أكّد الأستاذ في كلية الدراسات الإسلامية في "جامعة حمد بن خليفة" في قطر، بدران بن الحسن، أنّ حكم الدين في خروج الناس من منازلهم لغير الضرورة، في هذه الفترات التي ينتشر فيها وباء كورونا، حرام شرعاً. موضحاً أنّ "الشرع جاء لحماية المقاصد الكلية، ومنها مقصد حفظ النفس أفراداً ومجموعة، فإذا كان خروج الناس يسبّب انتشار هذا الوباء، ويزيد من خطر الإصابة به، فإنه يُحرّم خروجهم، ويعود الأمر في تقدير ذلك إلى خبراء الصحّة وصنّاع القرار، الذين عليهم إلزام الناس بعدم الخروج حماية لهم".
ودعت السلطات في معظم دول العالم مواطنيها للبقاء في منازلهم، والابتعاد عن التجمّعات. كما منعت العديد من الدول الإسلامية الصلاة في المساجد، وطالبت المسلمين بالصلاة في منازلهم كجزء من المسؤولية المجتمعيّة لمنع انتشار فيروس كورونا الجديد.
وبما أنّ الدين جاء لحفظ النفوس، فقد أفتت الكثير من الجهات وهيئات الإفتاء في الدول الإسلامية بوجوب الحجر الصحّي والابتعاد عن الأماكن العامة والتجمّعات التي قد تؤدي إلى انتقال الفيروس، بما في ذلك وجوب إغلاق المساجد، وعدم إقامة صلاة الجمعة والجماعة، والاكتفاء برفع شعيرة الأذان، مع التنبيه إلى "صلّوا في بيوتكم".
وقال بن الحسن إنّه: "تكاد هذه الفتاوى أن تصير إجماعاً، ولهذا فإنّ مخالفها، مخالف لما رجح حكمه لدى علماء الدين، خاصة عندما يتحوّل الأمر من فتوى إلى قانون عام، حينها تصبح الفتوى ملزمة للجميع، ومخالفها آثم، لأنه يعرّض نفسه وغيره للأذى".
وأوضح بن الحسن أنّ "التباعد الإجتماعي"، كان حلاً مهماً في احتواء الأوبئة عبر الأزمنة الغابرة، فمثلًا في طاعون عمواس في فلسطين عام 693 للميلاد، الذي كان زمن خلافة عمر بن الخطاب، تمّ تطبيق ما جاء في حديث الحجر الصحّي بسبب الطاعون، الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذا سمعتم به بأرضٍ؛ فلا تقدموا عليه، وإِذا وقع بأرضٍ، وأنتم بها؛ فلا تخرجوا فراراً منه". وهو حديث نبوي شريف يؤسّس للحجر الصحي الذي صار متعارفاً عليه عالمياً اليوم.
وحول ما يتردّد عن منع موسم الحج لهذا العام، بسبب وباء كورونا الجديد، أضاف بن الحسن في بيان أصدرته "جامعة حمد بن خليفة"، الأحد، إنّ "الحج ركن من أركان الإسلام، وهو فرض على كل مسلم بالغ، عاقل وقادر على أدائه، واشترط فيه العلماء القدرة وأمان الطريق، وعدم الخوف على النفس، ولهذا رأينا عبر التاريخ أنه أحياناً يتعطّل أداء فريضة الحج، بسبب عدم توفّر شروط تحققه، بسبب فقدان الأمن أو الخوف من الأوبئة والأمراض".
ووفق الرأي الشرعي، أفتى الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، بجواز منع أداء مناسك العمرة والحج بشكل مؤقّت في حال انتشار فيروس كورونا، وتأكّد أنه يُهدّد حياة المعتمرين والحجّاج. "فقد يصيب هذا الوباء الحجّاج، بسبب الازدحام، لذا فيجوز منع العمرة أو الحج مؤقتاً بمقدار ما يدرأ به المفسدة".