أسانج يقاوم واشنطن... في انتظار الجولة الأخيرة

01 مارس 2020
عقوبات تبلغ 175 عاماً حال إدانته (تولغا أكمن/فرانس برس)
+ الخط -
انتهى خلال الأسبوع الحالي الجزء الأول من جلسات النظر في طلب تسليم مؤسّس موقع "ويكيليكس"، جوليان أسانج، إلى الولايات المتحدة الأميركية، قبل إرجاء المحاكمة إلى 18 مايو/أيار المقبل، وستُستأنف حينها على مدى ثلاثة أسابيع.

ومثل الأسترالي البالغ من العمر 48 عاماً أمام القضاء البريطاني طوال أربعة أيام، من الإثنين إلى الخميس الماضيين. 

في جلسة يوم الخميس الماضي، مُنح أسانج سمّاعات، لمساعدته في متابعة الإجراءات، بعدما اشتكى من صعوبة مجاراة ما يحصل. لكنه خلعها بعد ثلاثين دقيقة، ثم رفض القاضي طلباً رسمياً لإخراج أسانج من قفص الاتهام، في الجزء الخلفي من قاعة المحكمة، ليتمكن من الجلوس مع محامييه والاستماع بشكل أفضل.

وشكّك ممثل الولايات المتحدة، جيمس لويس، في حجج محامي أسانج بأنه لا يمكن إرساله إلى الولايات المتحدة لأن معاهدة بين البلدين تحظر الترحيل بسبب المخالفات السياسية. وقال لويس: "لا يمكن القول إن هناك صراعاً سياسياً بين الحكومة الأميركية والفصائل المعارضة في هذه القضية". 
وأضاف: "هو ليس متهماً لأنه كشف معلومات محرجة أو مزعجة كانت تفضّل الحكومة عدم كشفها". واتّهم أسانج بتعريض مصادر أميركية للخطر، عبر نشره على موقع "ويكيليكس" 250 ألف برقية دبلوماسية و500 ألف وثيقة سرية تتعلق بأنشطة الجيش الأميركي في العراق وأفغانستان. 

من جهة ثانية، قال ممثل الدفاع عن أسانج، إدوارد فيتزجيرالد، يوم الأربعاء إنه يتوجب على المملكة المتحدة ألا ترحل موكله إلى الولايات المتحدة الأميركية، لأن هناك اتفاقاً أميركياً ــ بريطانياً عام 2003 يحظر الترحيل بسبب مخالفات سياسية. وأوضح فيتزجيرالد: "إن لم تكن قضية إرهاب، أو مخالفة عنيفة، فإن مبدأ عدم تسليمك بسبب مخالفة سياسية مطبق عالمياً... إنه يعود لما يزيد على المائة عام. الولايات المتحدة بالطبع تضيفها لكل معاهدة، لأنها لا تريد لمواطنيها أن يُرحلوا بسبب مخالفات سياسية".

خلال اليوم نفسه، أكد فريق الدفاع عن أسانج أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عرض على مؤسس "ويكيليكس" العفو عنه إذا أكد أن روسيا غير متورطة في تسريب بيانات من بريد إلكتروني داخلي للحزب الديمقراطي الأميركي. ونفى البيت الأبيض فوراً المعلومات. نشر موقع "ويكيليكس" عام 2016 آلاف الرسائل الإلكترونية للحزب الديمقراطي وفريق هيلاري كلينتون ساهمت في إضعاف الأخيرة في الانتخابات الرئاسية التي جرت حينها.



يتهم الادعاء الأميركي أسانج بالتآمر مع المحللة في الجيش الأميركي، تشيلسي مانينغ، لتجاوز كلمة سر واختراق حاسبات وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، ونشر مئات الآلاف من البرقيات الدبلوماسية السرية والملفات العسكرية حول الحرب في العراق وأفغانستان.

وبين هذه الوثائق، مقطع فيديو يُظهر مدنيين قُتلوا بضربات شنّتها مروحية قتالية أميركية في العراق في يوليو/تموز 2007، بينهم صحافيان في وكالة "رويترز". لكن هذه الضربة التي جعلت الأسترالي يُقدّم على أنه بطل حرية الصحافة، عرّضته أيضاً إلى انتقادات. ففي 2011، دانت الصحف الخمس المرتبطة بالمنصة (بينها نيويورك تايمز ولوموند) الطريقة التي نُشرت فيها الوثائق.

ويواجه أسانج ثمانية عشر اتهاماً بالتخابر وإساءة استخدام الحاسوب، ويواجه عقوبات تبلغ 175 عاماً حال إدانته. ويقول أسانج إنه كان يعمل كصحافي، وتحق له الحماية وفق التعديل الأول للدستور الأميركي. 

أوقف مؤسس "ويكيليكس"، بعد سبع سنوات من اللجوء في سفارة الإكوادور في لندن، بموافقة كيتو، في 11 إبريل/ نيسان الماضي من قبل السلطات البريطانية التي سجنته مباشرةً، ثم دانته بالحبس 50 أسبوعاً في الأول من مايو/ أيار الماضي، لانتهاكه شروط الكفالة. وانتهت هذه المدة في 22 سبتمبر/أيلول الماضي، لكنه لم يغادر سجن بلمارش اللندني، لمخاوف قضاة وستمنستر من أنه سيفرّ مجدداً.

وينبغي على القضاء البريطاني أن يحدّد ما إذا كان طلب تسليمه يحترم عدداً من المعايير القانونية، وخصوصاً ما إذا كان غير متناسب أو غير متوافق مع حقوق الإنسان.

لكن مراقبين قالوا إن حظوظ واشنطن في تسلّم المواطن الأسترالي ضئيلة، وتحديداً لأن المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان، مثل "منظمة العفو الدولية" (أمنستي)، دعت إلى رفض طلب التسليم. وأوضح المدير التنفيذي في معهد Knight First Amendment التابع لـ "جامعة كولومبيا"، جميل جعفر، أن الحكومات الأجنبية تميل إلى اعتبار التجسس جريمة سياسية، لذا فمن غير المرجح أن تسلم المملكة المتحدة أسانج إلى واشنطن، لمواجهة تهم بموجب هذا القانون، في حديثه لمجلة "تايم" الأميركية في يونيو/حزيران الماضي.