هذه الأسباب التي تجعل المناطق الريفية في المغرب جاذبة لآلاف السياح

15 اغسطس 2017
رواج السياحة المحلية (الأناضول)
+ الخط -
يخفّ محمد أشتوك الستيني في خدمة الزبائن، بينما يردد كلمات أغنية أمازيغية تعبر عن حسن استقبال الضيف وهو فرح بالزبائن الذين يترددون على مقهاه الواقع على ضفة النهر الذي يخترق "أوريكة" التي تبعد عن مدينة مراكش بحوالي خمسين كيلومترا.

السيارات تزحف ببطء شديد نحو المنطقة في بداية الأسبوع. يركنها أصحابها في فضاءات عشوائية ضاقت بالسيارات، التي يبحث ركابها عن نسمة منعشة بعيدا عن مدينة مراكش التي تلامس فيها الحرارة 43 درجة مئوية.

هؤلاء الزوار يستقبلهم محمد أشتوك بابتسامة عريضة. ويحرص على استعراض أنواع المأكولات المحلية التي أعدها ترقبا للزبائن، الذين يلوذون بمنطقة أوريكة ونهرها وظل أشجارها في شهر أغسطس/آب.

واعتادت المنطقة استقبال السياح المحليين، الذين يستأجرون غرفاً يفتحها أصحابها، من أجل توفير إيرادات إضافية، في منطقة جبلية تعتمد في معاشها على السياح الداخليين وقليل من الزراعة. ويؤكد أشتوك، أنه في ظل عدم توفر فنادق تستوعب زوار المنطقة، يتيح لهم السكان المأوى، ويرتجل أبناؤها مقاهي ومطاعم على ضفاف النهر، كي يعدوا أطعمة تستجيب للطلب الكبير في فترة الصيف.

الآلاف يتوافدون على أوريكة في هذه الفترة، وينعشون السياحة فيها، وكذلك يفعلون في العديد من المناطق الريفية الأخرى ومنها قرية "إمليل"، التي ينفذ منها السياح إلى "توبقال" أعلى قمة في المغرب.

حركة دؤوبة، طوال الأسبوع، في قلب إمليل التي تبعد عن مراكش بحوالي سبعين كيلومتراً. أصحاب المقاهي والمطاعم ينهمكون في إعداد الطاجين "وجبة مغربية يعرف بها الأمازيع"، بينما ينشر آخرون الكراسي والطاولات في الساحات، استعدادا للوافدين الذي يهربون في قيظ المدن الداخلية.

محمد أيت ابرايم، يعرض زجاجات المشروبات الغازية البادرة، تحت أشجار الجوز الذي تعرف به المنطقة، ويرشد الأسر الوافدة على "إمليل"، إلى أفضل المطاعم هناك.

ولا يتردد في مساعدة آخرين على البحث عن غرفة في الفنادق الصغيرة، التي بناها هناك أبناء المنطقة، الذين عملوا لأعوام طويلة مرشدين سياحيين في الجبال، قبل أن يقيموا مشاريع سياحية تؤمن لهم إيرادات تساعدهم على مواجهة حاجيات أسرهم، خاصة في فصل الشتاء البارد الذي تتوقف فيه الحركة في تلك المنطقة.

ولا تقتصر الفائدة على أصحاب المطاعم والنزل من السياح المحليين الوافدين إلى أوريكة وإمليل الواقعتين في قمة الجبال المطلة على مراكش، بل إن وسائل النقل تنتعش، حيث يرتفع الطلب عليها في هذه الفترة.

وتعترف سيدة أربعينية تقصد رفقة طفليها منطقة إمليل، بالخدمة التي يقدمها أصحاب سيارات التاكسي، لكنها لا تفهم لجوءهم، في بعض الأحيان، إلى الزيادة في الأسعار، مستغلين الإقبال الكبير عليهم.

تشتكي السيدة، التي فضلت عدم ذكر اسمها، من ارتفاع الأسعار في المطاعم والمقاهي وأسعار الإقامة والنقل. هذا ما يتجلى لها، وهو ما يؤيده شاب يقول إنه طالب شاطرها الرحلة على متن سيارة تاكسي من مراكش إلى إمليل.

غير أن ذلك الطالب يعتبر أن الصيف فرصة لمثل تلك المناطق من أجل الحصول على إيرادات تتيح لساكنيها مصدرا للعيش خلال أشهر من العام. هذا ما لاحظه في منطقة مير اللفت الشاطئية غير بعيد عن مدينة أكادير.

يشير إلى أن "مير اللفت" قرية صغيرة، تتوفر على شاطئ فريد، غير أن الناس فيها يعانون من البطالة طيلة العام، إلا من كان منهم مهاجراً إلى المدن المغربية الكبيرة أو أوروبا.
في الصيف تؤجر الأسر في "مير اللفت" منازلها لزوارها، وترتجل مقاهي ومطاعم، تختفي بعد شهرين، كي تظهر من جديد من العام الموالي.

يؤكد المسؤول بأحد الفنادق العالمية بمراكش، أمين التوس، أن السياح المحليين يحتاجون للاهتمام بهم، ليس فقط في المدن السياحية الكبرى مثل مراكش، بل كذلك في المناطق السياحية التي تعتبر ملاذا للأسر الفقيرة والمتوسطة.

ويستغرب عدم الحرص على تهيئة تلك المناطق، كي تستقبل السياح طيلة السنة، خاصة في فصل الصيف وفصل الربيع والعطل ونهاية الأسبوع.

وأشار التوس إلى العديد من القرى السياحية التي تتألق في الصيف وتختفي في فصول العام الأخرى.

وتأتي أهمية الاهتمام بالسياح المحليين من كونهم يوفرون إيرادات تصل إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار سنوياً، هو رقم تتطلع وزارة السياحة إلى رفعه إلى ما بين أربعة وخمسة مليارات دولار الفترة المقبلة.
المساهمون