دخلت أزمة الوقود في السودان يومها الرابع، فيما تبادلت الحكومة وأصحاب محطات الوقود الاتهامات بالتسبب في الأزمة، التي أدت إلى ظهور سوق سوداء للمنتجات البترولية.
وتزامنت الأزمة مع دخول مصفاة "الجيلى"، شمال الخرطوم، في صيانة دورية منذ مارس/آذار الماضي، فيما سعت شركات التوزيع للحصول على حصصها من ميناء بورتسودان الواقع على البحر الأحمر، ما تسبب في تأخر ونقص الإمدادات، وفق أصحاب محطات للوقود في العاصمة.
لكن وزارة النفط اتهمت، في بيان، أمس الأحد، وكلاءها في محطات الخدمة بالتلاعب في الحصص اليومية، مشيرة إلى أنها بصدد معاقبة الشركات المخالفة بعقوبة تصل إلى سحب الترخيص في حال تكرار التلاعب.
وقال وزير النفط والغاز، عبد الرحمن عثمان، في تصريح خاص لـ "العربي الجديد"، إن هناك حاجة إلى آلية للرقابة، مضيفا أن الوزارة وفرت نحو 5 آلاف طن من الوقود (بنزين وغازولين) وزادت نسبة المخصص للولايات بحوالي 40%.
وتابع: "المواد البترولية متوفرة، إلا أن هناك تلاعبا في الحصص من بعض الوكلاء والشركات"، معتبرا أن توقف مصفاة النفط لم يؤثر على الحصص. وتستهلك الخرطوم نحو 2700 طن من الغازولين يومياً، وفق بيانات وزارة النفط.
ورغم تأكيد الوزير السوداني توفّر الإمدادات، إلا أن جولة لـ "العربي الجديد" في مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم، بحري، أم درمان) أظهرت إغلاق أغلب المحطات وتوقفها عن العمل، فيما تكدست السيارات أمام المحطات التي باشرت العمل.
وقال عمال في محطات الوقود، لـ "العربي الجديد"، إن تأخر وصول الناقلات فاقم من الأزمة، مشيرين إلى أن الكميات التي تصل لا تكفي الغرض، ما أدى إلى إغلاق المحطات تفادياً لمشادات من قبل المواطنين.
ومع تفاقم الأزمة، ظهرت سوق موازية (سوداء) في الولايات، يباع فيها غالون البنزين بقيمة 200 جنيه، بينما يبلغ سعره رسميا نحو 28 جنيها.
وكانت الحكومة قد قررت، العام الماضي 2017، الخروج من تجارة المواد البترولية، في إطار تحرير استيراد وتجارة هذه السلعة، بدعوى خلق منافسة عادلة تحقق الوفرة وبأسعار معقولة في الأسواق.
ووجهت رئاسة الجمهورية آنذاك بوضع الضوابط والإجراءات اللازمة لتفادي أي سلبيات قد تحدث نتيجة تطبيق خروج الحكومة من تجارة النفط، خاصة أن دور الوزارة بات ينحصر في وضع الإجراءات والسياسات والضوابط.
وأعدت وزارة النفط مؤخرا دراسة عن حجم استهلاك السودان من المواد البترولية، مقدرة إياه بنحو 5.8 ملايين طن سنوياً، تصل نسبة الكميات المستوردة منها إلى نحو 29%. وتعمل مصفاة الجيلى بطاقة تكريرية قدرها 90 ألف برميل يومياً.
ومع استمرار نقص المعروض من المنتجات البترولية، تزايدت تكهنات بإقدام الحكومة على زيادة الأسعار، وهو ما نفاه عبد الرحمن ضرار، وزير الدولة في وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي.
وقال ضرار، في تصريحات صحافية، إن الأزمة ترجع إلى عدم وجود مخزون يكفي حاجة البلاد، ويستخدم خلال فترة الصيانة، متوقعا انقضاء الأزمة بنهاية إبريل/نيسان الجاري.