ألفي شركة مقاولات من السوق، وأن معدل تسريح العمالة في ازدياد مستمر.
وكشف المصدر عن أن 70% من مشروعات الإسكان والطرق توقف العمل فيها خلال الأيام القليلة الماضية في ظل تنامي الأزمة المالية الطاحنة التي تعاني منها، فضلا عن تأخير صرف تعويضات فروق أسعار مواد البناء التي أقرتها الحكومة المصرية لمعالجة الخلل في التعاقدات مع المقاولين بعد تطبيق قرار تعويم الجنيه.
وقدرت اللجنة المشكّلة من الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء لتحديد قيمة تعويضات شركات المقاولات، المستحقة لها عن ارتفاع سعر الدولار، بنحو 10 مليارات جنيه.
وأشار المصدر إلى أن العقود التي تنفذها معظم شركات المقاولات خلال الفترة الحالية تم إبرامها مع الجهات الحكومية المختلفة في 2013، وبالتالي فإن الكلفة ارتفعت بنسبة تتجاوز 100% وتعويضات فروق الأسعار تمثل 25% فقط، ورغم ذلك فإن التعقيدات الإدارية ما زالت تحول دون صرف التعويضات.
ويقول المهندس داكر عبد اللاه، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، إن شركات المقاولات التي أبرمت عقودا منذ مارس/ آذار 2016، ستواجه أعباء إضافية، خاصة بعد ارتفاع أسعار المحروقات أخيرا، مؤكدا أن شركات المقاولات تعاني من تأخر صرف التعويضات، منذ عام ونصف، والذي تسبب في تعثر الشركات وتراكم الأعباء المالية، ما يعوق سرعة إنجاز العقود، خاصة مع التغيرات المتلاحقة في أسعار الخامات وتضاعف بعضها.
وأشار في تصريح سابق، إلى أن الشركات العاملة بالطرق هي الأكثر تضررا، حيث ارتفع البيتومين - المادة المستخدمة في رصف الطرق - بمعدل ثلاثة أضعاف.
غلاء العقارات
وعلى صعيد متصل، قال مسؤول بارز في شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية، لـ"العربي الجديد"، إن أسعار الوحدات السكنية في المشروعات التي يجري إنشاؤها خلال الفترة الحالية سترتفع بنسبة تراوح بين 15% و20% نتيجة الزيادات الجديدة التي طرأت على أسعار مواد البناء بعد تحريك أسعار الوقود، وهو الأمر الذي ينعكس على كلفة أعمال البناء والتشييد.
ورجّح المسؤول زيادة حدة الركود في سوق العقارات خلال الفترة المقبلة نتيجة ارتفاع الأسعار، إضافة إلى لجوء المواطنين إلى استثمار فائض مدخراتهم في البنوك للاستفادة من قرار البنك المركزي الصادر في السادس من يوليو/ تموز الجاري بشأن رفع سعر الفائدة بنسبة 2% وذلك كبديل عن الاستثمار في العقارات.
وأشار المسؤول إلى أن الاستثمار العقاري لم يلتقط أنفاسه من تداعيات تعويم الجنيه وزيادة أسعار الوقود حتى أدخلته الحكومة في دائرة جديدة وهي رفع سعر الفائدة، ما يتسبب في تفاقم أزمة الركود التي يعاني منها.
وكشف المسؤول عن أن قرارات الحكومة الأخيرة ستدفع العديد من الشركات إلى إرجاء خططها التوسعية وإرجاء المشروعات الجديدة، وسيقتصر نشاطها على استكمال مشروعاتها التي بدأت العمل فيها.
في المقابل، يقول مهنيون إنه رغم تلك الارتفاعات المتوالية في أسعار أراضي البناء، تواصل الطلب على السوق بصورة كبيرة كمخزن للقيمة في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن الدولار وتقلبات أسعار الذهب، ليبقى العقار في مصر الملاذ الآمن لمدخرات المواطنين القلقين من سياسة الحكومة في جذب السيولة من الأفراد من خلال مسلسل ارتفاع أسعار الفائدة المتوالي الذي تشهده مصر ورفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة مجددا الأسبوع الماضي بنحو مائتي نقطة.
