أعلنت مصادر مسؤولة في الحكومة المصرية رسميا عن ارتفاعات متتالية في أسعار العديد من السلع والخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين، على خلفية ارتفاع أسعار الدولار في مصر، والقرارات الأخيرة التي اتخذها المصرف المركزي المصري لمواجهة أزمة سعر الصرف.
وتشهد سوق الصرف المصرية على مدى الأسابيع الأخيرة أزمة كبيرة بين الجنيه المصري والدولار الأميركي دفعت المصرف المركزي المصري إلى اتخاذ عدد من القرارات المتلاحقة في محاولة لاحتواء الأزمة ترتبت عليها اضطرابات في مختلف أسعار السلع والمنتجات بالسوق المصري.
وواجه البنك المركزي في عهد المحافظ الجديد طارق عامر تحديات كبيرة تمثلت في التراجع الملحوظ في مصادر تدفقات النقد الأجنبي الخمس الرئيسية، وهي السياحة وتحويلات المصريين في الخارج وإيرادات قناة السويس والصادرات والاستثمار.
وكشف مصدر مسؤول بوزارة التضامن الاجتماعي، في تصريحات صحافية، عن ارتفاع أسعار حج الجمعيات الأهلية هذا العام بزيادة بلغت ٢٠% مقارنة بالعام الماضي بسبب انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع سعر الريال السعودي، وخاصة أن جميع التعاقدات مع الجهات السعودية تتم بالريال.
كانت وزارة التضامن الاجتماعي قد حددت سعر حج الجمعيات خلال العام الماضي، بـ30 ألفا و300 جنيه للمستوى الاقتصادي، والإقامة تبعد عن الحرم 750 مترا، و36 ألفا و500 جنيه للمستوى الثاني، في حين بلغ سعر المستوى الأول 41 ألف جنيه. وتشمل هذه الأسعار تذاكر الطيران والتغذية "الفطور والغداء" والإقامة.
وشهدت أسعار الحج السياحي العام الماضي أيضا زيادة بنسبة تراوح ما بين 5 إلى 10% لكل المستويات، وبلغت أسعار البرامج 5 نجوم "صف أول" مباشرة على الحرم وحتى 200 متر، 51 ألف جنيه، بدلا من 49 ألفا العام الماضي، كما بلغت أسعار 5 نجوم "صف ثان" حتى نهاية المسافة المحددة بضوابط الحج لـ1250 مترا 49 ألفا بدلا من 47 ألف جنيه.
كما شهدت برامج الحج الاقتصادي العام الماضي زيادة قدرها ألفا جنيه، لتصبح أسعار البرنامج الاقتصادي 22 ألفا بدلا من 20 ألف جنيه، كما بلغت قيمة برنامج البري تحسين الخمس نجوم 24 ألفا بدلا من 22 ألف جنيه، كما وصل سعر برنامج البري تحسين 4 نجوم إلى 23 ألفا مقابل 21 ألفا و500 جنيه العام الماضي، كما وصل سعر برنامج البري تحسين 3 نجوم 22 ألفا مقابل 20 ألفا و500 جنيه للعام الماضي.
أسعار الدواء
وفي وزارة الصحة والسكان، قال مصدر مسؤول إن إدارة الصيدلة تقدمت بمقترح للدكتور أحمد عماد، وزير الصحة، لرفع أسعار الأدوية التي تراوح أسعارها بين جنيه إلى 10 جنيهات، مشيرا إلى أن الوزير لم يعتمد الزيادة بشكل نهائي حتى الآن.
وكشف المصدر في تصريحات صحافية، اليوم، أن لقاءً سيجمع رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل ووزير الصحة وعدد من رؤساء شركات الأدوية وممثلي غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات ورئيس اتحاد الصناعات، يوم الأحد المقبل، لبحث ومناقشة التأثير السلبي لتعويم الجنيه على سوق الدواء.
وقال الدكتور أحمد العزبي، رئيس غرفة الدواء باتحاد الصناعات، في تصريحات له: "إن ارتفاع سعر الدولار في الفترة الأخيرة أثّر سلبا بصورة كبيرة على عمليات استيراد الدواء والتصنيع في مصر"، مشيرا إلى أن السوق المحلية تواجه نقصا في 1450 صنف دواء منها 350 صنفا ليست لها بدائل.
وأكد ارتفاع كلفة الدواء المستورد بنسبة 50%، فيما زادت كلفة الإنتاج المحلي بنسبة تراوح بين 25 و30%، لافتا إلى أن الحل الوحيد يكمن إما في رفع أسعار الدواء أو أن تتحمل الدولة الفرق بين سعر البيع وكلفة الإنتاج وتقدمه في صورة دعم للشركات، وإلا ستتفاقم أزمة نواقص الدواء بصورة كارثية سيدفع ثمنها المواطن المصري.
وفي سياق موجة ارتفاع الأسعار المتزايدة، قال رجل الأعمال محمد أبو العينين، رئيس مجلس إدارة مجموعة كليوباترا، إن خفض الجنيه أمام الدولار أثر كثيرا على تكاليف الإنتاج، متوقعا ارتفاع أسعار السيراميك بنسب تراوح بين 20 إلى 25% خلال الفترة المقبلة.
توجيهات السيسي
تصريحات المسؤولين تناقضت مع بيان للرئاسة المصرية ذكرت فيه تأكيد عبدالفتاح السيسي أنه "لن يكون هناك أي زيادة في أسعار المواد الغذائية رغم الارتفاع الذي شهده سعر الدولار أخيرا"، محملا قادة الجيش الجالسين أمامه مسؤولية "تخفيف معاناة المواطنين".
