يأتي ذلك مع مواصلة تعذر عقد لقاء كان مفترضاً منذ الأربعاء الماضي، بين الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وعدد من القادة السياسيين، لبحث الخروج من أزمة تشكيل الحكومة التي تدخل شهرها الرابع على التوالي منذ استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بفعل التظاهرات التي تفجرت في مدن شمالي وغربي البلاد.
ووفقاً لمصادر سياسية عراقية في بغداد، فإن الاجتماع الذي عقد بمنزل زعيم "تيار الحكمة"، عمار الحكيم، بحي الجادرية في بغداد، أنتهى إلى تأكيد جديد لكتل "دولة القانون" و"الفتح" و"صادقون"، و"السند الوطني" و"عطاء"، على رفض تكليف عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة، مؤكدين على بدء الحوارات في ما بين تلك القوى للاتفاق على مرشح جديد تمهيداً لتقديمه في حال اعتذر الزرفي عن التكليف أو انتهاء مهلة الثلاثين يوما الدستورية الممنوحة لعدنان الزرفي لتشكيل حكومته.
وقال قيادي في تحالف "الفتح" إن النواب التابعين للكتل الرافضة تم إبلاغهم رسمياً بالموقف الأخير لقادة كتلهم السياسية الرافضة للتكليف، مبينا أن "قادة وممثلي الكتل اتفقوا على اجتماع آخر سيجري فيه طرح بدلاء عن الزرفي من كل كتلة استعداداً لما بعد اعتذاره أو إفشاله في البرلمان، على غرار ما حدث لرئيس الوزراء المكلف السابق محمد توفيق علاوي".
وذكر أن الكتل السياسية السنية والكردية سيتم إبلاغها رسمياً بالموقف الأخير للكتل الرافضة للتكليف، كاشفا عن أن "تحركات الزرفي نحو أطراف ووسطاء تجاه إزالة الرفض الإيراني له ما زال متعثرا لوجود رفض من داخل العراق من عدة قوى سياسية معتبرة".
وترفض مرجعية النجف حتى الآن الإدلاء بأي رأي حول الأزمة السياسية والانقسام بين القوى الرئيسة الشيعية حيال منصب رئيس الحكومة.
ووفقاً لسياسي مقرب من مكتب المرجع الديني علي السيستاني، فإن الأخير، وبعد تصريحات لنواب وسياسيين بوقت سابق من أن النجف كانت تدعم رئيس الوزراء المكلف السابق محمد توفيق علاوي في تشكيل الحكومة، نأت بنفسها عن أي تدخل في ملف تكليف الزرفي، سواء بالقبول أو الرفض، واعتبرت أن "خطب المرجعية السابقة بعد استقالة عادل عبد المهدي كافية لمعرفة موقفها وأهمية احترام طلبات ورغبة المتظاهرين في رئيس وزراء مستقل وغير جدلي وغير مجرب سابقاً، وأن يذهب بالبلاد باتجاه انتخابات مبكرة".
في غضون ذلك، تحاول الكتل الرافضة للزرفي توسيع دائرة الأزمة، من خلال رفع دعوى قضائية ضد رئيس الجمهورية برهم صالح، بتهمة انتهاك الدستور.
وقال النائب عن كتلة صادقون (الممثلة لمليشيا العصائب) حسن سالم: "قدمنا شكوى إلى المحكمة الاتحادية بخروقات رئيس الجمهورية، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يخرق فيها الدستور ولا يستمع إلى الكتلة الكبرى"، وذلك في إشارة منه إلى أن خطوة تكليفه لعدنان الزرفي لم تكن دستورية.
وأوضح الخبير بالشأن السياسي العراقي، أحمد الحمداني، أن "مساحة الاختلاف بين القوى السياسية الشيعية، هي الكبرى منذ عام 2003، وبدت أغلبها ذات بعد شخصي لا علاقة له ببرنامج حكومي أو رؤية سياسية".
ويضيف أن "القوى الرافضة للزرفي هي من تملك أغلب سلاح الفصائل المسلحة وتسيطر على مفاصل الدولة العميقة في العراق، مثل حزب الدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي، ومنظمة بدر بزعامة هادي العامري، وفصائل الحشد الشعبي، وهي بطبيعة الحال القوى المدعومة من إيران بشكل رئيسي، لذا فإن الرفض الحالي لا يمكن أن يكون ذاتياً، وإنما نابع من موقف إيراني بالدرجة الأساس".
وبين أن "لاءات إيران ما زالت تعرقل تحركات رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي نحو تشكيل حكومته رغم مرور خمسة أيام على تكليفه"، وفقاً لقوله.
وكان القيادي في تحالف "الفتح" كريم المحمداوي قد أوضح، في حديث مع "العربي الجديد" في وقت سابق، أن "تكليف عدنان الزرفي كان بطريقة غير شرعية"، واصفا موقف رئيس الجمهورية برهم صالح بأنه "مسيء للغاية".
وبين المحمداوي أن "صالح كلف الزرفي كونه محسوبا على الولايات المتحدة الأميركية، وهذا لا يمكن أن يكون عنصر استقرار للعراق، خصوصاً أن واشنطن وطهران لهما مصالح في العراق، ولهذا الزرفي سيعمل على الخلاف من إيران، وهنا يكون العراق موضع مشاكل لدول الجوار والمنطقة، وهذا ما لن نقبل به، فرئيس وزراء العراق يجب أن يكون شخصية متوازنة مع كل الأطراف، حتى تحافظ على وحدة العراق واستقراره".
وأكد أن "هناك رفضاً إيرانياً لتكليف الزرفي"، وأن "أي حوار وتفاوض مع الزرفي لا ينفع، فهناك رفض لشخصه، وهو يعمل أجندات أميركية، ولن نقبل منحه الثقة في البرلمان العراقي".