ورفعت شركات الإسمنت أسعار الطن في أعقاب زيادات البنزين، وتوالت شركات الحديد في رفع أسعار الطن على مدى الأسبوع الجاري، لتنذر بارتفاعات مرتقبة جديدة بالسوق العقاري.
ويبدو أن حالة الطلب المتزايد على السوق ستتوالى لفترة ثم لا تلبث أن تفتر لتحدث هزة قوية للاقتصاد المصري، باعتبار أنه القطاع الرائد حاليا والذي يضم داخله عددا من الصناعات الوسيطة التي تعمل على تحريك الاقتصاد، وفق ما يذهب إليه مراقبون.
وقال المهندس رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، طارق شكري، إن السوق العقاري يشهد تناميا كبيرا في الطلب بعد هدوء المضاربات على الدولار، الذي كان مجالا لاستثمار كافة القطاعات العام الماضي، إلا أنه بعد استقرار أسعاره عاد الطلب بقوة على العقار كمخزن للقيمة.
وأضاف أنه رغم رفع كافة الشركات أسعار العقارات بنسب متباينة بعد خفض الجنيه وانعكاس ذلك على أسعار مواد البناء والقرارات الاقتصادية الأخرى التي أصدرتها الحكومة العام الماضي وتواصلها حاليا، إلا أن الطلب متزايد.
وأوضح شكري، لـ"العربي الجديد"، أن خفض قيمة الجنيه يقابله طلب متزايد على شراء العقارات، لأنها الملاذ الآمن والأفضل استثماريا بين أوعية الادخار الأخرى، إلا أن الارتفاعات المتتالية والكبيرة قد تؤثر على معدلات الشراء وترفع من أعباء الشركات العقارية وقدرتها على التسويق خلال الفترة المقبلة.
ولا يتوقع شكري أن يستمر الطلب عند ذروته الحالية وبالتالي تتجلى توقعات الكساد لعدد من المشروعات الجديدة التي يجري الترويج لها حاليا، مع احتمالات تعثر العملاء الجدد في ظل ارتفاع معدلات التضخم، قائلا إن هذا هو ما يجب أن تتحوط منه الشركات العقارية، خاصة متوسطة الحجم التي تعتمد على التمويل البنكي والحجوزات في إتمام مشاريعها.
وقال الخبير العقاري حسين صبور، لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع أسعار العقارات في مصر مرهون بارتفاع الكلفة والقرارات الأخيرة التي تم اتخاذها من ضرائب وتقليص دعم.
ويرى صبور أن مصر بعيدة كل البعد عما يسمى بالفقاعة العقارية، خاصة أن أسعار الوحدات السكنية رغم جودتها أقل من دول الخليج أجمعها.
وارتفعت أسعار العقارات في مصر بين 40 إلى 50% خلال العامين الماضيين.
وقال عضو شعبة الاستثمار العقاري، ماجد حلمي، إن الإفلات من حدوث الفقاعة العقارية المتوقعة هو تحمل الشركات حصر الزيادة في الأسعار على نسبة الزيادة في الكلفة فقط والتقليل من هوامش الربح.
وأكد أن القرارات الأخيرة ستنعكس بصورة مباشرة على كلفة تنفيذ المشروعات العقارية، وهو ما سيتسبب حينها في ركود حاد في القطاع وتوقف عمليات البيع والشراء لعدم تناسب الأسعار عندئذ مع القوة الشرائية للمواطنين.
ودعا حلمي القطاع العقاري إلى ضرورة التكاتف للعبور من هذه الأزمة وذلك من خلال تحمل النسبة الأكبر من زيادة تكاليف التنفيذ، وذلك عن طريق التنازل عن جزء من هامش الربح، وبهذا يحافظ القطاع العقاري على أدائه.