اقرأ أيضاً: أسعار السلع تتجاهل السيسي وتقفز 25% في يوم واحد
وقال البيان إن السيسي وجّه بمواصلة القوات المسلحة لمساهمتها في الحفاظ على أسعار السلع الغذائية، والحرص على توافر السلع الأساسية بأسعار مناسبة، مشددا على "ضرورة أن تزيد القوات المسلحة من منافذ توزيع السلع الثابتة والمتحركة لتوفير الزيت والسكر والأرز واللحوم والدواجن والمواد الغذائية الأساسية بأسعار تتناسب مع محدودي الدخل مهما ارتفع سعر الدولار".
ورغم التوجيهات الرئاسية، شهدت سوق السلع الغذائية في مصر ارتفاعا كبيرا مع أكبر موجة غلاء تشهدها البلاد بسبب القرارات المفاجئة التي اتخذها البنك المكزي في محاولة للسيطرة على سوق الصرف.
وبحسب مصادر في السوق، ارتفع سعر كلغ السكر بين 475 و550 قرشًا، بزيادة 50 قرشًا عن الشهر الماضي، وزجاجة الزيت تباع بـ12.5 جنيه للتر، و"كرتونة الزيت" التي تحتوي على 12 عبوة تباع بـ102 جنيه مقابل 84 جنيهًا، بزيادة تراوح بين 1.5 و2 جنيه في اللتر. ويراوح سعر الأرز بين 450 و650 قرشا في الكلغ بزيادة 2.5 جنيه في الكلغ، وارتفعت أسعار المعكرونة بقيمة جنيه في الكلغ، وارتفعت أسعار البقوليات بقيمة راوحت بين 3 و5 جنيهات في الكلغ.
وتشهد أسعار الفاكهة المستوردة ارتفاعا كبيرا، حيث يتجاوز سعر التفاح الأخضر 20 جنيها بدلا من 15 جنيها، بارتفاع قدره 5 جنيهات، والتفاح الأحمر المستورد يباع بـ13 جنيها بدلا من 11 جنيها للكلغ الواحد بارتفاع قدره 3 جينهات، والتفاح السكري يباع بـ14 جنيها للكلغ الواحد بدلا من 12 جنيها، بارتفاع قدره جنيهين، والعنب الأصفر المستورد يرتفع جنيها ليباع بـ11 جنيها بدلا من 10 جنيهات، والعنب المستورد يباع بـ25 جنيها بدلا من 15 جنيها بارتفاع قدره 10 جنيهات، والكيوي الكلغ الواحد يباع بـ20 جنيها بدلا من 15 جنيها بارتفاع قدره 5 جنيهات للكلغ الواحد.
سوق العقارات
وبحسب مستثمرين عقاريين، شهدت سوق العقارات المصري ارتفاعا كبيرا وذلك بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المواد الخام الخاصة بالبناء والتشطيب، مثل الرمل والإسمنت والحديد، وخاصة مع ارتفاع قيمة الدولار في السوق في الفترة الماضية، ما أثّر على كل أسعار السلع بما فيها الشقق والعقارات.
وكشف مستثمرون في مجال العقارات والبناء أن أسعار المساكن ارتفعت منذ بداية العام الحالي بنسبة 30%، موضحين أن الفترة الماضية قد شهدت أيضا ارتفاع قيمة المرتب الذي يحصل علية عامل البناء الذي يشيد العقارات إلى جانب ارتفاع سعر تأجير سيارات النقل التي تقوم بنقل مواد البناء للموقع المراد البناء عليه.
وفي مجال الأسمدة والمبيدات، أكد المدير التنفيذي لقطاع التوزيع بإحدى شركات الأسمدة العالمية وخبير الإدارة الزراعية، ماهر أبو جبل، ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات بنسبة من 10 إلى %12، موضحا أن الشركات الأم أبلغت وكلاءها في مصر بقرار الزيادة بسبب زيادة السعر الرسمي للدولار.
وقال أبو جبل، في تصريحات له اليوم، إنه يتم استيراد أسمدة عضوية سنويا بقيمة 25 مليون دولار، و500 مليون جنيه أسمدة معدنية مثل الأحماض الأمينية والمغنيزيوم والعناصر الصغرى.
وأشار أبو جبل إلى أن حجم الأسمدة التي يتم استيرادها سنويا تبلغ نحو 1.5 مليون طن تراوح أسعارها بين 200 ـ 1000 دولار للطن الواحد. فعلى سبيل المثال، سيرتفع طن سماد البوتاسيوم من 5800 جنيه إلى 6500 جنيه تقريبا، كما سيقفز سعر طن نترات البوتاسيوم من 8500 جنيه إلى 10400 جنيه للطن بعد الزيادة الأخيرة في سعر الدولار.
وتوقعت مصادر عاملة بسوق المبيدات ارتفاع الأسعار بنسبة 10% بسبب ارتفاع سعر الدولار، وذلك بعد قرار البنك المركزي الصادر منذ أيام بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار. وأضافت أن حجم الزيادة في أسعار المبيدات خلال الفترة القليلة الماضية قفزت من 20% إلى 25% في مصر بسبب أزمة الدولار. وتستورد مصر مبيدات بقيمة مليار دولار سنويا، ونسبة الاستيراد تصل إلى 70 - %80 من المعروض في السوق.
وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار الإسمنت نتيجه قيام بعض الشركات بتخفيض معدلات الإنتاج، ووصل سعر الطن إلى 800 جنيه في معظم مناطق الجمهورية.