أسرى فلسطينيون محررون يعانون من إعاقات: "لا تقطعوا رواتبنا"

03 مايو 2018
يتخوفون من حرمانهم من رواتبهم (تويتر)
+ الخط -


يخشى العديد من الأسرى المحررين الذين يعانون من إعاقات، أن يتم إيقاف رواتبهم التي يتلقونها شهرياً من هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، بعد قرار رسمي قبل أيام، يقضي بعرض نحو 1700 أسير منهم على لجنة طبية برام الله، لإعادة فحصهم مرة أخرى.

الأسير المحرر رامي أبو غليون، من سكان مخيم جنين، أمضى أربع سنوات ونصف داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي بتهمة الانتماء لكتائب شهداء الأقصى، الذراع العسكرية لحركة فتح، يرفض أن يعرض مرة أخرى على لجنة طبية، ويقول إنه يعاني من مشاكل في بصره وأصيب قبيل اعتقاله برصاصة قرب قلبه وأخرى في قدمه اليمنى، ولا يستطيع مزاولة أي عمل شاق.

ويتساءل في تصريح لـ"العربي الجديد": "هل يريدون أن يكون العجز الوظيفي بقطع رجلي مثلا من أجل الحصول على راتب؟ أستحق حياة كريمة لأوفر لعائلتي لقمة العيش، وأخشى عدم الالتزام بسداد قرض حصلت عليه من البنك لأشيد منزلي، وراتبي 2400 شيقل (نحو 740 دولارا) لا يكاد يكفي التزاماتي".

وكان رامي يعمل قبل اعتقاله في الشرطة الفلسطينية، لكنه فُصل من عمله بعدما رفض الانتظام بدوامه في رام الله خلال مطاردة الاحتلال له، ولم يتمكن من العودة لعمله بعد الإفراج عنه، وحصل على راتب شهري إثر عرضه على لجنة طبية أقرت بوجود عجز لديه بنسبة 50 بالمائة.

أما الأسير المحرر عامر مشارقة، من طولكرم، الذي أمضى ثلاث سنوات ونصف في سجون الاحتلال بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي، فقد اضطر للعيش في مدينة جنين والعمل بمحل لبيع الملابس لتوفير دخل إضافي على راتبه الذي يتلقاه من هيئة الأسرى، فهو يعاني عجزا طبيا بنسبة 52 في المائة، ومن مشاكل بمفصل القدم اليمنى، ومن آلام في ظهره (ديسك) ومشاكل في نظره، ويتساءل عامر: "هل يريدون إعادة الفحص الطبي لنا ويريدونني أن لا أمشي على قدمي من أجل أن يعطوني راتبي؟".

ويخشى عامر من أن يتم إيقاف راتبه، وهو أمر قد يسبب له مشاكل كثيرة قد تودعه السجن نظرا لالتزاماته الشهرية للبنك بعدما قرر بناء منزل خاص به، علاوة على توفيره مصاريف أسرته الشهرية.

بدوره، أحد الأسرى المحررين من مخيم جنين والذي فضل عدم ذكر اسمه، تعرض لتحقيق قاسٍ سبب له مشاكل صحية في العظام لا يستطيع العمل الشاق بسببها، حصل على راتب شهري من قبل هيئة الأسرى، لوجود عجز بنسبة 53 في المائة.

يقول لـ"العربي الجديد"، إن "كانت توجد قضية تزوير لبعض الملفات، فلا يعني معاقبة الجميع. أنا لا أقبل أن يتم عرضي على لجنة طبية وتتم مقارنتي بمن زوروا الملفات. أنا أمتلك أوراقا وتقارير رسمية. ما يحدث هو إهانة للأسرى. نحن لا نتاجر بأعمارنا في السجون. أمامي أيام قليلة كي أتم خمس سنوات مجموع ما أمضيته في سجون الاحتلال، ضمن قانون الأسرى للحصول على راتب بدون مشاكل صحية، وأنا لا أتاجر بعمري من أجل الراتب".

ويضيف: "أنا الآن لا أعمل ولا دخل سوى الذي أتلقاه من هيئة الأسرى، وعندي التزامات مالية شهرية وديون، علاوة على مصاريف للعلاجات والأدوية التي أتناولها باستمرار. إن تم إيقاف راتبي، قد أواجه السجن على قضية ليست ضد الاحتلال بل بسبب العجز المالي".

