تشهد الأحياء الجنوبية في العاصمة الموريتانية نواكشوط أزمة نقص حادة في المياه، إثر انقطاعها خلال الأيام الماضية دون توضيح من شركة المياه.
ولجأ السكان إلى الحنفيات العامة والصهاريج المحمولة على العربات للحصول على الماء، دون أن تتكلف شركة المياه عناء الاعتذار أو توضح أسباب القطع.
وسبق انقطاع الماء عن مقاطعة عرفات، جنوب نواكشوط، موجات قطع مشابهة في الأحياء الشمالية والشرقية للعاصمة.
محمد الأمين زيدان، من سكان مقاطعة عرفات، أوضح أنه اضطر لحمل الماء في الغالونات لمنزله طيلة ثلاثة أيام إثر انقطاع الماء، مع أنه سدّد فاتورة الماء للشركة قبل أيام فقط.
وأضاف زيدان لـ"العربي الجديد": "لا أعرف من المسؤول عن هذا الانقطاع، ولكنه غير مبرر، خصوصاً أن الشركة لم تعلن عنه مسبقاً، ولم تعتذر عنه بعد عودة الماء، لأنهم يحتقرون المواطن ويعتبرونه لا يستحق الاعتذار منه".
وتعود أزمة المياه في العاصمة حسب بعض الخبراء إلى تهالك شبكة المياه وقدمها، خصوصاً بعد البدء في استغلال مياه مشروع "أفطوط الساحلي"، والذي تسبب بإعطاب أنابيب نقل المياه نظراً لقوة الضخ، بالتالي قطع المياه عن العديد من المناطق.
أما مناطق الداخل الموريتاني فهي الأكثر تضرراً ومعاناة في الحصول على المياه الصالحة للشرب بسبب ترهل وقدم الشبكات التي توفر المياه للمناطق الريفية. وتتفاقم معاناة السكان مع دخول موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة، إذ يزداد طلب المزارعين ومربي الماشية على الماء، ويزاحمون سكان المدن والقرى على خدمات المياه الضعيفة أصلا.
ومع توفر مخزون كبير من المياه الجوفية، يبقى جلب الماء من الآبار الطريقة الوحيدة للحصول على حاجة الناس في العديد من المناطق الموريتانية. كما تشهد العاصمة من حين لآخر تظاهرات تطالب بتوفير خدمات المياه لبعض مناطق الريف.
وقال مدير مكتب نواب مدينة كرو، شرق موريتانيا، محمد محمود ولد عبدي لـ"العربي الجديد" إن "عدة بلديات ومناطق تابعة لمقاطعة كرو تعاني من أزمة عطش حادة مثل بلديات أويد أجريد، وباركيول، وكامور".
وأكد ولد عبدي أن "المواطنين لجأوا إلى الآبار الارتوازية التجارية الخاصة، وبعض الآبار السطحية التقليدية التي يسحب السكان مياهها بمضخات كهربائية، والآبار التقليدية التي ينتشل منها الماء يدوياً".
من جهته، أوضح عمدة بلدية انصفني بولاية الحوض الغربي، سيداتى ولد ميني، لـ"العربي الجديد" أن "أزمة مياه الشرب كبيرة، وتشتد في فترة الحر، ولا يقتصر أثر انقطاعها السلبي على المناطق الريفية، بل تعاني بعض المناطق الحضرية من نقص حاد في المياه".
وأضاف ولد ميني "في القرى والأرياف يصل الأمر حد انعدام المياه أصلاً. وبعض القرى تضطر لشرب مياه آبار ملوثة نرى الحشرات فيها بالعين المجردة". وناشد السلطات الموريتانية "تكثيف جهدها ومضاعفة عملها من أجل إنهاء معاناة السكان، وتوفير المياه الصالحة للشرب، فالماء عَصب الحياة".
كما تظاهر بعض سكان قرية خريزت كيمي قبل أيام أمام القصر الرئاسي، طلباً لتوفير الماء بعد شكاوى من ثلوث شبكة المياه في القرية.
وتشكو الحكومة الموريتانية من انتشار التجمعات السكانية الفوضوي وتمددها، وزيادة الطلب على المياه منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي. وتبدي عجزها عن مواكبة حاجات آلاف القرى والتجمعات بالخدمات الضرورية، واصطدام خططها بالرفض نظراً للتنافس القبلي والنزول عند رغبة الزعامات.
يذكر أن وكالة النفاذ الشامل نفذت نحو 121 مشروعاً لتوفير الماء الصالح للشرب، فضلاً عن البدء بتنفيذ مشروع لتوفير الماء لنحو 300 قرية موريتانية بتمويل من الصندوق العربي للإنماء.