أسس تربوية لرفض الظلم

03 ديسمبر 2014
التعليم التشاركي والتفاعلي لترسيخ قيم العدالة (Getty)
+ الخط -

لكي نخطو ولو خطوة بسيطة للأمام، علينا أن نرسخ سوياً قيم العدالة الاجتماعية لدى الأبناء. لا بد من توضيح كيف يمكن للمربين أن يقوموا بدورهم في دعم قيم العدالة الاجتماعية، والمسؤولية المجتمعية وتنشئة الأبناء على هذه القيم، كما سنتطرق هنا إلى بعض التطبيقات العملية التي يمكن أن يستخدمها المربون مع الأبناء، ولتكن البداية بأهم الأسس التي يجب أن تبنى عليها منهجية إعداد أبنائنا لممارسة قيم العدالة الاجتماعية، ومنها:

1- من الضروري أن يتشارك أبناؤنا معنا في وضع الأسس والقواعد .. فأبناؤنا هم محور العملية التربوية، ويمكننا مثلا أن نتوافق معهم على وضع ما يعرف "بمدونة قواعد السلوك"، والتي تتضمن مجموعة من القواعد والسلوكيات الملزمة لهم كأبناء ولنا كآباء ومعلمين.

2- لا بد أن تعمل الاستراتيجيات التربوية والتعليمية على بناء المعارف والمهارات والسلوكيات الداعمة لمنظومة العدالة الاجتماعية، وبيئة حقوق الانسان والمسؤولية.

3- من المهم أن تتنوع الطرق التربوية والتعليمية، وأن يكون التركيز بالأساس على الطرق التعاونية والتشاركية،

ومراعاة الفروق الفردية والمرحلة العمرية للأبناء.

4- دمج وتضفير الوسائل التربوية الداعمة لمنظومة قيم العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان في كل الأنشطة الحياتية، بما في ذلك اللعب والأنشطة الترفيهية والتفاعلات بين المربين والأبناء، أو بين الابناء بعضهم بعضاً، وحتى في التفاعلات بين الكبار، وبمعنى آخر لن يكون هناك وقت محدد لتدريبهم وتعويدهم على قيم العدالة الاجتماعية وحقوق الانسان والمسؤولية، ولكن يتم بث هذه القيم خلال كل الأنشطة التربوية والتعليمية الصفية واللاصفية، وإذا تحدثنا عن إمكانية الدمج في المواد الدراسية المختلفة سنجدها أيسر في بعض المواد عنها في مواد أخرى (العلوم الاجتماعية والانسانية أيسر، والعلاقة بينها وبين قيم العدالة الاجتماعية أكثر وضوحا، مقارنة بالعلوم الطبيعية والتكنولوجيا والرياضيات). وفي كل الأحوال، فإن منهجية إدارة العلاقات داخل المنزل والفصل من أهم الوسائل، التي ترسخ قيم العدالة الاجتماعية، وعلى المربين أن يكونوا قدوة لأبنائهم وذلك بأن يحرصوا على إتاحة الفرص المتساوية لكل الأبناء، بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى، ومع الحرص على التوزيع العادل والاستغلال الأمثل للموارد، والتأكيد على حقوق الملكية الفردية، وغرس قيم الاحترام المتبادل والحفاظ على ال
كرامة الانسانية بين المربين والأبناء، وبين الأبناء بعضهم بعضاً.

هذه هي أهم الأسس التي ينبغي توافرها عند تصميم الأنشطة التربوية الداعمة لمنظومة قيم العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. والآن سنحاول أن نتطرق إلى بعض التطبيقات العملية المناسبة للمراحل السنية المختلفة.

ولتكن البداية من مرحلة التعليم الأساسي، وفي هذه المرحلة يكون هدفنا أن يتدرب أبناؤنا على فكرة المسؤولية .. فكل ابن من أبنائنا مسؤول عن نفسه وعن سلوكياته، وكما ذكرنا مسبقا فإن الأنشطة التربوية ستكون مدمجة ضمن كل أنشطة اليوم، ولتكن البداية بصياغة "مدونة قواعد السلوك"، والتي يتعاون ويتشارك أبناؤنا في اقتراح بنودها وكتابتها ووضعها في مكان بارز في البيت والفصل.

في هذه المرحلة يتعلم الأطفال عن طريق الحكي وكافة أشكال اللعب، ويمكن غرس الكثير من القيم الإيجابية أثناء الحكي (يمكن أن تكون الحكاية خيالية وأبطالها حيوانات أو جمادات أو شخصيات تخيلية، ويمكن أن تكون الحكاية واقعية ومن حياة الطفل نفسه)، ويمكن أن يبدأ المربي الحدوتة ويترك للأطفال إكمالها، كل وفقا لخياله، ومن خلال اللعب يمكن أن يتعلم الأطفال التقسيم العادل للموارد (تقسيم الألعاب بين الأطفال)، ويمكن أن نغرس فيهم فكرة التوزيع العادل للفرص وتقبل فكرة العمل في فريق من خلال تقسيم الأعمال فيما بينهم.

في مرحلة التعليم المتوسط يجب أن يتم تصميم الأنشطة التربوية وفقا لمهارات وقدرات واحتياجات الأبناء، وفي هذه المرحلة يجب أن نترك لهم مساحة للكلام والتعبير والنقاش، ويجب أن يتحملوا في هذه المرحلة مسؤولية قراراتهم الأخلاقية، كما علينا أن نحملهم مسؤولية الحفاظ على الحق في الحرية والأمان لأنفسهم وللمحيطين في المنزل والمدرسة.

وفي هذه المرحلة من المهم أن يوجهوا للفارق بين الصراع والبلطجة .. فالصراع أمر موجود ومقبول على أن يتم التعامل معه بالأساليب السلمية لحل الصراعات .. أما البلطجة فهي مرفوضة. في هذه المرحلة أيضا ينبغي أن يتعلموا أن من حقنا جميعا أن نشعر بالأمان في البيت والمدرسة، وأن مسؤولية الحفاظ على الأمان هي مسؤولية مشتركة علينا جميعا.

ومن الأنشطة، التي يمكن أن يشارك فيها الأبناء في هذه المرحلة العمرية، تصميم لوحات "توقف عن ..."، كما يمكنهم المساهمة في الحملات التوعوية والمساهمة في تصميم آليات لإدارة الصراعات التي تنشأ داخل المدرسة.

ومن الأفكار التي تصلح للمرحلة المتقدمة، أن يتشارك الأبناء في تصميم لافتات (بوسترات) عن هذه السمات، كما يمكنهم أن يساهموا في ورش عمل لحل مشكلات البيئة المحيطة خطوة بخطوة، ويمكن أيضا أن يشاركوا من خلال التمثيل، على سبيل المثال، في عرض حقوق مجموعة ما (طائفة دينية – ذوي احتياجات خاصة – أطفال الشوارع .. الخ) وعرض صور التمييز ضدهم، وتجسيد صور المعاناة التي يعايشونها نتيجة لهذا التمييز.

وفي هذه المرحلة أيضا يمكن مناقشة المشكلات المتعلقة بالبيئة، مثل محدودية الموارد الطبيعية، أو مشكلة النفايات، وذلك باتباع استراتيجية (تخفيض الهدر - إعادة الاستخدام – إعادة التدوير).

دلالات
المساهمون