أسئلة إيرانية

11 أكتوبر 2014
+ الخط -
إلى متى تبقى إيران بمأمن من الحرائق التي يشعلها حلفاؤها في المنطقة باسم تصدير الثورة، أو بالأحرى باسم تصدير نيران الثورة التي باتت عنواناً للحروب الأهلية؟ والحرائق محيطة بالجمهورية الإسلامية من كل صوب، إلا أنها لا تزال تلامس حدودها تارة، تلسعها على شكل تفجير أو هجوم محدود، ثم تتراجع. في النهاية، إيران دولة أمنية مبدعة في أدوات القمع والتنصت والمراقبة، لدرجة أنها أصبحت عنواناً لغيرة وحسد عدد من الأنظمة العربية.

الاعتراف واجب لإيران لناحية صمودها حتى اليوم، مع أن مَن يراقب الخريطة يلاحظ حجم التعقيد المحيط بحدودها، مع العراق وتركيا وأفغانستان وباكستان وبقية دول آسيا الوسطى التي لم تتمكن من الانتقال إلى مرحلة الدولة المكتملة منذ خروجها من الرحم السوفييتي. حدود شاسعة مترامية يتعجب المراقب كيف أنها لا تزال صامدة أمام جيوش الانتحاريين ممن يفترض نظرياً أنهم وضعوا "إيران الشيعية" هدفاً أسمى لـ"جهادهم"، وكل ذلك في زمن سقوط الحدود وقدرة الالتفاف عليها.

أسئلة معقدة يسهل على نظرية المؤامرة الإجابة عنها بعبارة بسيطة: إيران تمسك بالمجموعات التي تدّعي محاربتها، وتسيّر عملها لا بل هي مساهمة في اختراعها. وما قصص احتضان إيران لقيادات من القاعدة ولأفراد من عائلة أسامة بن لادن، إلا بعض مما يمكن أن يُذكَر في هذا السياق، لدرجة بات هناك ما يسميه بعضهم "القاعدة ــ فرع إيران". أما عن العلاقة المفترضة بين دور إيراني ما، وولادة تنظيم "داعش" أخيراً، فهناك أيضاً الكثير مما يمكن قوله.

لكن على الرغم من الوجاهة التي يمكن أن تحملها نظرية تورط إيران استخبارياً في تسيير الجماعات الجهادية، فإنّ التسليم بها يشوبه خطر الاستسهال والكسل والتخلي عن أي جهد تحليلي لمحاولة فهم وتفكيك ما يحصل. تتغيّر هوية حكام طهران بشكل دوري في إطار "الديمقراطية على الطريقة الإيرانية". يتناوب الإصلاحيون والمحافظون، ويبقى الثابت ثابتاً في التوسعية التي لا بد أن تواجه يوماً ما واجهته الإمبراطوريات من انفجار لن يأتي عبر الحدود، بل من الداخل نفسه.
المساهمون