فيما يتحدث أحد الأسرى المحررين من مخيم عسكر بنابلس، أمضى خمس سنوات إلا ثلاثة أشهر في السجن، لـ"العربي الجديد"، مفضلا عدم ذكر اسمه كذلك، أنه تعرض خلال اعتقاله للضرب الشديد من قبل قوات الاحتلال، ما أدى لتفتت عظام كف قدمه اليمنى ومكث حينها في المستشفى لمدة 15 يوما، وبقيت تلك الإصابة تلازمه ولا يستطيع العمل، علاوة على أنه يعيش بكلية واحدة منذ ولادته ويعاني كذلك من مرض السكري، ويعاني من عجز طبي بنسبة 55 في المائة، ويخشى أن يتم إيقاف راتبه، ويعيش حالة من القلق جراء ذلك.

ويقول إن "اللجنة الطبية التي منحتني تقريرا طبيا يثبت عجزي الطبي، لجنة رسمية شكلتها السلطة. لقد رتبنا حياتنا اليومية بناء على الراتب، واشتريت شقة مكونة من غرفتين وفرضت على نفسي التزامات شهرية للبنك تصل إلى نصف راتبي، ويذهب النصف الآخر منه إلى مصاريف الأسرة. نحن نطالب بإيجاد حل لنا، لكن لا توقفوا رواتبنا". فيما يشدد على ضرورة إيجاد حل لمن أمضى خمس سنوات إلا عدة أيام أو أشهر، ولا يتم اعتماده ضمن القانون للحصول على راتب، ويتساءل: "هل تريدون منا أن نعتقل مجددا لنكمل هذه الأيام القليلة؟".

ومنذ عدة أيام تداعى العديد من الأسرى المحررين لاجتماع بمخيم جنين لتدارس ما يجري بشأن إعادة الفحص الطبي للمحررين. ويوضح ضياء أبو عابد، الناطق باسم اللجان الشعبية التابعة لحركة فتح في مخيم جنين، لـ"العربي الجديد"، أن "ملف العجز الطبي الذي يختص بنحو 1700 أسير محرر يعانون إعاقات ولم يكملوا خمس سنوات في سجون الاحتلال حساس، ولا بد من إيجاد حل للملفات المزورة بدلا من تعميم السيئة على كل المحررين. لقد ناشدنا الأمن والمحافظين وقيادات في حركة فتح وأعضاء في المجلس التشريعي لحل القضية قبل أن تتفاقم الأزمة. نحن نحترم قرارات الحكومة بخصوص تشكيل هذه اللجنة، لكننا بدأنا بحراك للمقاطعة".

ووفق أبو عابد، فإن الأسرى المحررين يطالبون بإجراء الفحوصات كل في منطقته بدلا من تكبيدهم خسائر، إضافة إلى معاناتهم من الإعاقات، لافتا إلى أن اللجنة بدأت فعلا بعملها وأمهلت المحررين حتى السادس عشر من الشهر الجاري لعرضهم على لجنة طبية في رام الله، ومن يتغيب سيتم إيقاف راتبه.

وشكل مجلس الوزراء الفلسطيني أخيرا، لجنة تتابع ملفات العجز الطبي للأسرى المحررين الذين يتلقون رواتبهم من هيئة الأسرى، برئاسة وزارة الصحة وإشراف هيئة الأسرى كجهة رقابية، وتضم في عضويتها أطباء أكفاء. واللجنة هي مركزية، تتواجد برام الله، بدأت عملها منذ أيام لدراسة تلك الملفات، حيث تم اكتشاف العديد من الملفات المزورة، كما يوضح مدير الإعلام في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ثائر شريتح، لـ"العربي الجديد".



ويشدد شريتح على وجود شرط يتطلب تحديث الأسير المحرر لبياناته كل مدة زمنية، وأن هذه اللجنة ستكون لصالح الأسرى والهيئة، بينما سيتم إيجاد حل واستثناء لقضية من لا يتمكنون من الحضور بسبب إعاقاتهم، وستدرس اللجنة ملفات العجز الوظيفي ومن يعانون مشاكل صحية، مشيرا إلى أن قضايا الأسرى متباينة وكل ملف ستتم دراسته بشكل منفرد.