وردت وزارة الخارجية المصرية على خبر استدعاء السفير الإيطالي، بأنها "لم تبلّغ رسميا بالقرار حتى الآن".
وتأتي الخطوة في إطار رد الفعل على عدم تقديم الجانب المصري ما يفيد التوصل لقتلة ريجيني حتى الآن، والادعاء بأنه قتل على يد عصابة تمت تصفية أفرادها في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن.
وتوجّه وفد من المحققين المصريين إلى إيطاليا، الأربعاء الماضي، لتقديم التحريات الأمنية وأوراق التحقيقات في القضية ومستجدات التحقيقات، إلا أنه خلال اليوم الثاني من الزيارة سارعت روما باستدعاء سفيرها لدى القاهرة.
وبحسب مراقبين، فإن مصر تعرضت لضربة موجعة من إيطاليا باستدعاء السفير من القاهرة، وهو ما يعني فشل كل المشاورات واللقاءات بين الجانبين، في محاولة لكشف ألغاز مقتل ريجيني.
ويرى المراقبون أن الرد الإيطالي جاء عنيفا، حتى أن روما لم تنتظر مغادرة الوفد المصري، وهو ما يعكس وجود توتر شديد بين البلدين على خلفية عدم اقتناع روما بسير التحقيقات، واعتبار روايات الأمن حول المسؤولين عن قتل ريجيني "فبركة".
ويذهب بعضهم إلى أن مصر خسرت أكبر حليف وداعم لها في الاتحاد الأوروبي، خصوصاً من الناحية الاقتصادية، وهو إيطاليا، وهو ما قد ينعكس على تعامل دول الاتحاد مع القاهرة، كما أنها خطوة تعكس قناعة الجانب الإيطالي بتورط الأمن بقتل الباحث.
وتبدي مصادر بمجلس النواب، مقرّبة من دوائر اتخاذ القرار، تعجّبها من اتخاذ إيطاليا مثل هذا القرار باستدعاء سفيرها.
وقالت مصادر، لـ"العربي الجديد"، إن "سرعة القرار الإيطالي لم تكن متوقعة وربما تربك الأوضاع في مصر، خصوصاً خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز".
وأضافت أن "دوائر اتخاذ القرار لم تكن تتوقع هذه الخطوة لوجود مصالح مشتركة بين البلدين"، مشيرة إلى أنه "في حالة تورط أجهزة الأمن في مقتله ستكون فضيحة دولية أكثر خطورة من توتر العلاقات مع إيطاليا".
وأكدت المصادر أنه "سيتم تدارك الموقف، وأغلب الظن أن السيسي لن يصعّد الموقف، وسيحاول احتواء الأزمة المتفاقمة، ولا سيما أن إيطاليا شريك رئيسي لمصر، وبالتأكيد مصر ستتأثر مرحليا، ولكن ستعود العلاقات لطبيعتها".
وتساءل: "لماذا لم تلجأ مصر لاتخاذ الموقف نفسه مع اختفاء مواطنها في إيطاليا؟.. فهذه المواقف فردية لا يجب أن تؤثر في علاقات استراتيجية".
من جهته، رأى الدبلوماسي السابق، السفير إبراهيم يسري، لـ"العربي الجديد"، أن "استدعاء السفير هو أقل خطوة دبلوماسية وسياسية يمكن أن تتخذها إيطاليا، ردا على عدم الاقتناع بردود مصر حول مقتل ريجيني، والقناعة بتورط الأمن في الواقعة".
تابع أن "الأزمة لدى مصر تتعلق بالشفافية والمصداقية، ولن يقبل الجانب الإيطالي أي معلومات أو روايات لا تكون حقيقية ولا تحتوي على إثبات مقنع".
وأوضح أن "الجانب الإيطالي لديه علم بكل تفاصيل التحقيقات، لأنه أرسل محققين واطلع على غالبية أوراق القضية، وبالتالي أي حديث من قبل الوفد المصري المتواجد في روما كان يجب أن يكون بحساب شديد".
وأشار إلى أن "الاجتماعات بين المحققين الإيطاليين والمصريين في روما، يبدو أنها فشلت تماما، ولم يقدم الأخير المتورطين في مقتل ريجيني، وربما اختلقوا روايات مثل تصفية المواطنين الخمسة".
وحول تأثر العلاقات المصرية الإيطالية بهذه الخطوة، بيّن يسري أن "هناك تأثر، ولكن المصالح تحكم علاقات الدول، وبالتالي من الناحية الاقتصادية ربما لا تتأثر بقوة، لأن هذا مرتبط في الأساس بمصالح إيطاليا".
وعن انعكاس هذه الخطوة على الاتحاد الأوروبي، لفت إلى "تعاطف دول الاتحاد مع موقف إيطاليا بالتأكيد، ولكن لا يترتب عليه بالضرورة اتخاذ بعض الدول قرارا مماثلا لإيطاليا، لأنه في النهاية المصالح تحكم".
وأشار إلى أن "العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي ستتوتر ومن المتوقع تصاعد الضغوط على مصر بشأن أوضاع حقوق الإنسان، وتقديم الجناة المتورطين في مقتل ريجيني".
وعقّبت وزارة الخارجية على قرار استدعاء إيطاليا سفيرها للتشاور، بالقول إنها لم تبلّغ رسمياً حتى الآن.
وقال المتحدث باسم الوزارة، أحمد أبو زيد، إنها لا تعرف أسباب الاستدعاء، ولا سيما أنه لم يصدر أي بيان حتى الآن عن نتائج اجتماعات فريق التحقيق المصري والإيطالي بشأن حادث مقتل ريجيني.
وأضاف، في بيان له، أن وزارة الخارجية تنتظر عودة فريق التحقيق المصري والاستماع إلى تقييمه لنتائج الاجتماعات، وما قد يصدر عن الجانب الإيطالي بشأن نتائج الاجتماعات التي عقدت في روما على مدار اليومين الماضيين، وعلى ضوء ذلك سيتم تقييم الموقف بشكل متكامل وإجراء الاتصالات اللازمة على المستوى الملائم.
وفي 25 مارس/ آذار الماضي، أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن تمكنها من تصفية خمسة أشخاص كوّنوا "تشكيلا عصابيا" تخصص في اختطاف الأجانب وسرقتهم بالإكراه، وأن ريجيني كان من ضحاياهم، ولكن السلطات الإيطالية وعائلة الطالب رفضت هذه الفرضية.
وفي وقت سابق، حذر رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، من أن بلاده لن ترضى بقصة مماثلة لتورط عصابة إجرامية من قبل السلطات المصرية.
وأكد رينزي، الثلاثاء الماضي، "لن نقبل إلا بالحقيقة، ونحن ندين بهذا الأمر لجوليو ولأصدقائه ولوالدته ولوالده ولشقيقته الصغيرة ونحن ندين به أيضا لنا أجمعين".