أسباب صعوبة تشكيل القائمة الحزبية الموحّدة في مصر

30 مايو 2015
يرغب السيسي في تأمين برلمان مساند له (الأناضول)
+ الخط -
جدّد اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوم الثلاثاء، مع اﻷحزاب المساندة لنظامه، الحديث عن اشتراط تشكيل قائمة موحّدة للأحزاب لخوض اﻻنتخابات، مقابل إجرائها قبل نهاية العام، وهو ما تتحفظ عليه بعض اﻷحزاب الراغبة في اﻻنفراد بقوائمها، أو تلك المعارضة للمشاركة السياسية مع أحزاب أخرى.

بدا السيسي خلال اﻻجتماع رافضاً لفكرة إقصاء أي حزب سياسي سانده للوصول إلى السلطة، بما في ذلك "حزب النور" السلفي، الذي كان قد شرع في تشكيل قائمة انتخابية خاصة به، والمنافسة على باقي المقاعد الفردية التي تمثّل نسبة 77% من مجلس النواب، وأيضاً حزب "الحركة الوطنية" التابع للمرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، والذي يتحفّظ السيسي على عودته شخصياً إلى الحياة السياسية.

أثار هذا اﻷمر اعتراضات بعض اﻷحزاب التي حضر ممثلوها لقاء السيسي، وإن لم يعلنوا عن ذلك بصراحة خلال اللقاء، وأبرزهم رئيس حزب "الوفد"، السيد البدوي الذي يعاني في الفترة الحالية من انقلابات داخل حزبه، وحملة إعلامية من قبل الصحف المساندة لشفيق وحزبه "الحركة الوطنية المصرية". فالبدوي الذي فكّر سابقاً في الترشح للرئاسة، خسر الكثير من رصيده السياسي واﻹعلامي في الآونة اﻷخيرة، بعد تراجع اﻹعلانات وحصيلة المشاهدة لشبكته التلفزيونية، وكذلك بعد أن قبل الحضور مع قيادات "الوفد" المعارضة للقاء السيسي، وبدا للعيان كأنه يجهل كيفية إدارة حزبه والمحافظة على منصبه.

اقرأ أيضاً: مصر.. تأجلت انتخابات "البرلمان" فانتحر المرشح

وسبق للبدوي أن اعترض أكثر من مرة على أي شراكة انتخابية مع حزب "النور" والأحزاب اليسارية التي تشكلت بعد ثورة 25 يناير، وأحزاب الفلول، مثل "الحركة الوطنية" و"اﻻستقلال" الذي يرأسه أحمد الفضالي.

أمّا الطرف الثاني الرافض، فهو حزب "المصريين اﻷحرار" التابع لرجل اﻷعمال نجيب ساويرس. تكمن المشكلة في أنّ هذا الحزب يملك المال لكنّه ﻻ يملك قاعدة شعبية، خصوصاً في القرى، عدا تلك التي تقطنها غالبية مسيحية، ما دعا ساويرس والبدوي للتفكير معاً في تحالف ثنائي أو رباعي، بانضمام حزب "اﻹصلاح والتنمية" لرئيسه محمد أنور السادات وحزب "المحافظين" لرئيسه أكمل قرطام.

وكان المشروع الرباعي الذي تم التداول به في الغرف المغلقة على نطاق واسع الشهر الماضي، يصبّ في اﻷساس لمواجهة التحركات التي بدأها حزب شفيق للسيطرة على القرى والنجوع بواسطة رجال أعمال ينتمون لـ"الحزب الوطني" المنحلّ وبعض العمداء وشيوخ البلد والعائلات الصعيدية.

اقرأ ايضاً: أحمد شفيق يراوغ والسيسي يغضب

على الفور، واجه المشروع هجوماً إعلامياً لوأده في مهده، قادته صحيفة "البوابة" التي يرأس تحريرها الصحفي المتخصص في إذاعة تسجيلات المكالمات الهاتفية المسرّبة من الأجهزة اﻷمنية، عبد الرحيم علي الداعم والمدعوم من أحمد شفيق.


أما الطرف الثالث المعترض، فهو حزب شفيق ذاته، الذي يسعى للاستحواذ على أكبر عدد ممكن من مقاعد البرلمان بصورة منفردة. لكنّه لا يزال مشغولاً بالتسويات مع اﻷجهزة اﻷمنية حول ما قد يواجهه من تضييق، على خلفية تبعيته لشفيق "المغضوب عليه"، ومن حديثه المستمر عن شرعيته الرئاسية المزعومة.

والطرف الرابع هو "حزب النور"، الذي يرى، وفقاً لمصادر داخل الحزب، أنّ اتحاده سياسياً مع أحزاب ليبرالية ويسارية سينتقص من شعبيته في المناطق الريفية وأوساط المتديّنين.

وفي إطار الخلافات حول النظام اﻻنتخابي ذاته، كشفت مصادر سياسية أن الاجتماع الذي استضافه السيسي شهد خلافاً عميقاً وعنيفاً، بلغ حد التلاسن بين رئيس الحزب "المصري الديمقراطي" محمد أبو الغار، ورئيس حزب "الاستقلال" أحمد الفضالي، على خلفية طلب أبو الغار من السيسي زيادة نسبة القوائم الحزبية واتباع النظام النسبي، فعارضه الفضالي وطالب باستمرار اﻷغلبية الفردية.

اقرأ أيضاً: "انطباعات سلبية" عن نظام السيسي وراء التصعيد الألماني

في ظلّ الخلاف، طالب عدد من الحضور بإعادة النظر في قوانين اﻻنتخابات كلها، وهو ما عارضه آخرون بحجة احتياج النظام السياسي إلى برلمان بشكل عاجل، إﻻ أنّ السيسي ترك الباب مفتوحاً للتعديل، إذ أشار إلى إحالة التعديلات التي اقترحتها بعض اﻷحزاب إلى الحكومة لدراستها.

إذاً، لا تزال الصورة ضبابية فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية المقبلة، سواء من حيث النظام أو الموعد، أو حتى قواعد المنافسة التي يريدها السيسي شبيهة بقواعد المنافسة على مناصب اﻻتحاد اﻻشتراكي وتنظيماته في حقبة الستينيات، بأن تتوحد اﻷحزاب في قائمة واحدة، وﻻ يجد الناخب غيرها ليختار، كما كان الوضع في ألمانيا النازية.

السبب الوحيد غير المعلن لذلك، هو رغبة السيسي في تأمين برلمان مساند له، ﻻ يقف حجر عثرة أمام مشاريعه وقراراته، وﻻ يراجع وﻻ يلغي ما سبق أن أصدره من قرارات وقوانين مثيرة للجدل والمعارضة الشعبية.

اقرأ أيضاً: حل البرلمان المزعوم في "درج" السيسي